يتعرض النظام العالمي متعدد الأطراف لضغوط أكبر من أي وقت مضى منذ إنشاء الأمم المتحدة، الأمر الذي دفع الأمين العام للمنظمة الأممية، أنطونيو جوتيريش، إلى المطالبة باتخاذ إجراءات سريعة لاستخدام ميثاق الأمم المتحدة والأدوات الحالية، لتحقيق قدر أكبر من الأمن والازدهار لكافة الناس في ربوع المعمورة.
وفي سبيل تحقيق هذه الدعوة، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة نقاش مفتوحة، على المستوى الوزاري، هذا الأسبوع، حول فعالية تعددية الأطراف، من خلال الدفاع عن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، برئاسة وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية لمجلس الأمن.
تزامنت الجلسة مع اليوم الدولي لتعددية الأطراف والدبلوماسية من أجل السلام، واستهلها الأمين العام بكلمة قال فيها «إننا نواجه أزمات غير مسبوقة ومتشابكة»، واعتبر أن «التوترات بين القوى الكبرى وصلت إلى مستوى تاريخي، وكذلك مخاطر اندلاع الصراع، سواء من خلال المغامرة الخاطئة، أو سوء التقدير».
وشدد جوتيريش على أنه «لقد حان الوقت لتعميق التعاون وتعزيز المؤسسات متعددة الأطراف، لإيجاد حلول مشتركة للتحديات المشتركة»، وفي سبيل ذلك، دعا الأمين العام الدول الأعضاء إلى الامتثال لالتزاماتها، واستخدام الأدوات الحالية لحل النزاعات سلمياً، وسد الثغرات في الحوكمة العالمية.
وبينما اعتبر الأمين العام أن أعضاء مجلس الأمن، ولاسيما الأعضاء الدائمين، يتحملون «مسؤولية إنجاح التعددية، بدلاً من المساهمة في تفكيكها»، فقد أكد أنه «يجب أن نتعاون، يجب علينا تكييف المؤسسات متعددة الأطراف»، وشدد على أن «التحديات العالمية الملحة تتطلب اتخاذ إجراءات جريئة وسريعة».
وقال الأمين العام، في كلمته أمام مجلس الأمن، إن هناك حاجة ماسة إلى الاستجابات الفعالة متعددة الأطراف لمنع النزاعات وحلها، وإدارة عدم الاستقرار الاقتصادي، وإنقاذ أهداف التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات التي تواجه المعايير العالمية ضد استخدام وحيازة الأسلحة النووية.
ولفت غوتيريش إلى ضرورة التصدي للأزمة الروسية الأوكرانية، والاضطراب في الاقتصاد العالمي الناجم عن جائحة كوفيد-19، والصراعات الدائرة في مناطق مختلفة من العالم، كما يشهد العالم أزمة مناخية معقدة، وتهديدات متزايدة، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتطورا غير منظماً للتكنولوجيات الخطرة.
وفي كلمته أمام جلسة مجلس الأمن، أكد وزير الخارجية الروسي، رئيس الاجتماع، أن «بعض أصحاب المصلحة يقومون بمحاولات للحفاظ على النظام العالمي أحادي القطب، من خلال فرض مبدأ القوة تصنع الحق، ومحاولة استبدال القواعد العالمية للقانون الدولي بنظام قائم على القواعد».
ودعا لافروف إلى «التخلي عن المعايير المزدوجة»، وأوضح بقوله إن «تعزيز القواعد الغربية على الساحة الدولية يخنق التعددية، مفتاح النجاح هو تضافر الجهود»، وأضاف أن التعددية الحقيقية تتطلب تغييرات كبيرة في الأمم المتحدة، بما في ذلك إصلاح مجلس الأمن، لتمثيل المشهد العالمي بشكل أكثر دقة.
من جانبها، ألقت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، كلمتها أمام جلسة مجلس الأمن بينما كانت تمسك بين يديها نسخة من ميثاق الأمم المتحدة، وقالت إن «الغزو الروسي» لأوكرانيا والعمليات العسكرية المماثلة، هي من الأسباب الرئيسية وراء صياغة هذا الميثاق.
وتابعت السفيرة الأمريكية أن «العالم بحاجة إلى أمم متحدة فعالة»، مشيرةً إلى أنه «على الرغم من عيوب النظام الدولي، فقد ساعدت مبادئ الميثاق على منع الانتشار النووي والفظائع، بينما انتشلت أكثر من مليار شخص من براثن الفقر»، على حد قولها.
وقال السفير الصيني لدى المنظمة، تشانغ جون، إن «العالم له نظام واحد فقط»، واصفاً ميثاق الأمم المتحدة بأنه «حجر الزاوية»، وأضاف أن حماية مبادئ ميثاق الأمم المتحدة تتطلب أفعالاً تتطابق مع الأقوال بشكل ثابت وشامل، وأن وتيرة العلاقات الدولية يجب أن تعكس المساواة وتعزز فعالية التعددية.