قبل أقل من عامين، أعلنت الحكومة البريطانية عن خطة من 10 نقاط، لإحداث «ثورة صناعية خضراء» في المملكة المتحدة، بهدف المضي قدماً في القضاء على الانبعاثات المسببة لظاهرة التغيرات المناخية بحلول عام 2050، إلا أن هذه الخطة، التي أعلنها رئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون، قبل شهور قليلة على استضافة بلاده مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP-26)، في جلاسكو، يبدو أنها تواجه مصيراً مجهولاً، لمجموعة من الأسباب الداخلية والخارجية.
وبموجب الخطة الطموحة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، التي أعلنها جونسون في نوفمبر 2020، يتعين على الحكومة البريطانية أن تتخذ إجراءات عملية للتوقف عن بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2030، إضافة إلى إجراءات أخرى تجعل من المملكة المتحدة إحدى الدول الرائدة على مستوى العالم في عزل ثاني أكسيد الكربون.
وتشمل الخطة التوسع في استغلال طاقة الرياح البحرية، وطاقة الهيدروجين، والطاقة النووية، واستخدام المركبات الكهربائية، إضافة إلى استخدام وسائل نقل جوي وبحري أكثر صداقة للبيئة، وتصميم المباني العامة والمنازل لتكون أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، وعزل وتخزين الكربون، وحماية البيئة الطبيعية، فضلاً عن تمويل مشروعات للتخفيف من الانبعاثات المسببة لظاهرة التغيرات المناخية.
وقد أعلنت الحكومة البريطانية بالفعل عن تخصيص مبلغ 12 مليار جنيه استرليني من الاستثمارات الحكومية لتنفيذ هذه الخطة، التي تتضمن أيضاً توفير نحو 250 ألف فرصة عمل، بالإضافة إلى تحفيز استثمارات من القطاع الخاص، تزيد عن ثلاثة أضعاف هذا المبلغ بحلول عام 2030، وذلك لبناء فرص العمل، والصناعات الخضراء مستقبلاً، في جميع أنحاء المملكة المتحدة وحول العالم.
إلا أن اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، وما نجم عنها من نقص في إمدادات الطاقة إلى العديد من الدول الأوروبية، دفع الحكومة البريطانية إلى التفكير في مصادر بديلة للطاقة، إضافة إلى أزمة الركود الحادة، التي دفعت حزب المحافظين إلى إجبار جونسون على ترك منصبه، لصالح ليز تراس، رابع رئيس وزراء من حزب المحافظين في غضون 6 سنوات، أثارت تكهنات حول اعتزام الحكومة الجديدة التخلي عن الخطة العشرية لإحداث «الثورة الخضراء».
ووعدت تراس باتخاذ «إجراءات جريئة» للعبور بالبلاد إلى بر الأمان، على الرغم من تحذيرات من أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم معدل التضخم في بريطانيا، الذي بلغ بالفعل 10.1%، وهو أعلى مستوى بين الاقتصادات الكبرى، كما تسببت خطتها لتعزيز الاقتصاد، من خلال تخفيضات ضريبية، مع تخصيص عشرات المليارات للحد من تكاليف الطاقة، في انزعاج الأسواق المالية، مما دفع المستثمرين إلى التخلص من الجنيه الإسترليني والسندات الحكومية.
ومما يعزز المخاوف من أن الحكومة الجديدة في بريطانيا قد تتخلى عن خطة جونسون لتعزيز العمل المناخي، موقف ليز تراس إزاء حضور الملك تشارلز الثالث مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP-27) في شرم الشيخ، الشهر المقبل، حيث أشارت تقارير إعلامية إلى أن رئيسة الوزراء طلبت من الملك الجديد عدم حضور قمة المناخ في مصر، رغم أن تقارير سابقة أشارت إلى أن الملك كان يخطط لتوجيه خطاب أمام قادة العالم في مؤتمر شرم الشيخ.
كما لفتت تقارير إعلامية في بريطانيا إلى أن السياسي والاقتصادي المخضرم ألوك شارما، الذي ترأس الدورة الأخيرة لمؤتمر الأطراف (COP-26) في جلاسكو أواخر العام الماضي، دعا الملك تشارلز الثالث إلى حضور قمة المناخ (COP-27) في شرم الشيخ، معرباً عن أمله في إعادة التفكير في حضور الملك تشارلز مؤتمر المناخ، وقال: «سأرحب بالتأكيد بحضور الملك في (COP-27)، أعلم أن الكثير من الناس حول العالم يرونه قائداً في هذا المجال».
وذكرت صحيفة «صن» أنه «على الرغم من ادعاءات البعض بأن تراس ستتخلى عن أجندة بوريس جونسون الخضراء، ويمكن أن تخفف من سياساتها الرامية الى تخفيف الانبعاثات، فإن رئيسة الوزراء ستذهب إلى مصر الشهر المقبل»، وتابعت الصحيفة أنه «بعد أن اعتقد المطلعون أنها ستجعل مؤتمر مجموعة العشرين الدولي في بالي، الحدث الرئيسي لها على المسرح العالمي، إلا أنها تبدو مستعدة للتوقف في مصر، كجزء من جهودها الدولية».