وزيرة البيئة: دور حيوي للمجتمع المدني في تحقيق التنمية ونسعى لإحداث صحوة بيئية بين الشباب
«عدلي»: الاحتفال يعكس الانطلاقة التشريعية الحقيقية لحماية الموارد والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة
يبقى تاريخ 27 يناير من كل عام علامة فارقة في مسيرة العمل البيئي في مصر، يحمل في جنباته ذكرى طيبة لميلاد أول قانون لحماية البيئة، وهو القانون رقم 4 لسنة 1994، والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، وهو اليوم الذي تحتفل فيه مصر بـ«يوم البيئة الوطني»، بمبادرة أطلقتها جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة في عام 1997، وحرصت على تنظيمها سنوياً، حتى حظيت المبادرة، العام الماضي، بموافقة رئيس مجلس الوزراء على إعلانها مناسبة رسمية وطنية.
وقد جاءت هذه الموافقة استجابة لجهود وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، التي أعلنت تبنيها للمبادرة، التي تحرص جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة على تنظيمها، على مدار 25 عاماً، باعتبار أنها تشكل نموذجاً للشراكة الحقيقية بين القطاع الحكومي والمجتمع المدني، كما أبدت الوزيرة حرصاً وحماساً شديدين على أن يكون لمصر يوماً وطنياً للبيئة، يجري الاحتفال به كل عام، لشحذ الوعى البيئي لدى الأفراد، وتشجيعهم على ممارسة سلوكيات صديقة للبيئة، تهدف إلى صون الموارد الطبيعية.
ورغم الظروف الاستثنائية، التي تفرضها «جائحة كورونا»، فقد أقامت وزارة البيئة الاحتفال الرسمي بيوم البيئة الوطني عن بعد، عبر منصات التواصل الإلكتروني، ومن خلال «الصالون البيئي»، الذي نظمته الوزارة عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، بمشاركة الدكتور عماد الدين عدلي، رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة، والدكتور حسين أباظة، مستشار وزيرة البيئة للاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، وحمل احتفال هذا العام شعار «التعافي الأخضر.. الطريق لما بعد كوفيد-19».
وبينما أعربت وزيرة البيئة عن امتنانها لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، على موافقته على اعتماد يوم 27 يناير من كل عام للاحتفال بيوم البيئة الوطني، اعتباراً من العام الماضي 2020، فقد أكدت أن هذه الموافقة جاءت في ظل تزايد الاهتمام بقضايا البيئة، على المستويين الرسمي والوطني، وتأكيداً لدور المجتمع المدني في تحقيق التنمية، وتخليداً لليوم الذي صدر فيه أول قانون لحماية البيئة في مصر، والذي تكمن أهميته في وضع الأسس والضوابط والآليات، التي تمكن الجميع من الحفاظ على البيئة، ويؤكد على دمج البعد البيئي في مختلف القطاعات التنموية.
واعتبرت «فؤاد» أن ما يجعل هذا الاحتفال مميزاً، أنه يمثل شراكة حقيقية بين وزارة البيئة والمجتمع المدني، ممثلاً في المكتب العربي للشباب والبيئة، الذي كان سباقاً في الاحتفال بهذا اليوم لسنوات عديدة، مؤكدةً على الدور الحيوي لمنظمات المجتمع المدني في حل المشكلات البيئية، من خلال التواصل مع المجتمع المحلي، والعمل على تغيير وتعديل الفكر والسلوك، وضربت مثالاً على ذلك بمبادرة «الدراجات التشاركية»، التي يجري تنفيذها في جامعة الفيوم، بالتعاون مع شركاء التنمية، وبدعم من برنامج المنح الصغيرة، وعدد من الجمعيات الأهلية، وهي المبادرة التي أسهمت في تقبل الفتيات لفكرة ركوب الدراجات.
وأكدت أن يوم البيئة الوطني للعام الحالي 2021، والذي تطلق الوزارة فعالياته للمرة الثانية، يأتي تحت شعار «التعافي الأخضر.. الطريق لما بعد كوفيد-19»، وذلك لربطه بالمستجدات الدولية ولغة العالم الآن بعد أزمة «جائحة كورونا»، والتي أثبتت للإنسان أن الطبيعة ليست في حاجة إليه، بل هو من يحتاج إليها، وهذا يعني العودة لممارسة الأنشطة الطبيعية ولمسارات التنمية التقليدية بكامل طاقاتها الإنتاجية، بفكر غير تقليدي، يعتمد على الاهتمام بالحفاظ على الموارد الطبيعية، وخفض الاستهلاك، بحيث يكون هناك استهلاك مستدام، مع التركيز على الاستغلال الأمثل للموارد.
