سجلت المملكة المغربية معدلات قياسية في درجات الحرارة خلال شهر أغسطس الماضي، بارتفاع يقارب 12 درجة عن المعدلات السابقة، خاصةً في المناطق الداخلية البعيدة عن السواحل، وبلغت ذروتها يومي 13 و14 من الشهر الماضي، حيث سجلت أكثر من 49 درجة في بعض المدن، بزيادة تتراوح بين 5 و12 درجة عن المعدلات المسجلة في نفس الشهر خلال السنوات الماضية.
وأرجع مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية في المغرب، الحسين يوعابد، هذا الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة بالمملكة إلى ما أسماها «ظاهرة الشرقي»، موضحاً أن هذه الظاهرة ترجع إلى صعود كتل هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى، باتجاه الدولة الساحلية الواقعة على الساحل الشرقي للمحيط الأطلسي، وجنوب غرب البحر المتوسط.
ويرى الخبير في قضايا البيئة والتغيرات المناخية، سعيد شكري، أن درجات الحرارة القياسية التي سجلت في بعض المناطق والمدن المغربية خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين، ترتبط بالتغيرات المناخية على المستوى العالمي، مشيراً إلى أن شهر يوليو الماضي 2021، يًعد من أكثر الشهور حرارة في تاريخ الكرة الأرضية، وفق ما أودت شبكة «سكاي نيوز عربية».
واعتبر الخبير في التغيرات المناخية أن ذلك الارتفاع في درجات الحرارة يرجع إلى أسباب مختلفة، قد يختلف بعض الخبراء في تفسيرها، إلا أنه أكد أن «التفسير الأقرب إلى الواقع هو ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، أو ما يسمى بالحالات المتطرفة للتغيرات المناخية، والتي تتجلى في ما نلاحظه من فيضانات وارتفاع درجات الحرارة والحرائق وفترات الجفاف».
وأوضح «شكري» بقوله: «نحن نعلم أنه عندما ترتفع درجات الحرارة، وخاصةً على مستوى المحيطات، يؤدي هذا الارتفاع إلى زيادة البخر في هذه المحيطات، التي ينتج عنها كتل هوائية ساخنة، ترتفع في الأجواء، وتصل إلى بعض المناطق، مما يسبب ارتفاع درجة الحرارة في تلك المناطق».
ولفت أستاذ علم المناخ بجامعة «سيدي محمد بن عبد الله» بمدينة فاس، محمد حنشان، إلى أن هناك تفسير آخر لارتفاع درجة الحرارة إلى هذه المعدلات غير المسبوقة، ليس في المملكة المغربية فقط، وإنما تتفاقم الظاهرة بشكل ملحوظ في المناطق المدارية، وذلك نتيجة التوسع الحضري على حساب المساحات الخضراء، مؤكداً أن ارتفاع الحرارة أصبح أكبر في المدن التي لا تتوفر على مساحات خضراء.
ويرجح الخبراء أن هذه الموجات المتلاحقة من الحرارة المرتفعة ستكون صعبة على كوكب الأرض، الذي يشهد ازديادا في الاحترار، وسيشكل ذلك تهديداً حقيقياً للبيئة والإنسان والحيوان، وفي هذا الإطار، أوضح «شكري»، أن «ارتفاع درجات الحرارة لها تأثير أكيد على البيئة، ولعل الحرائق اليوم هي نموذج حي، لأن التغيرات المناخية، وخاصةً تعاقب فترات الجفاف، تؤدي إلى جفاف الغطاء النباتي وقابليته للاشتعال».
وأضاف أن هذه الظاهرة الجوية لها أيضاً تأثير كبير على التنوع البيولوجي، باعتبار أن الكائنات الحية، سواء البحرية أو البرية، مرتبطة بشكل كبير بدرجات الحرارة، وخلص خبير التغيرات المناخية إلى أن «المتضرر الأكبر من هذه الحرارة تبقى هي المناطق الهشة، التي ليست لها إمكانيات ووسائل من أجل مقاومة هذه الحرارة والتكيف معها».