جهود حثيثة بذلتها مصر في سبيل صياغة إطار عالمي للتنوع البيولوجي يمتد من 2020 وحتى عام 2030، بدأت منذ عام 2018 برئاستها مؤتمر الأطراف «COP-14» وتوجت بإتمام جلسات الحوار الوطني لبحث تنفيذ الحلول القائمة على أرض الواقع تمهيدا لاستكمال الجزء الثاني من مؤتمر الأطراف الـ15 في كندا ديسمبر المقبل.
وترأست مصر أطول فترة في تاريخ اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي امتدت لنحو 3 سنوات، إذ أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن مصر عملت بجهد دؤوب، منذ مؤتمر الأطراف «COP-14»، في شرم الشيخ عام 2018، على إطلاق مرحلة جديدة للعمل الجماعي، لصياغة إطار عالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020، ووضع أهداف قابلة للتحقيق، مدعومة بآليات واضحة للتنفيذ.
وقال الرئيس السيسي، في كلمة عبر الإنترنت، أمام مؤتمر أطراف اتفاقية التنوع البيولوجي «COP-15»، في الصين، في 12 أكتوبر 2021، إن مصر استطاعت، خلال رئاستها للمؤتمر، تحقيق العديد من الإنجازات الملموسة، رغم التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، معرباً عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة تنفيذاً فعالاً للأهداف المتفق عليها، يعوض ما لم يتم تحقيقه على مدار السنوات العشرة الماضية.
ولفت الرئيس إلى أن التقييم العالمي الأخير لحالة التنوع البيولوجي، الصادر عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات، يحذر من «كارثة عالمية» تهدد بتدهور سريع للتنوع البيولوجي، ما لم تعزز دول العالم جهودها لتغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج وجعلها أكثر استدامة، وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي وسلامة الأنظمة الحيوية لمستقبلنا على هذا الكوكب.
وفي مؤتمر صحفي لوزارة البيئة، باعتبارها رئيس الدورة المنتهية لمؤتمر الأطراف (COP-14)، للإعلان عن تسليم رئاسة الدورة التالية (COP-15) إلى الصين، استعرضت عدداً من الإنجازات التي حققتها الرئاسة المصرية للمؤتمر على كافة الأصعدة المحلية والدولية، كما وضعت قضايا التنوع البيولوجي في القارة الأفريقية على أجندة الأولويات العالمية.
ونظراً لانتهاء العمل بالإطار العالمي للتنوع البيولوجي للفترة بين 2011 و2020، أعلنت سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، منتصف العام الماضي، المسودة الرسمية الأولى للإطار العالمي الجديد لما بعد 2020 حتى 2030، وكان من المقرر أن يتم اعتماده خلال مؤتمر (COP-15) في الصين، في أكتوبر الماضي، إلا أنه تم تأجيل إقرار الإطار العالمي الجديد للجزء الثاني من مؤتمر الأطراف، الذي يُعقد في مونتريال بكندا، أواخر العام الجاري.
وكان من المفترض عقد مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي (COP-15) في كونمينج بالصين عام 2020، ولكن تم تأجيلها بسبب جائحة كورونا، وتم تقسيم المؤتمر لاحقاً إلى جزأين، عُقد الأول بنجاح في «كونمينج» خلال شهر أكتوبر 2021، حيث قدم الرئيس الصيني، شي جين بينج، وقادة 8 دول، بينهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، مداخلات عبر الإنترنت، لتعزيز التزامهم بمعالجة أزمة التنوع البيولوجي.
وتضمن الجزء الأول من مؤتمر الأطراف إعلان الرئيس الصيني أن بلاده ستستثمر 1.5 مليار يوان، نحو 230 مليون دولار، لإنشاء «صندوق كونمينج للتنوع البيولوجي»، مما يوفر زخماً سياسياً قوياً لإدارة التنوع البيولوجي العالمية، وأساساً متيناً للجزء الثاني من الدورة الـ15 لمؤتمر الأطراف (COP-15 part 2) في كندا، خلال الفترة من 7 إلى 19 ديسمبر في مونتريال بكندا، برئاسة الصين.