وأضافت وزيرة البيئة، خلال كلمتها بمناسبة الاحتفال بيوم البيئة الوطني، أن مصر كانت سباقه للدعوة لمفهوم «التعافي الأخضر»، وذلك عندما أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال مؤتمر التنوع البيولوجي في عام 2018، المبادرة المصرية للربط بين الاتفاقيات الثلاثة الخاصة بتغير المناخ والتصحر والتنوع البيولوجي، وهي رسالة للعالم للرجوع مرة أخرى للطبيعة.
وأكدت «فؤاد» على أهمية الخطوات التي اتخذتها الدولة خلال العام الماضي، والتي تمثلت في موافقة مجلس الوزراء على إصدار معايير الاستدامة البيئية، التي تهدف إلى دمج البعد البيئي في جميع القطاعات التنموية، بهدف الوصول إلى منظومة تخطيط متكاملة، تخدم التوجه نحو التحول بالاقتصاد المصري إلى الاقتصاد الأخضر، وإصدار وزارة المالية للسندات الخضراء، وتخصيص أولى حزم تلك السندات لمشروعات النقل والإسكان، بالإضافة إلى إطلاق حملة «إيكو إيجيبت» لتنشيط السياحة البيئية، من خلال تطوير المحميات الطبيعية، ودمج المجتمع المحلي في الأنشطة التنموية.
كما تطرقت وزيرة البيئة إلى المبادرة الرئاسية لتطوير الريف المصري، خلال 3 سنوات، وهو ما يؤكد سعي الدولة لتطبيق مفهوم «التعافي الأخضر» على أوسع نطاق، مشيرةً إلى قيام الوزارة بإطلاق مشروع «وحدات البيوجاز» في عدد من القرى، قبل ما يقرب من عام، بهدف الاستفادة من المخلفات الزراعية ومخلفات الحيوانات، في توفير مصدر مستدام للطاقة، مشيرةً إلى أنه يجري العمل على نشر تلك التكنولوجيا في عدد آخر من القرى، وكل هذه المشروعات تحتاج إلى قانون ومناخ داعم للتنفيذ على أرض الواقع.
وحول أهمية دور الشباب في العمل البيئي، فقد أكدت «فؤاد» أن للشباب دور فعال للتغير إلى الأفضل، معتبرةً أنه «بدون شباب واع ومدرك ومتحمس، لن نستطيع التغيير المنشود»، وأشارت إلى أن هناك العديد من المشروعات التي تم تنفيذها بمشاركة الشباب، ضمن مبادرة «اتحضر للأخضر»، وحملة تنظيف نهر النيل (Very Nile) للدعوة إلى حظر الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام في جزيرة الزمالك، وأكدت أن «الرسالة الحقيقية التي نطمح الوصول إليها، هي إحداث صحوة داخل الشباب المصري، ليشعر بأن البيئة جزء من حياته».
وبينما أشارت وزيرة البيئة إلى أنه سيتم خلال الفترة القادمة، فتح باب التحاور والتشاور حول اللائحة التنفيذية لقانون المخلفات، فقد وجهت الدعوة إلى كافة منظمات المجتمع المدني بالمشاركة في هذا الحوار، مشيرةً إلى أنه في ظل ما تشهده الدولة من تحول تنموي، فإن كافة الجهود يتم صياغتها في شكل أرقام ومؤشرات، وفقاً لخطة الحكومة للفترة من 2018 إلى 2022، كما أنه من المستهدف أن تصل معايير الاستدامة البيئية نسبة 50% مشروعات خضراء، خلال 3 سنوات، كما يجري إعداد الإطار العام للاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منها خلال 7 شهور.
ومن جانبه، وجه الدكتور عماد عدلي، رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة، الشكر إلى وزيرة البيئة، على تبنيها مبادرة الاحتفال بيوم البيئة الوطني، حتى أصبحت مناسبة رسمية وطنية، وأكد أن هذه المناسبة تُعد حدثاً تاريخياً لكل المهتمين بقطاع البيئة والتنمية المستدامة، خاصةً وأن تاريخ 27 يناير 1994 يُعد الانطلاقة التشريعية الحقيقية للحفاظ على البيئة ومواردها، وللحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، وأضاف أن «يوم البيئة الوطني الـ25، يأتي علينا هذا العام وهو يعمل في طياته الكثير من الإنجازات التي تم تحقيقها، سعياً لتحقيق خارطة التنمية المستدامة المنشودة».
