تتجه أنظار العالم إلى العاصمة الأذربيجانية باكو، حيث تُعقد الدورة الـ29 من مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 29»، في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر الجاري، ويُعد هذا الحدث العالمي فرصة مهمة للتباحث حول قضية التغير المناخي، التي أصبحت من أكبر التحديات التي تواجه البشرية، وتهدد مقومات استمرار الحياة على كوكب الأرض.
يهدف مؤتمر «كوب 29» إلى تعزيز التزامات الدول بخفض الانبعاثات الكربونية، للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ضمن حد لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وفق ما أقرت غالبية دول العالم بموجب «اتفاق باريس»، في عام 2015، ورغم أن التوقعات تشير إلى احتمال ارتفاع درجات الحرارة بين 2.6 و3.1 درجة مئوية، إلا أن المؤتمر يسعى لتشجيع الدول على اتخاذ المزيد من الإجراءات، للوفاء بهدف عدم تجاوز 1.5 درجة.
وتُعد قضية تمويل المناخ من أبرز المحاور المطروحة للنقاش، حيث يركز المؤتمر على «الهدف الكمي الجماعي الجديد»، وهو هدف تمويل سنوي جديد للمناخ، سيبدأ بعد انتهاء التعهد الحالي البالغ 100 مليار دولار، والذي لم تلتزم الدول الغنية بتحقيقه بانتظام منذ عام 2020، مما أدى إلى تآكل الثقة لدى الدول الأكثر تضرراً من تغير المناخ، فيما تبحث الدول المتقدمة عن حلول تمويلية تشمل إصلاح مؤسسات الإقراض الدولية، وتحفيز استثمارات القطاع الخاص، مع استمرار الجدل حول حجم مساهمات الدول النامية مثل الصين ودول الخليج، وفي حين تقدر الأمم المتحدة الحاجة إلى تريليونات الدولارات سنوياً، لمكافحة التغير المناخي، يسعى بعض المسؤولين إلى تحقيق هدف جمع مئات المليارات كخطوة واقعية.
ورغم أن مؤتمر «كوب 28»، الذي عُقد العام الماضي في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، اتفق على أهمية التحول عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، شهد العام الماضي زيادة في استخدام وإنتاج الوقود الأحفوري، ما يجعل من الصعب في «كوب 29» تحديد جداول زمنية دقيقة للتخلي عن الوقود الأحفوري، إلا أن بعض الدول قد تسعى للضغط نحو إيقاف تصاريح إنشاء محطات جديدة تعمل بالفحم، كما سيناقش المؤتمر هدف مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة بمقدار ثلاث مرات، وزيادة كفاءة الطاقة، كوسيلة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
كما يستهدف المؤتمر وضع لوائح لتنظيم تداول أرصدة الكربون المكتسبة من الحفاظ على الغابات والموارد الطبيعية، لتطبيقها بشفافية وضمان سلامة بيئية للمشروعات المعنية، فيما لا تزال هناك بعض القضايا العالقة، مثل وضع معايير لتقييم أرصدة الكربون وتحديد موعد إلغائها.
وتأمل أذربيجان، الدولة المستضيفة للحدث العالمي، أن تقدم الدول تقاريرها الأولى حول التقدم في تحقيق الأهداف المناخية قبل الموعد النهائي في 31 ديسمبر، حيث ستوضح هذه التقارير مدى التقدم المحرز في كل دولة في تحقيق أهدافها، إضافة إلى تحديد احتياجات التمويل للبلدان النامية، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، أو التكيف مع التغيرات المناخية.
وفيما يتعلق بمحور التكيف مع تغير المناخ، يسعى المؤتمر إلى وضع أهداف واضحة، تساعد الدول على مواجهة تحديات مثل ارتفاع درجات الحرارة، وجفاف الأراضي الزراعية، وقد التزمت غالبية الدول العام الماضي، بإطار يحدد معايير مساعدة مواطنيها في التكيف مع التغيرات المناخية، إلا أن هذا الإطار مازال يفتقر إلى أهداف قابلة للقياس.
كما من المتوقع أن تطالب الدول النامية، التي تواجه كوارث ناجمة عن تغير المناخ، بزيادة المساهمات في صندوق الاستجابة للخسائر والأضرار، الذي جمع حتى الآن نحو 660 مليون دولار، لدعم المتضررين من الكوارث المناخية، مثل الفيضانات والجفاف