نجاة صليبا «بنت الأرض» محاربة الملوثات السامة
وهبت حياتها للأرض ونفسها للبيئة، اختارت أن تعود إلى وطنها بعد أن حصلت على أعلى الدرجات العلمية في الخارج، فهي كما تسمي نفسها «بنت الأرض».. عالمة البيئة اللبنانية الدكتورة نجاة صليبا، الفائزة بجائزة «لوريال – اليونسكو» في مجال العلوم لسنة 2019، عن منطقة أفريقيا والدول العربية.
قدمت العالمة اللبنانية العديد من البحوث عن الملوثات الكيميائية والسامة في الهواء، وأسهمت أبحاثها الرائدة في الكيمياء التحليلية وكيمياء الغلاف الجوي، إسهاماً بارزاً في التغلب على بعض التحديات البيئية الأكثر إلحاحاً، وفي تقييم التحولات التي تحدث للملوثات البيئية، وتحديد المواد السامة والمسرطنة.
ترَعرعت الدكتورة «صليبا» بين أسرتها في مزرعة للموز وسط الريف اللبناني، وورثت عن والدها تعلقه الشديد بالأرض، وعندما اشتعلت الحرب الأهلية، اضطرت إلى الانتقال للعيش في المدينة، الأمر الذي تسبب في عرقلة مسيرتها التعليمية لفترة من الوقت.
خلال فترة الحرب، وبالتزامن مع فضيحة مدوية هزت لبنان تتعلق بصفقة استيراد «شحنة نفط غير نظيف»، أدركت «صليبا» الواقع المقلق الناجم عن تلوث الهواء، كما شهدت بنفسها إصابة عدد من أقاربها وأصدقائها وزملائها بمشكلات صحية خطيرة، ناتجة عن التعرض للملوثات السامة المنشرة في هواء المدينة.
وخلال مسيرتها العلمية التي امتدت لعقود، استمدت «بنت الأرض» شغفها البحثي من رغبتها في فهم جذور المخاطر الصحية والبيئية على المستوى الجُزيئي، ونقل موقع “اليونسكو” عنها قولها في هذا الصدد: «يسمح لنا فهم التركيبة الجُزيئية وآليات التفاعلات، بتكوين صورة شاملة وتفصيليّة للمناخ والبيئة».
وحققت «صليبا» إنجازات عديدة، من بينها ابتكار طرق تحليلية فعالة لقياس المكونات السامة لدخان التبغ، فكانت أول من حدد المُركبات المسببة للسرطان، وفي الآونة الأخيرة، كانت أول من توصل إلى أن السجائر الإلكترونية تولّد «أول أكسيد الكربون»، خلافاً للاعتقادات التي كانت سائدة في هذا الصدد.
وتسعى العالمة اللبنانية جاهدة لرفع مستوى الوعي لدى السلطات الحكومية، ومنظمات الصحة الدولية، والمجتمعات المحلية بشأن نتائج أبحاثها، كما تسعى إلى التأثير على السياسات الصحية العامة، وكان لها الفضل في تأسيس أول قاعدة بيانات تُعنى بالملوثات الجوية الرئيسية في لبنان.
وبينما أثبتت أن حرق النفايات في الهواء الطلق بمختلف أنحاء الجمهورية اللبنانية كان سبباً في تضاعف نسبة المواد السامة في الهواء بمقدار 15 مرة، فإنها تأمل، في المستقبل، بابتكار نهج شامل ومتكامل بغية إيجاد حلول ملائمة للتحديات الناتجة عن تغير المناخ في الشرق الأوسط.
وعن فوزها بجائزة «لوريال – اليونسكو» للنساء في مجال العلوم، تعتبر الدكتورة نجاة صليبا أن الجائزة تضطلع بدور هام في إبراز دور العلماء في الاقتصادات الناشئة، وتعزيز قيمة الأبحاث متعددة التخصصات، في سبيل تعزيز العلوم البيئية.