التنوع البيولوجي في مصر

تضم جمهورية مصر العربية مجموعة كبيرة من الموائل والبيئات ذات الطابع المحلي، مثل بيئات أشجار المانجروف والشعاب المرجانية والجبال والكثبان الرملية والواحات والوديان وغيرها، ويقطن هذه البيئات العديد من الأنواع النباتية والحيوانية والمجتمعات البشرية، التي تمثل كل من البيئات الاستوائية والمتوسطية، يرجع تاريخ بعضها إلى ملايين السنين، مثل الهياكل العظمية للحيتان في “وادي الحيتان” بالصحراء الغربية، موقع التراث الطبيعي العالمي في منطقة محمية “وادي الريان”، في حين تمثل بعض المواقع الأخرى العصر الحجري منذ حوالي 10 آلاف سنة.

وبالإضافة إلى بقايا بعض أنواع الحيوانات والنباتات المعمرة، التي ترجع إلى الفترات القديمة عندما كانت البيئة ملائمة، إلا أنه عندما أصبحت الظروف قاحلة، التجأت بعضها إلى مناطق مناسبة للحماية، وعلى سبيل المثال، لا تزال توجد تجمعات صغيرة من الأشجار من فصيلة “عاريات البذور”، مثل “العرعر الفينيقي”، في المواقع الجبلية بشمال سيناء، مثل “جبل المغارة، ويلج، ولابنى، والحلال”، وبالمثل، يمكن العثور على عدد قليل من الفهود في منخفض “القطارة” بالصحراء الغربية، ولكنها على شفا الانقراض.

ونظراً لموقعها الجغرافي الفريد في منتصف الطريق بين أفريقيا وآسيا، تُعد مصر موطناً لمجموعة واسعة من النظم البيئية والحياة البرية والمائية، لتتمتع بتنوع بيولوجي فريد، يساهم في الاقتصاد، ويدعم رفاهية الإنسان.

تنوع الأنظمة البيئية:

يُقصد بالنظام البيئي أي مساحة طبيعية، بما تحتويه من كائنات حية نباتية أو حيوانية أو مكونات غير حية، ويتم تقسيم كل نظام بيئي إلى مجموعة من البيئات، اعتماداً على الخصائص المورفولوجية، والمجموعات الهامة من الحيوانات والنباتات التي تسكنها، ويمكن تقسيم الأنظمة البيئية الرئيسية في مصر إلى خمسة أنواع، وهي بالترتيب من حيث المساحة:

    النظام البيئي الصحراوي، ويغطي حوالي 868 ألف و860 كيلومتراً مربعاً، بنسبة تشكل 86.89% من المساحة الإجمالية لمصر النظام البيئي البحري، ويغطي قرابة 269 ألف و204 كيلومترات مربعة النظام البيئي للأراضي الرطبة، ويغطي 70 ألف و177 كيلومتراً مربعاً، بنسبة 7.02% من مساحة مصر النظم البيئية الاصطناعية، ومنها الأراضي المستصلحة للزراعة والمزارع السمكية وغيرها من الأنشطة، وتغطي 51 ألف و938 كيلومتراً مربعاً، بنسبة 5.19% النظام البيئي للمياه العذبة، ويغطي مساحة 7 آلاف و156 كيلومتراً مربعاً، بنسبة 0.72%

وتتضمن خريطة البيئات المصرية نحو 20 مجموعة رئيسية، مثل المناطق الحضرية، والجزر، والواحات، والكثبان الرملية، والصخور المتحولة، والصخور الرسوبية، والمياه المفتوحة، وقنوات المياه العذبة، والينابيع الدافئة، مثل “العين السخنة” و”عيون موسى”، والشعاب المرجانية، وأشجار المانجروف.

تنوع الأنواع النباتية والحيوانية:

تضم كل من هذه النظم البيئية أنواعاً فريدة من الحيوانات والنباتات، تم تحديد أكثر من 22 ألف نوع من النباتات والحيوانات في النظم البيئية المتنوعة في مصر، وهناك المزيد من الأنواع الأخرى التي لا يزال يتعين إجراء المزيد من البحث العلمي عليها، وتتراوح هذه الأنواع من الأنواع المعروفة جيداً من النباتات والثدييات والزواحف والبرمائيات والأسماك والطيور، إلى اللافقاريات المائية والأرضية والفطرية والبكتيريا ذات المستوى الأقل في المعرفة، على الرغم من كونها على نفس القدر من الأهمية.

وتتميز أغلب هذه الأنواع بأنه متوطنة نتيجة لطبيعة شمال أفريقيا الجافة على مدى الـ5 آلاف سنة الماضية، والذي يتسبب في تفتيت الموائل، وعزل تلك الحيوانات والنباتات، مما سمح بتطور العديد من أشكال الحياة الفريدة، حيث توجد مناطق معزولة للتنوع البيولوجي في واحات الصحراء الغربية، وعلى قمم جبال سيناء، كما أن التنوع البيولوجي الثري نسبياً لجبل “علبة”، يضم العديد من الأشكال المستوطنة، ومع ذلك، هناك حاجة لمزيد من الأبحاث، لتقييم تفرد تلك الأنواع، بالنسبة إلى مناطق أخرى من غابات البحر الأحمر الضبابية، المتاخمة للحدود مع دولة السودان.

