أجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، وشركاء آخرين، عدة تجارب ناجحة على استخدام طائرات آلية بدون طيار في مكافحة بعض أنواع من البعوض الناقل للأمراض، ومنها البعوضة المعروفة باسم “الزاعجة المصرية”، المسئولة عن نقل فيروسات “زيكا”، المسببة لأمراض “الحمى الصفراء” و”حمى الضنك”، وغيرها من الأمراض.
واعتمدت التجارب، التى أُجريت في البرازيل خلال شهر أبريل 2018، على تطوير آلية إطلاق ذكور بعوض عقيمة، من طائرات آلية، من خلال إنتاج أعداد كبيرة من تلك الحشرات، ثم فصل الذكور عن الإناث، وبعد ذلك يتم تعريض الذكور لأيونات “غاما” المشعة، لإصابتها بالعقم، ثم يتم إطلاقها للتزاوج مع الإناث البرية، بما يؤدي إلى تراجع أعداد الحشرات بمرور الوقت.
ونظراً لأن “الزاعجة المصرية” لا يمكنها الانتشار لأكثر من 100 متر، فقد تطلب تطبيق التقنية على مساحات واسعة، إطلاق أعداد كبيرة منها في منطقة معينة، كما يصعب استخدام الطائرات التقليدية في إطلاق البعوض من ارتفاعات عالية تشكل خطراً على حياتها، وكان يتم إطلاق الحشرات العقيمة باستخدام وسائل أرضية، ولكن هذه العملية تتطلب عمالة كثيفة، وتستغرق وقتاً طويلاً.
وقال عالم الحشرات الطبية في فريق “الفاو”، جيريمي بوير، إن “استخدام الطائرات بدون طيار هو سبق علمي يمهد الطريق لعمليات إطلاق واسعة النطاق وفعالة من حيث التكلفة، وأيضاً في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية”، وأضاف أنه “باستخدام الطائرات بدون طيار، يمكننا معالجة 20 هكتاراً خلال خمس دقائق، وبوزن أقل من 10 كيلوغرامات“.
وبحسب “بوير” يمكن للطائرة الآلية أن تحمل 50 ألف بعوضة عقيمة في كل رحلة”، إلا أن وكالة الطاقة الذرية أكدت أنها تعمل على تقليل وزن الطائرة لزيادة قدرتها على الحمل، لتصل إلى 150 ألف بعوضة في كل رحلة، وتخطط البرازيل لتعميم التجربة في عدد من المناطق الريفية والحضرية بداية من يناير 2019، الذي يمثل ذروة فصل الصيف في نصف الكرة الأرضية الجنوبية، وهو موسم تزاوج البعوض.
وتقنية تعقيم ذكور الحشرات ليست حديثة، وإنما تم استخدامها لأكثر من 50 عاماً، في مكافحة العديد من أنواع الآفات الزراعية، مثل ذبابة فاكهة البحر المتوسط، وتم مؤخراً تعديلها لتطبيقها على البعوض، إلا أنها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام طائرات آلية في تطبيقها على نطاق واسع.