استخدام منتجات البلاستيك أصبح جزءاً من حياتنا اليومية، بدايةً من أكياس البقالة وأدوات المائدة، وصولاً إلى زجاجات المياه ومواد تغليف السندويتشات، إلا أن عدم استخدام المواد البلاستيكية بكفاءة، أدى إلى إهدار موارد قيمة، وإلحاق الضرر بالبيئة، الأمر الذي بات يهدد صحة البشر أنفسهم بمخاطر لا حصر لها.
يُمثل الإفراط في استهلاك البلاستيك، وسوء إدارة النفايات البلاستيكية تهديداً متنامياً، مما يتسبب في امتلاء مكبَّات النفايات عن آخرها، وخنق الأنهار، وتهديد الأنظمة الإيكولوجية البحرية، ولكل هذا تأثير سلبي على القطاعات البالغة الأهمية بالعديد من الاقتصادات، ومن بينها السياحة والشحن ومصايد الأسماك.
وتُعد منطقتنا العربية واحدة من النقاط الساخنة للتلوث بالمواد البلاستيكية، بسبب التوسع العمراني السريع، وصعود الطبقة الوسطى، التي يتزايد استهلاكها من المنتجات البلاستيكية ومواد التغليف، لسهولة التعامل معها وتعدد استخداماتها.
إلا أن البنية التحتية المحلية لإدارة النفايات في كثير من الدول العربية لم تواكب وتيرة هذه التطورات المتلاحقة في استخدام المواد البلاستيكية، مما أدى إلى تراكم كميات كبيرة من النفايات، في غياب الإدارة السليمة، ودون وجود رؤية واضحة للاستفادة من كل هذه الكميات المتراكمة.
ووفق تقرير حديث للأمم المتحدة حول التلوث بالبلاستيك، فإن غالبية دول العالم يمكنها التخلص من نسبة لا تزيد على 22% فقط من مخلفات البلاستيك، إما عن طريق الحرق، أو إعادة التدوير، بينما تشق النسبة المتبقية طريقها إلى السلسلة الغذائية للبشر، إما من خلال التربة الزراعية، أو عبر البيئة البحرية.
وبحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإنه من المتوقع أن تشكل النفايات البلاستيكية حوالي 85% من إجمالي المخلفات التي يتم التخلص منها في المسطحات المائية بأنحاء العالم، في عام 2030، كما يتوقع أن يبلغ حجم النفايات البلاستيكية في البيئة البحرية، بحلول عام 2040، أكثر من 37 مليون طن متري سنوياً.
وفي إشارة إلى الفرص المتاحة من إعادة تدوير المواد البلاستيكية، أشار تقرير للبنك الدولي إلى أن ما يزيد على 57% من مخلفات البلاستيك التي يتم التخلص منها في مكبات النفايات، هي مواد قابلة لإعادة التدوير، ويمكن أن تحقق عائدات اقتصادية بما يتجاوز 50 مليار دولار سنوياً.
وبالفعل، تنبهت كثير من الدول لتلك الفرص الضائعة، وبدأت في إعداد خطط لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية، مع منح أولويات وامتيازات للاستثمارات المتعلقة بهذا القطاع، كما قطعت بعض الشركات العالمية تعهدات على نفسها، لجعل عبوات التغليف البلاستيكية المستخدمة قابلة لإعادة الاستخدام أو التدوير، أو تحويلها إلى أسمدة عضوية بحلول عام 2025.
ورغم توافر العديد من الفرص لتحقيق أرباح اقتصادية من إعادة تدوير البلاستيك، أشارت دراسة للبنك الدولي إلى أن مثل هذه التجارب مازالت في طور النشوء، ولا تتناسب مع التحديات المتزايدة لمشكلة النفايات البلاستيكية، كما أن اقتصاديات إعادة التدوير تواجه بعض التحديات نظراً لأن البلاستيك الخام يمكن الحصول عليه بتكلفة أقل من المواد البلاستيكية القابلة لإعادة التدوير.