المطالبة بسن التشريعات للقضاء على العنف ضد النساء.. ودعوة للتآزر بين السياسات التنموية
بينما تئن المنطقة العربية تحت وطأة جائحة «كوفيد-19»، عقد المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2021 فعالياته عبر منصات التواصل الإلكتروني على مدار 3 أيام، خلال الفترة من 29 إلى 31 مارس الماضي، تحت عنوان «إسراع العمل نحو خطة عام 2030 ما بعد كوفيد»، برئاسة المملكة العربية السعودية، التي ستتولى رفع توصيات المنتدى باسم المنطقة العربية إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، الذي يُعقد في نيويورك، خلال شهر يوليو القادم.
ويُعد المنتدى العربي للتنمية المستدامة، الذي تنظمه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الإسكوا»، بالتعاون مع جامعة الدول العربية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ملتقى سنوي إقليمي رفيع المستوى، لمناقشة سبل التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات المعنية في تنفيذ ومتابعة واستعرض خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ويحمل المنتدى بما يصدر عنه من توصيات صوت المنطقة ومساهمتها في المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة.
وتضمن البيان الختامي للمنتدى مجموعة من التوصيات، من ضمنها تفعيل دور المؤسسات، لضمان التوزيع الأمثل للخدمات والموارد، واحترام حقوق الإنسان وكرامته، من أجل تعاف شامل من جائحة «كوفيد-19»، حيث أكد أن الجائحة كشفت عن أن الفئات الأكثر تضرراً في المنطقة العربية، هي تلك التي كانت مهملة أصلاً، الأمر الذي يبرز ضرورة توسيع نطاق الحماية الاجتماعية، لضمان شمول الجميع، وتحقيق الوعد بعدم إهمال أحد، في مرحلة التعافي وما بعدها.
وخلال تلاوته للبيان الختامي أمام المشاركين في المنتدى، والذين بلغ عددهم أكثر من 2000 من المسؤولين الحكوميين والخبراء والمعنيين، من نحو 50 دولة من المنطقة العربية وخارجها، أكد نائب وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل بن فاضل الإبراهيم، أن «الجائحة حفزت الجميع على التحرك والاستثمار والتطوير والابتكار، وحثت الحكومات على التوجه نحو التفكير في الاستراتيجيات الاستباقية، عوضاً عن التفاعلية، للتغلب على الأزمات المستقبلية».
وتطرق المنتدى إلى التحديات المتداخلة التي تعاني منها المنطقة في تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، خاصةً المتعلقة بالفقر، والجوع، والصحة، والمساواة بين الجنسين، والنمو الاقتصادي، واللا مساواة، والاستهلاك والإنتاج المسؤولين، وتغير المناخ، والسلام والعدل، والمؤسسات القوية، إلى جانب الشراكات في تمويل التنمية، وتفعيل جمع البيانات الموثوقة، والتكنولوجيا، داعياً إلى تعزيز التعاون في ما بين الدول وكافة أصحاب الشأن، في رسم السياسات وتنفيذ البرامج.
وبينما دعت نائب الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، التي حضرت الجلسة الختامية للمنتدى، إلى «الابتعاد عن وضع وصفات معدة مسبقاً للمنطقة، وأن نلجأ في رحلتنا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلى تحديد المشاكل التي يعيشها كل بلد على وجه الخصوص، لاقتراح الحلول المناسبة له»، فقد لفت البيان إلى أن موضوع تمويل التنمية كان شغل مساحة كبيرة من مناقشات المنتدى، حيث أكد المشاركون على تعزيز الالتزام بخارطة طريق إقليمية، وآليات استجابة منسقة، للحد من التدفقات المالية غير المشروعة، والتهرب من الضرائب، والفساد المالي، لسد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة، وزيادة الإيرادات المالية، وإعادة توجيه النفقات في مرحلة التعافي.
وعلى هامش المؤتمر، نظمت الإسكوا والمكتب الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، حواراً إقليمياً حول مؤتمر قمة النظم الغذائية، ناقش خلاله المشاركون المسارات والإجراءات الخاصة للتحول نحو نظم غذائية عادلة ومستدامة، وكيفية دعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وبالشراكة مع منظومة جوائز القمة العالمية، أطلقت الإسكوا جائزة تقديرية للجهود المبذولة لتطوير المحتوى الرقمي العربي من أجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية، ستكون مفتوحة أمام المؤسسات ورواد الأعمال الشباب من جميع الدول العربية، لتقديم تطبيقات محتوى رقمي عربي، أو منتجات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على المجتمع.
وقالت الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الإسكوا»، ، الدكتورة رولا دشتي، في كلمتها أمام الجلسة الختامية للمنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2021: «دعوني أذكركم بأننا 436 مليون عربي، لدينا 436 مليون طموح وطموح، لنعمل معاً متسلحين بقيمنا العربية وإرادتنا الصلبة، ومستخدمين العلم والابتكار، لتحقيق أحلامنا، وجعل منطقتنا آمنة وعادلة ومزدهرة».
وتضمنت مناقشات المنتدى الدعوة إلى تطوير الأنظمة الصحية، بما يضمن تقديم الرعاية للجميع، وتطوير سياسات تدعم إيجاد فرص العمل، وأهمية الاستفادة من التجارب الناجحة، كما ناقش أهمية سن وتفعيل التشريعات لإنهاء جميع أشكال التمييز والعنف ضد النساء، وتوسيع نطاق تمثيل ومشاركة المرأة في جميع جوانب الحياة العامة، فضلاً عن مناقشة دور القطاع الخاص في تحريك عجلة الاقتصاد بالمنطقة، ودور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاستجابة للجائحة والتكيف مع تحدياتها.
وخلال مشاركتها في الجلسة الافتراضية للمنتدى العربي للتنمية المستدامة حول العمل المناخي، أكدت وزيرة البيئة المصرية، الدكتورة ياسمين فؤاد، أن مصر اتخذت خطوات هامة لضمان الاستدامة البيئية، من أبرزها موافقة مجلس الوزراء على إصدار المعايير الخاصة بهذا الشأن، بالإضافة إلى إصدار السندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار، كما شددت على أهمية التآزر بين السياسات التنموية لقطاعات الدولة المختلفة، باعتبارها ضرورية لخدمة قضية التغيرات المناخية.
وفي ضوء تحليل للوضع الراهن لحالة أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية، دق التقرير العربي للتنمية المستدامة لعام 2020 ناقوس الخطر، منذراً بأن المنطقة بعيدة عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بل أن الوضع عاد إلى ما كان عليه قبل بداية أزمة «كوفيد-19»، وأشار التقرير إلى أنه بات من الضروري إحداث تغييرات جذرية على مستوى جميع الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والبيئية للتنمية.
ووفق التقرير العربي للتنمية المستدامة للعام الماضي، فقد حالت جائحة «كوفيد-19» دون إحراز تقدم على مسار أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية، وفي حين ضربت الجائحة بلداناً عربية معيّنة أكثر من غيرها، فجميع أبعاد التنمية ستكون متضررة على مدى سنوات في جميع أنحاء المنطقة، وبالتالي، ينبغي ألا تقتصر الاستجابة على الاعتراف بالصلة بالترابط بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية، بل أن تكون أيضاً متسقة تماماً مع أهداف التنمية المستدامة.