وضعت الدول العربية قضية النفايات الإلكترونية والكهربائية شعاراً للاحتفالية السنوية بمناسبة «يوم البيئة العربي» لعام 2020، الذي يوافق يوم 14 أكتوبر من كل عام، ويوافق تاريخ صدور قرارات الاجتماع الأول لمجلس الوزراء العرب المسئولين عن شؤون البيئة، في عام 1987، أي منذ 33 عاماً.
وبينما اعتمد المجلس الوزاري، في اجتماعه التأسيسي، عدداً من البرامج لترجمة «الإعلان العربي عن البيئة والتنمية»، إلى مجالات تعاون مشتركة، من بينها مكافحة التصحر، ومكافحة التلوث الصناعي، ونشر الوعي البيئي، فقد اتسعت اهتمامات المجلس، على مدار هذه السنوات، لتشمل موضوعات التنمية المستدامة، والاقتصاد الأخضر، وتغير المناخ، وغيرها من الموضوعات التي تؤثر على جودة حياة المواطنين في مختلف الدول العربية.
ومنذ ذلك التاريخ، تحتفل الدول العربية، والمنظمات العربية المتخصصة وشركاء المجلس، بمناسبة «يوم البيئة العربي»، من خلال تنظيم ندوات وأنشطة وبرامج مختلفة، لنشر الوعي البيئي، ومناقشة أهم القضايا والتحديات البيئية في المنطقة العربية، ويتم اختيار موضوع رئيسي للاحتفالات في كل عام، وتم هذا العام اختيار موضوع «النفايات الإلكترونية والكهربائية.. واقع وحلول».
ويهدف هذا الشعار إلى إلقاء الضوء على أهمية التخلص الآمن وإعادة التدوير للمخلفات الإلكترونية والكهربائية، التي تضخمت أحجامها، في ظل التطور المتسارع للتكنولوجيا، وتقادم منتجاتها، وما تمثله المخلفات الإلكترونية من أضرار بيئية وصحية كبيرة.
وقد حرصت الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» على الاحتفال بهذه المناسبة، بورقة عمل بعنوان «دور ونماذج من المجتمع المدني لمواجهة مشكلة النفايات الإلكترونية والكهربائية»، قدمها الدكتور عماد الدين عدلي، المنسق العام للشبكة، خلال احتفالية نظمتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»، برئاسة الدكتور هيثم عبد الله سلمان، مدير إدارة العلوم والبحث العلمي بالمنظمة.
وبينما اعتبر منسق «رائد» أن المخلفات الإلكترونية تشكل تحدياً بالغاً لجميع دول العالم، لما تحتويه من مواد سامة ومركبات معقدة، فقد أكد أنها تمثل ما يقرب من 50% من المخلفات البلدية، وفي حالة عدم إدارتها بشكل سليم، فإنها تشكل تهديداً كبيراً لسلامة البيئة بشكل عام، وخاصةً التربة والمياه الجوفية، حيث تحتوي لوحات الدوائر الإلكترونية والبطاريات والأسلاك والمقاومات والمكثفات، وغيرها من الأجزاء الداخلية الدقيقة، على معادن ومواد كيماوية سامة، وتزداد خطورتها عند حرق هذه المخلفات شديدة السمية، والتي ينتج عنها غازات مثل أكاسيد الكربون والكبريت والنيتروجين، والتي تكون، بتفاعلها مع المركبات العضوية المتطايرة، ما يُعرف بـ«الأوزون الأرضي».
وأشار «عدلي» إلى تقرير أصدرته الأمم المتحدة في عام 2019 الماضي، خلص إلى أن كمية النفايات الإلكترونية والكهربائية (e-waste) التي ينتجها البشر سنوياً، تبلغ نحو 50 مليون طن، وفيما تذهب أغلب كمية هذه النفايات إلى مواقع التخلص العشوائي وتتسرب إلى الطبيعة، فإن ما يجري استرجاعه وتدويره نظامياً لا يزيد على 20% من مجمل الكمية المتولدة.
وأضاف أن التقديرات الرسمية تشير إلى أن كمية النفايات الإلكترونية المتولدة سنوياً في الدول العربية، تبلغ حوالي 3 ملايين طن، أكثر من نصفها ينتج عن ثلاث دول، هي مصر والسعودية والجزائر، ويصل متوسط ما ينتجه المواطن العربي من النفايات الإلكترونية سنوياً إلى 6.8 كيلوغرام، حيث ترتفع النسبة في الدول الخليجية، إلى جانب لبنان والجزائر، إلى أكثر من 11 كيلوغرام، وتقفز النسبة في السعودية والكويت والبحرين وعُمان إلى أكثر من 15 كيلوغرام، وينخفض معدّل توليد النفايات الإلكترونية في باقي الدول إلى نحو 6 كيلوغرامات أو أقل، فتبلغ في العراق 6.6 كيلوغرام، وفي الأردن وتونس ومصر 5.6 كيلوغرام، وفي موريتانيا والسودان 1.3 كيلوغرام.