كما أشار «عدلي» إلى أهمية صدور قانون المخلفات، بعد عقد العديد من اللقاءات والحلقات التشاورية والاجتماعات، ليكون نتاجاً لحوار وطني، بمشاركة مختلف الأطراف المعنية، مؤكداً أنه «تم إصدار القانون بما يتناسب مع سلوكياتنا وثقافتنا وتراثنا»، وأضاف أنه «كان يتم النظر إلى وزير البيئة (في السابق) على أنه وزير للرفاهية، في حين أنه في حقيقة الأمر هو وزير الحياة»، مؤكداً على أنه يلزم لوجود اقتصاد قوي وصحة جيدة، بيئة نظيفة وحسن استغلال للموارد الطبيعية، ووجه الشكر إلى وزيرة البيئة على تبني الوزارة لمبادرة «الدراجات التشاركية»، التي يجري تنفيذها في جامعة الفيوم، بمشاركة عدد من شركاء التنمية، بدعم من برنامج المنح الصغيرة.
أما الدكتور حسين أباظة، مستشار وزيرة البيئة للاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، فقد أكد على أنه «لم تكن هناك قناعة لدى الجهات المجتمعية، من قطاع خاص وغيره، بأهمية دمج البعد البيئي بما يعود بالفائدة على النشاط الإنتاجي، وعلى المواطن، وتأثير ذلك على حياته اليومية، وهو ما أوصلنا إلى هذا المستوى من الاهتمام الكبير بالبيئة اليوم»، وأوضح أنه خلال المرحلة الماضية أخذت سياسات الدولة، من خلال وزارة البيئة، بالتعاون مع كافة القطاعات، فى النظر إلى البيئة على أنها «فرصة» وليست «عائق»، حيث تسعى الحكومة والمجتمع المدني للاستثمار فى البيئة، بما يعظم الفائدة، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية، وشدد على أن العالم أصبح على يقين بأنه بعد انتهاء «أزمة كوفيد-19»، لا يمكنه الاستمرار في مسار التنمية، دون التحول للاقتصاد الأخضر.
وجاء في بيان أصدره المكتب العربي للشباب والبيئة، بمناسبة الاحتفال بيوم البيئة الوطني، أن احتفال هذا العام، الذي تنظمه وزارة البيئة بالتعاون مع الجمعية، يأتي متوازياً مع مجهودات ضخمة وملموسة، بذلتها الحكومة، خلال السنوات السابقة وحتى اليوم، والمتمثلة في إطلاق العديد من المشروعات القومية، التي تراعي وتحقق مفاهيم التنمية المستدامة الحقيقية لأبناء هذا الوطن، مشيراً إلى أن كل هذه الإنجازات جاءت في ظل تحديات كبيرة، منها البيئية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى ما أصاب العالم أجمع، وأصابنا بدون شك، من التداعيات الناجمة جراء انتشار فيروس «كوفيد-19»، والتي كانت لها، ومازالت، العديد من الأثار والنتائج السلبية على قطاعات التنمية في مصر.
وأوضح البيان أنه استكمالاً لتحفيز وتفعيل دور المجتمع المدني في تحقيق التنمية المستدامة، وفي ظل دعم وتأييد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بأهمية دور المجتمع المدني في إحداث التنمية المستدامة، باعتباره ضلعاً أساسياً في مثلث التنمية في مصر، فإن وزارة البيئة وبالتعاون مع جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة، عملا جاهدين في هذه المناسبة الوطنية الهامة، لدعوة كل الأطراف المعنية لتقديم الأفكار، واقتراح المبادرات التي من شأنها أن تكون نموذجاً ناجحاً لمبادرة «اتحضر للأخضر»، وتقديم رؤى مستقبلية نحو «التعافي الأخضر».
وأضاف بيان المكتب العربي أنه في هذا العام، اتفق المنظمون على أن يكون شعار يوم البيئة الوطني لعام 2021 هو «التعافي الأخضر.. الطريق لما بعد كوفيد-19»، وقد تم التوافق على هذا الشعار لارتباطه الوثيق بكل المستجدات الوطنية والإقليمية والدولية، حيث ناشد البيان المجتمع، بكل مؤسساته، أن الحياة واستمرارها تحتم علينا العودة لممارسة الأنشطة الطبيعية، ولكن بفكر تنموي جديد، تبنى قواعده على الاهتمام بالبيئة، وحتمية الحفاظ على مواردها، وأن نعمل جاهدين على خفض الاستهلاك، بحيث يكون هناك استهلاك مستدام.
وأكدت الجمعية في بيانها: «وعليه فإننا نعظم ونثمن من أهمية تكوين الشراكات بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، حتى يتكاتفا سوياً في حماية البيئة ومواردها، وأن نعمل بكل جهد على إدماج قطاعات الشباب والمرأة، وأن نسعى إلى بناء قدراتهم وتمكينهم من ريادة الأعمال الخضراء، حتى نعزز من مسار التنمية الخضراء»، واختتم البيان بقوله: «علينا كمنظمات مجتمع مدني، أن نعظم دورنا، وأن نسعى جاهدين إلى تعميق مفهوم الاقتصاد الأخضر، وامتداده لمفهوم التعافي الأخضر، وأهمية ذلك في تحسين البيئة والحفاظ على مواردها، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة».