مواصلة الإصلاح الاقتصادي وتحميل “الاحتلال” مسؤولية تأخر التنمية في الأراضي الفلسطينية
“المساواة حق طبيعي من حقوق الإنسان وركيزة أساسية للتنمية”، أحد المبادئ التي أكد عليها المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2019، الذي عقدته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، في مقر “بيت الأمم المتحدة” بالعاصمة اللبنانية بيروت، خلال الفترة من 9 إلى 11 أبريل، تحت شعار “تمكين الناس وضمان الشمول والمساواة في المنطقة“.
واختتم المنتدى، الذي حظي بحضور نائب الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمّد، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، والأمين التنفيذي للإسكوا، الدكتورة رولا دشتي، ووزير التخطيط العراقي، الدكتور نوري الدليمي، ووزيرة التخطيط المصرية، الدكتورة هالة السعيد، بالتأكيد على أن تكلفة تحقيق المساواة، على ارتفاعها، تبقى أقل بكثير من تكلفة عدم المساواة، التي تولد التمييز والعنف، وتؤدي إلى عدم الاستقرار وتعوق جهود التنمية.
وخلص المشاركون في المنتدى إلى عدد واسع من الرسائل، التي تؤكد على مبادئ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، من المقرر أن يرفعها العراق، بصفته رئيس المنتدى لهذا العام، باسم المنطقة العربية، إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، الذي يُعقَد في نيويورك في شهر يوليو المقبل، وكذلك أمام مؤتمر قمة القادة في نيويورك، يومَي 24 و25 سبتمبر 2019.
وأمام حشد من المسؤولين الحكوميين وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني، من ضمنهم الشبكة العربية للبيئة والتنمية “رائد”، والتي مثلها المنسق العام، الدكتور عماد الدين عدلي، قال وزير التخطيط العراقي، في الكلمة الختامية للمنتدى، إن “الأفكار والبرامج والتوصيات التي خرج بها المنتدى، لا بد أن نسعى إلى تحقيقها على أرض الواقع، مع أهمية إخضاعها لمراجعة مستمرة، يتم خلالها رصد واستعراض التقدم المحرز، وتعزيز الشعور بأهمية أهداف التنمية المستدامة.”
وأكدت رسائل المنتدى على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي هي المسؤولة الأولى عن تأخر عجلة التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقدمت اقتراحات أكثر دقة حول كيفية مقاربة العدالة الاجتماعية وضرورة ربطها بآليات ترسخ حقوق الإنسان وتنشر ثقافتها، كما أعاد المجتمعون التأكيد على تمكين الشباب والنساء بشكل خاص، وعلى مكافحة عدم المساواة، التي تبلغ معدلها الأعلى في المنطقة العربية.
وتميّز المنتدى هذا العام بالبحث في موقع المنطقة العربية بالنسبة لباقي دول العالم، حيث تبين أن على المنطقة مواصلة عمليات الإصلاح الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، مع التركيز على مزيد من الاستثمار في الابتكار، والانخراط في سلاسل القيمة العالمية للتنمية، بالإضافة إلى العمل على إصلاح المؤسسات، والتركيز على تحسين نوعيتها، والاستفادة من الثورة الرقمية القادرة على تمكين الدول من استخدام أقصى إمكاناتها البشرية وشبابها المتعلم ومواردها المالية وموقعها الجغرافي المميّز، للعمل كقوة مكمّلة في تحويل اقتصاداتها ومجتمعاتها.
وشدد المشاركون في المنتدى العربي للتنمية المستدامة، ضمن الرسائل الصادرة في ختام أعماله، على تشجيع التكامل الاقتصادي الإقليمي وتعزيزه، وعلى الحاجة إلى إرادة سياسية وقيادة فعاّلة؛ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فضلاً عن الحاجة إلى تنسيق قوي بين جميع الفرقاء المعنيين، وزيادة الاستثمارات في بناء القدرات وأنشطة رفع الوعي في المنطقة العربية.
وتخلل المنتدى عدد كبير من النقاشات وتبادل الخبرات والآراء، ركزت على ما أُحرز من تقدم في مجال تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وعلى التحديات الجسيمة التي تواجه المنطقة العربية، وأهمها الأمن والسلم، كما استعرض المسارات الوطنية والإقليمية والعالمية، بما فيها التقارير الوطنية الطوعية، التي قدمتها مجموعة من الدول العربية، منها تونس والجزائر والعراق وعُمان والكويت وموريتانيا.
وعلى هامش المنتدى، أطلقت الإسكوا تقرير الأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة 2019 على المستوى الإقليمي، بعد أيام من إطلاق التقرير على المستوى العالمي في نيويورك، بحضور مجموعة من الخبراء المعنيين بالتمويل والتنمية والاقتصاد والتجارة والبيئة، وقال نائب الأمين التنفيذي للإسكوا، منير تابت، إنه وفقًا لما ورد في التقارير، فإن العالم العربي يحتاج إلى 3.6 تريليون دولار لتمويل خطط التنمية المستدامة، اعتباراً من اليوم وحتى 2030.
ويُعد المنتدى العربي للتنمية المستدامة، الذي يتم تنظيمه سنوياً منذ عام 2015، هو الآلية الإقليمية الرئيسية المعنية بمتابعة تنفيذ خطة التنمية المستدامة، واستعراض التقدّم المحرز في المنطقة العربية على هذا المسار، ويصدر عنه تقرير يتضمن أهم الرسائل المنبثقة من الحوار الإقليمي، حول الفرص والتحديات المتعلقة بتنفيذ خطة عام 2030، ويبيّن التقدم المحرَز باتجاه تحقيق أولويات التنمية المستدامة.
وسبق المنتدى تنظيم عدة فعاليات تحضيرية، منها المنتدى البرلماني حول خطة التنمية المستدامة في المنطقة العربية، والاجتماع التشاوري الإقليمي المعني بالبيئة والموارد الطبيعية، والمنتدى السياسي رفيع المستوى، إضافة إلى الاجتماع التشاوري الإقليمي حول تغير المناخ، ويقدم رئيس المنتدى العربي للتنمية المستدامة التقرير النهائي، بوصفه المساهمة الرئيسية للمنطقة العربية في المنتدى السياسي رفيع المستوى، الذي تعقده الأمم المتحدة سنوياً في شهر يوليو من كل عام.