ودعا المنسق العام لشبكة «رائد» إلى أهمية بناء المنهج التشاركي مع كل الأطراف المعنية وذات الصلة بقضية إدارة المخلفات الإلكترونية، للوصول إلى تصور واضح ومحدد يساهم في إيجاد حلول منطقية للحد من تأثيرات هذه الإدارة الخاطئة، وكذلك تسليط الضوء على مخاطر هذه المخلفات، والمطالبة بسن تشريعات وقوانين من شأنها تفعيل القرارات الخاصة بالاتفاقيات الدولية التي تتعامل مع النفايات الخطرة بشكل عام، وأهمية التوعية وبناء القدرات لكل الفئات والقطاعات المختلفة، كقطاع الشباب والمرأة والطفل، بالإضافة إلى أهمية تكوين التحالفات المدنية على المستوى الوطني والإقليمي، من اجل تبادل الخبرات، وتوفير الدعم الفني والمالي لإقامة مشروعات إقليمية تساهم في نشر مفهوم إدارة النفايات الإلكترونية والكهربائية.
كما احتفلت وزارة البيئة المصرية بيوم البيئة العربي، عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعرض عدد من الفيديوهات والتنويهات للتوعية بآثار النفايات الإلكترونية على البيئة والإنسان، ودور الفرد والمجتمع في التخلص الآمن منها، وأكدت وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، على أهمية هذا الحدث في إلقاء الضوء على أهمية التخلص الآمن وإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية والكهربائية، التي تضخمت أحجامها في ظل التطور المتسارع للتكنولوجيا، وتقادم منتجاتها، وما تمثله المخلفات الإلكترونية من أضرار بيئية وصحية كبيرة، في حالة عدم التخلص الآمن منها.
وأشارت وزيرة البيئة إلى أن شعار هذا العام يؤكد على أهمية التضامن العربي على كافة المستويات، لمواجهة كافة التحديات البيئية، خاصةً التخلص الآمن من النفايات الإلكترونية، من أجل الاتجاه نحو مستقبل مستدام، يضمن صحة الإنسان وكوكب الأرض، وأضافت أن الوزارة عرضت عدداً من الفيديوهات والتنويهات، بالتزامن مع الاحتفال بيوم البيئة العربي، للتأكيد على أهمية توعية المواطنين، وخاصةً الشباب، بأهمية حماية البيئة، والمشاركة في الإدارة السليمة للمخلفات الإلكترونية.
وشددت «فؤاد» على دعم الحكومة للعمل البيئي، كأحد أهم محاور «رؤية مصر 2030» للتنمية المستدامة، للحفاظ على صحة الإنسان، والذي يشمل التخلص الآمن من النفايات الإلكترونية، وهو ما برز في تحقيق العديد من الإنجازات، ومنها تقديم الدعم لعدد من المصانع العاملة في مجال تدوير المخلفات الإلكترونية، لتحويلها من قطاع غير رسمي إلى قطاع رسمي، بالإضافة إلى إصدار القرار الوزاري الخاص بتشكيل اللجنة الوطنية للإدارة المستدامة للمخلفات الإلكترونية، لوضع السياسات الخاصة بكيفية التعامل مع تلك القضية الهامة، علاوة على تدريب العاملين بالجمارك بمختلف الموانئ المصرية، حول كيفية التعرف على المخلفات الخطرة، وإجراءات نقلها عبر الحدود، طبقاً للقوانين المحلية والاتفاقيات الدولية، وإصدار كتيب إرشادي لمفتشي الجمارك في هذا الشأن.
وأكدت وزيرة البيئة على تشجيع ودعم الوزارة للمبادرات الخاصة بالحد من آثار المخلفات الإلكترونية، ومنها مبادرة تطوير تطبيق إلكتروني خاص بجمع المخلفات الإلكترونية من الأفراد (e-tadweer) المزمع إطلاقه الشهر القادم، و الذي يعتبر بداية لتفعيل نظام المسئولية الممتدة للمنتِج، حيث يتيح للمواطن التنويه عن المخلفات التي لديه، ويقوم أحد منتجي الأجهزة الكهربائية المشتركين في التطبيق بجمع هذه المخلفات، وتقديم كوبون تخفيض لأحد منتجات شركته، والتواصل مع أحد مصانع التدوير الرسمية لتسليم المنتج المستهلك لإعادة تدويره.
كما شددت «فؤاد» على دعم المبادرة الشبابية «هواتف من أجل الخير» لجمع المخلفات الإلكترونية من الأفراد، والتخلص الآمن منها، وتخصيص جزء من الأرباح لدعم تعليم الأفراد غير القادرين، بالإضافة إلى التعاون مع منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، وبالتعاون مع برنامج المنح الصغيرة، الممول من مرفق البيئة العالمية، لبناء القدرات لتلك الجمعيات المشاركة في إعداد مشروعات لدعم الإدارة السليمة للمخلفات الإلكترونية.