حذرت دراسة علمية جديدة من أن ذوبان الصفائح الجليدية في «غرينلاند» قد يزيد من مخاطر الفيضانات في جميع أنحاء العالم، في ظل اختفاء أكثر من 3.5 تريليون طن من الغطاء الجليدي للقطب الشمالي، على مدار العقد الماضي.
وقرر فريق من العلماء، بقيادة مجموعة بحثية في جامعة ليدز، أن الذوبان أدى إلى زيادة مستويات سطح البحر في جميع أنحاء العالم بمقدار سنتيمتر واحد، باستخدام بيانات الأقمار الصناعية للصفائح الجليدية الضخمة، وحدث ثلث الارتفاع في فصلين فقط (2012 و2019)، عندما أدى الطقس القاسي إلى مستويات قياسية من ذوبان الجليد، لم تُلاحظ في الـ40 عاماً الماضية.
وخلال هذه الفصول الصيفية، تحرك الهواء الدافئ فوق جزء كبير من هامش الغطاء الجليدي، وهو المكان الواقع بين الجليد والنهر الجليدي، ما أدى إلى زيادة ذوبان السطح، وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي التٌقطت حديثاً، أن ذوبان الجليد يختلف اختلافاً كبيراً، اعتماداً على الموسم، وأنه كان سبباً كبيراً لموجات الحرارة المتدفقة حول «غرينلاند».
وقدر العلماء أن ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند تسبب في حوالي 25% من ارتفاع مستوى سطح البحر على المستوى العالمي، الذي شوهد خلال العقود القليلة الماضية، وفي حالة ذوبان كل جليد غرينلاند، فإن مستوى سطح البحر سيرتفع بمقدار 20 قدماً، لكن من غير المتوقع أن يحدث هذا في أي وقت قريب.
وقال توماس سلاتر، من مركز المراقبة والنمذجة القطبية بجامعة «ليدز»، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الفرنسية: «كما رأينا في أجزاء أخرى من العالم، فإن غرينلاند معرضة أيضاً لزيادة الظواهر الجوية المتطرفة، ومع ارتفاع درجة حرارة مناخنا، من المنطقي توقع حدوث حالات الذوبان الشديد في غرينلاند في كثير من الأحيان».
واستخدم «سلاتر» وزملاؤه القمر الصناعي (CryoSat-2) لجمع قياسات ذوبان الجليد من يناير 2011 حتى أكتوبر 2020، من أجل حساب تغيرات ارتفاع السطح عبر الصفيحة الجليدية في غرينلاند، كما كتب الفريق في الدراسة المنشورة في مجلة «نيتشر».
وقورنت هذه البيانات بعد ذلك بنحو 15380 من التقديرات المعاصرة والمستقلة، التي حُددت من قياس الارتفاع بالليزر المحمول جواً، وهو جهاز على الأقمار الصناعية التي تدور حول كوكب الأرض، لرسم خريطة لتضاريس الأرض، وكلها أظهرت مقدار ذوبان الصفائح الجليدية في غرينلاند.
وأوضحت وكالة أبحاث الفضاء والطيران الأمريكية «ناسا» أنه «يمكن حساب ارتفاعات ميزات السطح من خلال مقارنة المدة التي تستغرقها نبضة الليزر، لرجع الصدى في مواقع مختلفة».
وقدم الفريق مثالاً للبيانات التي جمعت في عام 2012، والتي كشفت عن تغييرات في أنماط الغلاف الجوي، تسببت في تحريك الهواء الدافئ، بشكل غير عادي، فوق الغطاء الجليدي لأسابيع، وفقدان أكثر من 527 مليار طن من الجليد.
ووجدت ملاحظة منفصلة لغرينلاند أن صفائحها الجليدية فقدت 8.5 مليار طن من الكتلة السطحية، في 27 يوليو، وهو ما يكفي من الجليد لتغطية فلوريدا في بوصتين من الماء.
وكان هذا الذوبان الشديد نتيجة لموجات الحر في شمال غرينلاند، التي رفعت درجات الحرارة إلى أكثر من 68 درجة فهرنهايت، ضعف متوسط درجة الحرارة في الصيف، وفقاً للمعهد الدنماركي للأرصاد الجوية.
وفي حين أن هذا الحجم كان أقل من الرقم القياسي لذوبان الجليد في يوم واحد في عام 2019، والذي كان 12.5 مليار طن، فقد غطى حدث يونيو مساحة أكبر، ويمكن لأحداث الذوبان أن تخلق حلقات تغذية مرتدة تؤدي إلى مزيد من الاحترار والذوبان في غرينلاند، وفقا لماركو تيديسكو، عالم المناخ في جامعة كولومبيا.
وعندما يذوب الثلج، فإنه يعرض الجليد الداكن أو الأرض تحته، والتي تمتص المزيد من ضوء الشمس بدلاً من عكسها مرة أخرى خارج الغلاف الجوي، حيث تُعد الطبقة الجليدية في غرينلاند ثاني أكبر كتلة من جليد المياه العذبة على هذا الكوكب، حيث تبلغ مساحتها حوالي 695000 ميل مربع، وهي في المرتبة الثانية بعد القارة القطبية الجنوبية.
وبدأ ذوبان الصفائح الجليدية في عام 1990 وتسارع منذ عام 2000، ويقول الباحثون في محطة القطب الشمالي، إن فقدان الكتلة في السنوات الأخيرة أكبر بأربعة أضعاف مما كان عليه قبل عام 2000.
ويبدأ ذوبان غرينلاند عادةً في يونيو ويستمر حتى أغسطس، لكن البيانات تظهر أن الجزيرة فقدت أكثر من 100 مليار طن من الجليد منذ يونيو الماضي.