تتضمن المسودة الأولى للإطار العالمي الجديد للتنوع البيولوجي 21 هدفاً، تشمل حفظ ما لا يقل عن 30% من المناطق البرية والبحرية العالمية، بخاصةً المناطق ذات الأهمية للتنوع البيولوجي وإسهاماته للبشر، من خلال أنظمة فعالة وعادلة وموثوقة، وتخفيض أكبر بنسبة 50% في معدل إدخال الأنواع الغازية، ووضع ضوابط أو القضاء على هذه الأنواع، وتقليل المغذيات المفقودة في البيئة بمقدار النصف على الأقل، ومبيدات الآفات بنسبة الثلثين، والقضاء على تصريف النفايات البلاستيكية.
كما يدعو الإطار العالمي الجديد إلى دعم المساهمات المستندة إلى الطبيعة، في جهود التخفيف من آثار تغير المناخ العالمي، بما لا يقل عن 10 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وأن تتجنب جميع جهود التخفيف والتكيف الآثار السلبية على التنوع البيولوجي، فضلاً عن زيادة بقيمة 200 مليار دولار في التدفقات المالية الدولية من جميع المصادر، إلى البلدان النامية، وإعادة توجيه الحوافز الضارة بالتنوع البيولوجي بما لا يقل عن 500 مليار دولار في السنة.
وفي إطار الحوارات المجتمعية في مختلف الدول الأطراف قبل اعتماد الإطار العالمي الجديد للتنوع البيولوجي، قاد برنامج المنح الصغيرة في مصر، التابع لمرفق البيئة العالمية (GEF/SGP)، جلسات الحوار الوطني، بالشراكة مع قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، بدعم من مؤسسة «مافا» الدولية، حيث عقد 4 جلسات حوارية، برئاسة كل من الدكتور عماد الدين عدلي، المدير الوطني للبرنامج، والدكتور مصطفى فودة، خبير حماية الطبيعة ونقطة الاتصال الوطنية لاتفاقية التنوع البيولوجي.
وبمشاركة ممثلين عن وزارات البيئة والتخطيط والصناعة والبترول، ومجموعة من الخبراء والأكاديميين، وممثلي الجمعيات العاملة في حماية الطبيعة، عُقدت الجلسة الأولى يوم 21 أكتوبر من العام الماضي، بينما استضافت مدينة العين السخنة الجلسة الثانية نهاية نفس الشهر، ثم عقدت الجلسة الثالثة في مدينة الفيوم منتصف سبتمبر الماضي، وعُقدت الجلسة الرابعة والأخيرة منتصف أكتوبر الجاري بالقاهرة.
وأوضح فودة، أن جلسات الحوار الوطني تتضمن مناقشة سبل تنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي (GBF) ما بعد عام 2020، من خلال تناول عدة موضوعات مهمة، منها استعادة التنوع البيولوجي، والحلول القائمة على الطبيعة، بالإضافة إلى آثار تغير المناخ على التنوع البيولوجي.
من جانبه، استعرض المدير الوطني لبرنامج المنح الصغيرة مجالات عمل البرنامج، الذي تم إطلاق مرحلته العملية السابعة في سبتمبر الماضي، وتمتد لـ4 سنوات من 2022 حتى 2026، ومن ضمنها مجال التنوع البيولوجي، كما شرح الهدف من الحوارات المجتمعية والنتائج المتوقعة، في إطار التحضير لمؤتمر التنوع البيولوجي (COP-15)، المقرر عقده في مونتريال بكندا خلال شهر ديسمبر المقبل.
ولفت «عدلي» إلى أن إجمالي المشروعات التي تم تنفيذها بتمويل من برنامج المنح الصغيرة في مجال التنوع البيولوجي، على مدار المراحل الستة الماضية، بلغ عددها 57 مشروعاً، بتمويل حوالي 1.5 مليون دولار، مشيراً إلى أن المرحلة الأخيرة شهدت تنفيذ مشروع لتعميم التنوع البيولوجي، ودعم مشاركة منظمات المجتمع المدني في مؤتمر (COP-14)، الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ بمصر، في نوفمبر 2018.