سيبقى تاريخ 22 يناير 2021 عالقاً في أذهان الملايين في أنحاء العالم، حيث أنه في هذا التاريخ دخلت معاهدة حظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ، وهي أول معاهدة متعددة الأطراف لنزع السلاح النووي منذ أكثر من عقدين، حظيت بتأييد ما يقرب من ثلثي دول العالم في عام 2017.
وبهذه المناسبة، وجه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كلمة إلى زعماء وشعوب العالم، جدد فيها التأكيد على أن «الأسلحة النووية تشكل مخاطر متزايدة، ويجب القضاء عليها بشكل عاجل، من أجل منع التداعيات الكارثية على البشر والبيئة في حال استخدامها».
وبينما اعتبر أن «المعاهدة تمثل خطوة مهمة، نحو تهيئة عالم خالٍ من الأسلحة النووية، ودليلاً قوياً على تأييد الأخذ بالنُهج متعددة الأطراف إزاء نزع السلاح النووي»، فقد أكد «غوتيريش» أن قضية إزالة الأسلحة النووية تظل أولى أولويات الأمم المتحدة فيما يتعلق بنزع السلاح.
ودعا الأمين العام جميع دول العالم إلى «العمل معاً لتحقيق هذا الطموح في تعزيز الأمن المشترك والسلامة الجماعية»، معرباً في الوقت نفسه عن تطلعه للاضطلاع بالمهام المسندة بموجب المعاهدة، بما في ذلك الأعمال التحضيرية للاجتماع الأول للدول الأطراف.
وبعد أن أثنى على الدول التي صادقت على المعاهدة، رحب المسؤول الأممي بما وصفه «الدور الفعال للمجتمع المدني في الدفع قدماً بالمفاوضات، وفي دخول المعاهدة حيز النفاذ»، مشيراً إلى أن الناجين من التفجيرات والتجارب النووية كانوا، بما قدّموه من شهادات مأساوية، قوة معنوية محفزة للمعاهدة، وقال: «يمثل دخول المعاهدة حيّز النفاذ إشادة بما بذلوه على الدوام من مساع للدعوة إليها».
ورغم أن «غوتيريش» أعاد التذكير بالدوافع التي قدمتها الحملة الأممية لإلغاء الأسلحة النووية، التي فازت بجائزة «نوبل للسلام» عام 2017، لحشد الدعم للمعاهدة، ولفت الانتباه إلى فظاعة الحروب النووية، إلا أن كثيراً من الخبراء يؤكدون أنها لن تؤدي إلى نزع السلاح النووي، ما دامت الدول التي لديها ترسانات نووية، وحلف شمال الأطلسي «الناتو» يتخذون موقفاً معارضاً لها.
وتنص المعاهدة، التي تم اعتمادها في 7 يوليو 2017، خلال مؤتمر عقدته الأمم المتحدة في مقرها بنيويورك، لتكون «أول صك متعدد الأطراف» ملزماً قانوناً لنزع السلاح النووي، على أنه يجب على الدول التي صادقت عليها «ألا تقوم أبداً، تحت أي ظرف من الظروف، بتطوير أو اختبار أو إنتاج أو تصنيع أو حيازة أو امتلاك أو تخزين أسلحة نووية، أو أجهزة نووية متفجرة أخرى».
وبينما أعلنت الحملة الدولية للتخلص من الأسلحة النووية، الخريف الماضي، أن 50 دولة قد صادقت على معاهدة حظر الأسلحة النووية (NPT)، بحيث أصبحت جاهزة لدخول حيز التنفيذ في 22 يناير 2021، بينما كانت دول «النادي النووي»، روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين، قد أعلنت في وقت سابق من عام 2018، أنها لن توقع على المعاهدة.
كما أعلنت اليابان، قبل أيام من الموعد المحدد لدخول المعاهدة حيز التنفيذ، أنها لا تعتزم الانضمام للمعاهدة، وقال رئيس الوزراء الياباني أمام جلسة برلمانية: «لا نفكر في التوقيع على هذه المعاهدة»، معتبراً أن «الطريق الأنسب المضي قدماً في خفض الأسلحة النووية»، ولا تمتلك اليابان أسلحة نووية خاصة بها، ولكنها تعتمد على المظلة النووية الأمريكية.
وعلى الصعيد العربي، فقد رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بدخول معاهدة حظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ، معتبراً أنها «إضافة هامة لمنظومة نزع السلاح وعدم الانتشار النووي في العالم»، معرباً عن أمله في أن هذا التطور من شأنه أن يدشن مرحلة جديدة، ويشكل حافزاً لتكثيف الجهود الدولية لتحقيق الهدف الأسمى، وهو «التخلص من الأسلحة النووية بشكل نهائي ولا رجعة فيه».
ولفت مصدر مسؤول بالأمانة العامة، بحسب ما جاء في بيان رسمي، إلى أن الدول العربية كانت داعمة للجهود الدولية خلال العملية التفاوضية لهذه المعاهدة، بالرغم من مقاطعة إسرائيل لهذا المسار، امتداداً لسياساتها المناهضة لنزع السلاح النووي، ومواقفها المعارضة للجهود الدولية الرامية لإخلاء العالم من الأسلحة النووية، ولاسيما منطقة الشرق الأوسط.
وبينما أكد المصدر أنه حان الوقت لتكثيف الجهود الدولية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، بما يتوافق تماماً مع أهداف هذه المعاهدة، فقد نبه إلى أن الاهتمام الدولي بزيادة انضمام الدول إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، لا يعني بأي حال من الأحوال، قبول الدول العربية مزيد من التسويف لتحقيق عالمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط، بسبب تعنت إسرائيل في الانضمام إليها، وإخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة، التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واختتم المصدر بالتأكيد على أن «هذا الأمر هو مطلب دولي وليس عربي كما يزعم البعض»، وشدد على أن معاهدة حظر الأسلحة النووية تدعم وتكمل منظومة نزع السلاح النووي، وليست بديلاً لها، وفق ما نقل البيان الصادر عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.