جرس إنذار جديد أطلقه برنامج الأمم المتحدة للبيئة خلال الأسبوع الأول من عام 2021، حذر فيه من أن كافة الشعاب المرجانية في جميع البحار حول العالم يمكن أن تتعرض للإبيضاض، أو يتحول لونها إلى الأبيض، قبل حلول نهاية القرن الجاري، ما لم يشهد العالم انخفاضاً جذرياً في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في غضون سنوات قليلة.
لتيسيا كارفالو، رئيسة فرع المياه العذبة والبحرية ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة، قالت إنه «في ظل التقاعس عن العمل، ستختفي الشعاب المرجانية قريباً»، وأضافت قائلة: «يجب أن تتصرف الإنسانية بشكل ملح، قائم على الأدلة والطموح والابتكار، لتغيير مسار هذا النظام البيئي، قبل فوات الأوان».
وتُعتبر الشعاب المرجانية مهمة للغاية، وهي تحافظ على مجموعة متنوعة من الحياة البحرية، كما أنها تحمي السواحل من التعرية بسبب الأمواج والعواصف، وتساعد في إعادة تدوير المغذيات، وسيكون لخسارتها عواقب وخيمة، ليس فقط على الحياة البحرية، ولكن أيضاً على أكثر من مليار شخص على مستوى العالم، يستفيدون منها بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتتعرض الشعاب المرجانية للإبيضاض عندما ترتفع درجات حرارة المياه، مما يؤدي إلى طرد الطحالب المجهرية النابضة بالحياة، التي تعيش في أنسجة المرجان، وعلى الرغم من أن الشعاب المرجانية المبيّضة لا تزال حية، ويمكن استعادة طحالبها، إذا تحسنت الظروف، إلا أن فقدان الطحالب يضعها تحت ضغط متزايد، وإذا استمر التبيض طويلاً يؤدي إلى موت المرجان.
وشهد العالم حادث تبيض مرجاني مؤخراً، بدأ في عام 2014 واستمر لنحو 4 سنوات، حتى أواخر 2017، وانتشر عبر المحيطات الهادئ والهندي والأطلسي، وكان هذا الحادث هو الأطول والأكثر انتشاراً وتدميراً يتم تسجيله منذ بداية رصد تأثيرات التغيرات المناخية على البيئة البحرية.
وفي تقرير بعنوان «توقعات ظروف تبيّض المرجان في المستقبل»، يحدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة الروابط بين تبيّض المرجان وتغيّر المناخ، ويفترض البرنامج سيناريوهين محتملين، السيناريو «الأسوأ للاقتصاد العالمي»، وهو مدفوع بشدة بالوقود الأحفوري مثل النفط، وسيناريو «منتصف الطريق»، حيث تتجاوز البلدان تعهداتها الحالية للحد من انبعاثات الكربون بنسبة 50 في المائة.
وفي ظل سيناريو الوقود الأحفوري الثقيل، يقدر التقرير أن كل واحدة من الشعاب المرجانية في العالم سوف تتعرض للتبيّض بحلول نهاية القرن، مع حدوث تبيّض حاد سنوي في المتوسط بحلول عام 2034، قبل 9 سنوات من التوقعات التي تم إصدارها قبل 3 سنوات، وهذا من شأنه أن يمثل نقطة اللا عودة للشعاب المرجانية، مما يهدد قدرتها على توفير مجموعة من خدمات النظام البيئي، من بينها الغذاء، وحماية السواحل والأدوية وفرص الترفيه، أما في حالة إذا ما حققت البلدان سيناريو «منتصف الطريق»، يمكن أن يتأخر التبيّض الشديد لمدة 11 عاماً، حتى عام 2045.
واعتبر معد التقرير، روبن فان هويدونك، وهو باحث في مجال الشعاب المرجانية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة الأمريكية، أن «الجزء المحزن هو أن التوقعات أكثر خطورة من ذي قبل«، وأضاف أن ذلك يعني «أننا نحتاج حقاً إلى محاولة تقليل انبعاثات الكربون، لإنقاذ هذه الشعاب المرجانية، ويوضح التقرير أننا بحاجة إلى القيام بذلك بشكل أكثر إلحاحاً، واتخاذ المزيد من الإجراءات، لأنه أسوأ مما كنا نظن».
ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، في حين أنه من غير المعروف بالضبط كيف تتأقلم الشعاب المرجانية مع درجات الحرارة المتغيرة، يتحقق التقرير من إمكانية حدوث هذه التكيّفات بافتراض ما بين 0.25 درجة مئوية ودرجتين مئويتين من الاحترار.
ووجد التقرير أن كل ربع درجة من التكيف، تؤدي إلى تأخير محتمل لمدة 7 سنوات في التبيض السنوي المتوقع، وهذا يعني أن الشعاب المرجانية يمكن أن تحصل على فترة راحة لمدة 30 عاماً من التبيض الشديد،إذا تمكنت من التكيّف مع درجة حرارة واحدة مئوية.
ومع ذلك، إذا واصلت البشرية مواكبة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الحالية، فلن تنجو الشعاب المرجانية حتى مع درجتين مئويتين من التكيّف.
واختتم معدّ التقرير بقوله: «ما يظهره هذا أنه حتى مع التكيّف، نحتاج إلى تقليل انبعاثاتنا لكسب الوقت بالنسبة لتلك المواقع، حيث يمكننا القيام بجهود الاستعادة والحفاظ على المرجان على قيد الحياة«.