النظم البيئية في مصر:

النظام البيئي الصحراوي:

تغطي البيئات القاحلة وشبه القاحلة أكثر من 90% من أراضي مصر التي تضم نظم بيئية متباينة، مثل الصحراء الساحلية المتوسطية، والصحراء الغربية، التي تحتل حوالي ثلثي مساحة البلاد، وتعتبر الواحات أكثر السمات البارزة في الصحراء الغربية، وهي المصدر الوحيد للمياه والنباتات في معظم هذه المناطق الصحراوية، والصحراء المتاخمة للبحر الأحمر، المعروفة باسم الصحراء الشرقية، وهي جافة جداً، وتبلغ مساحتها حوالي 223 ألف كيلومتر مربع، والنباتات السائدة في هذه المنطقة معظمها محصور في مناطق مداخل الوديان الكبرى وعلى طول ساحل البحر الأحمر، حيث توجد المستنقعات المالحة، ومعظم النباتات المسجلة تقترن بالمعارف التقليدية في صحراء سيناء والساحل الشمالي والشرقي والغربي.

النظام البيئي البحري:

تتميز النظم البيئية البحرية لكل من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر بالعديد من البيئات والأنواع المهددة بالانقراض، وخاصة جميع الثدييات البحرية، وتشمل 17 نوعاً، والسلاحف البحرية بواقع 4 أنواع، وأسماك القرش بأكثر من 20 نوعاً، وأشجار المانجروف، والعديد من الطيور، منها “النورس أبيض العين”، و”صقر الغروب”، و”العقاب النسارية”، بالإضافة إلى التنوع البيولوجي البحري الكبير، لأكثر من 5 آلاف نوع، ممثلة في 800 نوع من الطحالب والأعشاب البحرية، و209 أنواع من الشعاب المرجانية، وأكثر من 800 نوع من الرخويات، و600 نوع من القشريات، و350 نوعاً من الجلد شوكيات، بالإضافة إلى مئات الأنواع التي لم يتم اكتشافها حتى الآن.

النظام البيئي للأراضي الرطبة:

تتمتع الأراضي الرطبة بوظائف بيولوجية وإيكولوجية حيوية، من خلال توفير بيئة مناسبة دائمة للعديد من مجموعات التنوع البيولوجي، وخاصة الطيور المائية المهاجرة، وتقع الأراضي الرطبة، أو البحيرات الساحلية المصرية، على طول ساحل دلتا النيل، ومنها “المنزلة، والبرلس، وإدكو، ومريوط”، وشرق قناة السويس، مثل “بور فؤاد، والبردويل”، وترتبط جميعها مباشرة بالبحر المتوسط، باستثناء بحيرة مريوط، وتمثل الحيوانات المائية للبحيرات الشمالية مزيجاً من أنواع المياه العذبة والأنواع البحرية، وتعتبر أنواع سمكة “البلطي”، التي تعيش في المياه العذبة، هي المصيد السائد في تلك المناطق، كما يسكن العديد من أنواع الأسماك النيلية هذه البحيرات، مثل “القراميط، والبني، وقشر البياض، والبياض النيلي، والمبروك”، كما توجد العديد من الأنواع البحرية المتحملة للمياه العذبة في بحيرات الدلتا، بما في ذلك أسماك “البوري، وموسى، والدنيس، والقاروص، ولوت، والحنشان والجمبرى”.

النظام البيئي الزراعي:

أخذت بيئات الأراضي الزراعية في التقلص منذ أواخر الثمانينيات، ويعتقد أن هذه الانخفاضات مرتبطة بالتغير في استخدام الأراضي وتغير الممارسات الزراعية، كما أدى إدخال الأصناف ذات الإنتاجية العالية واستخدامها على نطاق واسع، إلى إهمال واختفاء الأصناف التقليدية، وتآكل التنوع الجيني النباتي للمحاصيل، وتعتمد مصر، حالياً، على 4 محاصيل رئيسية، هي “القمح، والذرة، والأرز، والبطاطس”، لتوفير 50% من غذائها النباتي، و14 نوعاً من الثدييات والطيور، لتوفير 90% من البروتينات الحيوانية.

النظام البيئي للمراعي:

تُعتبر المراعي الموجودة في منطقة جبال “علبة، ووادي العلاقي” في الجنوب، وفي منطقتي “العميد” على البحر المتوسط، وسيناء في الشمال، أكثر مناطق المراعي في مصر، ويخضع استخدام هذه الموارد في كل من هذه المناطق لشيخ القبيلة، حيث يضع قواعد لاستغلال مياه الآبار، وقطع الأشجار المستخدمة في بناء المنازل أو الوقود.

النظام البيئي الجبلي:

توجد البيئات الجبلية في عدة أماكن، منها “جنوب سيناء، والعوينات، والبحر الأحمر، وعلبة”، وتغطي حوالى 0.7% من إجمالي مساحة الأراضي المصرية، وتشتمل على أمثلة حصرية من التنوع البيولوجي النباتي والحيواني.