صلاح جلال.. رائد الصحافة العلمية
دفعه إيمانه الشديد بأن مصر يجب أن تدخل القرن 21 مسلحة بالعلم والتكنولوجيا إلى توسيع معارفه ومداركه بالاطلاع على المطبوعات العلمية في مختلف أنحاء العالم، يساعده في ذلك اتقانه للغتين الإنجليزية والفرنسية، إضافة إلى العربية، وحرص على نقل كل خبراته إلى قطاع عريض من قراء الصحف في مصر والعالم العربي، حتى استحق عن جداره لقب “رائد تبسيط العلوم” في الصحافة المصرية.
أثناء دراسته بكلية العلوم بجامعة القاهرة، بدأ صلاح جلال مشواره في عالم الصحافة، من خلال مجلة “هي” التي كانت تصدرها الكلية، وبعد تخرجه عمل لفترة في صحيفة أخبار اليوم، انتقل بعدها إلى صحيفة الأهرام، حتى أصبح رئيساً للقسم العلمي، ثم رئيساً لنوادي العلوم في مصر سنة 1967، وتولى رئاسة الاتحاد العربي لنوادي العلوم، ثم سكرتيرا عاماً لجمعية أصدقاء العلميين بالخارج.
عمل الكاتب الصحفي الراحل رئيساً للتحرير لمجلة “الشباب وعلوم المستقبل”، كما انتخب نقيباً للصحفيين لدورتين، وعمل مستشاراً لمنظمة “اليونيسكو” لتبسيط العلوم في العالم العربي، منذ سنة 1972 حتى رحيله في فبراير 1991، وفي عام 1981 تم تعيينه وكيلاً للمجلس الأعلى للصحافة، كما تولى رئاسة اتحاد الصحفيين الأفارقة لدورتين، كما ترأس الجمعية الدولية للأبحاث الشمسية، وجمعية المحررين والكتاب العلميين المصريين.
وعلى مدار أربعة عقود قضاها في بلاط “صاحبة الجلالة”، أدرك صلاح جلال أن عبور الفجوة العلمية والتكنولوجية هي الطريق الوحيد للتقدم بالعلم والتكنولوجيا، وليس بالشعارات، وكانت متابعاً جيداً لسباق الفضاء بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق، وكان هذا هو بداية تخصصه في الكتابة العلمية، وتفوق في تبسيط العلوم والمصطلحات العلمية للجماهير العريضة.
في يوليو 1969 كان صلاح جلال هو الصحفي المصري والعربي الوحيد، الذي تابع إطلاق سفينة الفضاء الأمريكية “أبوللو” إلي القمر، وشغلت التغطية الصحفية لهذا الحدث الجلل الصفحات الرئيسية لصحيفة الأهرام لعدة أيام، وكان مكتبه يعج دائماً بالعلماء وشباب العلماء، وكان عموده اليومي “علوم” يحوي أخبار العلماء والعلم، ينتظره القراء من المهتمين يومياً.
قدم صلاح جلال العديد من الإسهامات العلمية والبيئية لمصر، فاستحق التكريم على أعلى المستويات، حيث حصل على “وسام الجمهورية”، أثناء الاحتفال بـ”يوم العلميين”، في أبريل1981، كما حصل على “وسام العلوم والفنون” من الطبقة الأولى، فى فبراير1986، ثم حصل على “وسام الاستحقاق” عام 1988.
وخلال رئاسته لنوادي العلوم في مؤسسة الأهرام، استضاف جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة، قبل أن يتم إشهارها رسمياً، وكان أول من مد يد العون لمجموعة الشباب الذين قاموا بتأسيس الجمعية، حتى أصبحت خلال 40 عاماً، واحدة من أكبر منظمات المجتمع المدني في مصر والمنطقة العربية.
عاصر صلاح جلال الكثير من الأحداث والثورات العلمية في مجالات الفضاء والإلكترونيات والهندسة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية، ساعدته خلفيته العلمية على استيعاب تلك الأحداث وتبسيطها إلى جمهوره من القراء وشباب نوادي العلوم، التي انتشرت في العديد من الجامعات والمدارس ومراكز الشباب وقصور الثقافة، وتعاظم دورها في تعريف الشباب بكل جديد في العلوم والابتكارات والاختراعات الحديث، إضافة إلى نشر الوعي العلمي والتكنولوجي، وتنمية قدرات الشباب وتشجيعهم على الابتكار والاختراع.