أطلقت منظمة الصحة العالمية نداءً جديداً بضرورة الإسراع في معالجة ما وصفتها بـ”كارثة صحية” في المنطقة العربية، والتي تتمثل في أن هناك نحو 51 مليون شخص لا تصل إليهم المياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى أكثر من 74 مليون يفتقرون لخدمات الصرف الصحي، في الوقت الذي أكدت فيه منظمة الأغذية والزراعة “الفاو”، أن المنطقة العربية هي أكثر منطقة تعاني من ندرة المياه حول العالم.

جاء هذا النداء على لسان منسق الصحة البيئية بمنظمة الصحة العالمية، حامد بكير، خلال اجتماع إقليمي استضافته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، ومنظمة “الفاو” في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، حول قضايا المياه في المنطقة العربية، بهدف التوصل إلى رؤية موحدة بشأن تنفيذ الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة.

وعُقد الاجتماع في “بيت الأمم المتحدة” بالعاصمة اللبنانية بيروت، يومي 28 و29 مارس، بمشاركة عدد كبير من المسئولين الحكوميين والخبراء وممثلي المنظمات غير الحكومية والدولية والإقليمية، ضمن الاجتماعات التحضيرية للمنتدى العربي للتنمية المستدامة، المقرر عقده في بيروت أيضاَ، خلال الفترة من 24 إلى 26 أبريل، وكذلك التحضير المنتدى السياسي رفيع المستوى، الذي سيُعقد في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، في الفترة من 9 إلى 18 يوليو 2018.

وتم تنظيم الاجتماع الإقليمي حول قضايا المياه بالتشاور مع أعضاء فريق عمل المنتدى السياسي رفيع المستوى، الذي تم تشكيله تحت رعاية المجلس الوزاري العربي للمياه، ويتألف من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والمركز العربي لدراسات الأراضي الجافة والمناطق القاحلة “أكساد”، والجمعية العربية لمرافق المياه “أكوا”، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، والمجلس العربي للمياه، ومركز البيئة والتنمية للمنطقة العربية وأوروبا “سيداري”، ومنظمة “الفاو”، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إضافة إلى الشبكة العربية للبيئة والتنمية “رائد”.

في مستهل اللقاء، تحدّثت مديرة شعبة سياسات التنمية المستدامة في “الإسكوا”، رلى مجدلاني، عن هدف الاجتماع، الذي يتناول قضايا المياه، وأكدت ترابط أهداف التنمية المستدامة وخاصةً بالهدف السادس، الذي يدعو إلى حصول الجميع على المياه النقية وخدمات الصرف الصحي، ودعت إلى الخروج من الاجتماع برسائل أساسية، بغية رفع أهم القضايا الخاصة بالمياه في المنطقة العربية، إلى المنتدى العربي للتنمية المستدامة، ومن أجل دعم الدول العربية في تحضيراتها للمنتدى السياسي الرفيع المستوى.

وقالت مدير إدارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي بجامعة الدول العربية، ندى العجيزي، إن الإدارة المتكاملة للمياه تعتبر إحدى أهمّ آليات تحقيق التنمية المستدامة، والتي تعبر عن ثقافة راسخة تدعو للتكامل بين القطاعات، وتدعو لانفتاح كل قطاع على الآخر، بهدف التنسيق والتخطيط والتنفيذ المنسجم، وتحقيق عائد اقتصادي وبيئي لكل القطاعات، حيث أن المياه تعبر كل القطاعات، وهي أساس العملية التنموية، مشيرةً إلى التعاون القائم بين الجامعة العربية و”الإسكوا” في مجالات متابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

وناقش الاجتماع التقدم الذي تحققَ في معالجة قضايا المياه، ضمن إطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030، بما فيها الدروس المستخلصة والقضايا والأولويات الإقليمية، حيث عرض المنسق العام لشبكة “رائد”، عماد الدين عدلي، ورئيس قسم الموارد المائية في “الإسكوا”، كارول شوشاني، للدروس المستخلصة من تقارير مبادرة الأهداف الإنمائية للألفية، مع التركيز على المؤشرات الإقليمية، بينما عرض مدير برنامج الموارد المائية في “سيداري”، خالد أبوزيد، لدروس إعداد تقرير الوضع المائي العربي.

وشكل الاجتماع فرصة لتبادل الخبرات، ومراجعة أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الحوار بين المعنيين حول القضايا المتعلقة بالمياه في الدول العربية، وعرض موفدو كل من فلسطين ولبنان ومصر مسار التقارير الوطنية “الاستعراض الوطني الطوعي”، بينما عرض الأردن والمغرب لتجربتهما في 2016 و2017، ومن المقرر أن تقدم 8 دول عربية تقاريرها الوطنية الطوعية حول التقدم المحرز في تنفيذ خطة عام 2030، إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى في نيويورك، وهي: البحرين، ومصر، ولبنان، وقطر، والسعودية، وفلسطين، والسودان، والإمارات.

وتطرق الاجتماع إلى الوضع العالمي للمياه والصرف الصحي، حيث قدم منسق ومدير البرنامج العالمي لتقييم الموارد المائية، ستيفان أولنبروك، تقريراً أظهر أن العالم ما زال متأخراً في مسار تحقيقه للهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، مؤكداً ارتباط التقدم في تحقيق الأهداف الأخرى بالمياه، وشدد على ضرورة تنفيذ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتحسين عملية جمع البيانات الإحصائية وتصنيفها، كما أكد على ضرورة استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة.

وأكد الدكتور عماد عدلي، المنسق العام لشبكة “رائد”، أن الاجتماع التحضيري حول قضايا المياه صدر عنه بيان إقليمي موحد، بشأن القضايا المتعلقة بالمياه، من المقرر أن يتم رفعه إلى المنتدى العربي للتنمية المستدامة يومي 24 و26 أبريل، وطرحه للمناقشة على جدول أعمال الدورة العاشرة للمجلس الوزاري العربي للمياه، التي ستًعقد في الكويت يوم 2 مايو، بالإضافة إلى عرضه على الاجتماعات الإقليمية التحضيرية للمنتدى السياسي رفيع المستوى.

جاء الاجتماع التحضيري العربي حول المياه كواحد من بين ثلاثة اجتماعات تحضيرية للمنتدى العربي للتنمية المستدامة، وللمنتدى السياسي رفيع المستوى، حيث تناول الاجتماع الأول قضايا الطاقة، وعُقد في بيروت أيضاً يومي 27 و28 مارس، بينما يتناول الاجتماع التحضيري الثالث قضايا البيئة والموارد الطبيعية، ويعقد في القاهرة يومي 11 و12 أبريل.

ويوفر المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2018 منصة عالمية لمتابعة واستعراض التقدم المحرز في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ويركز المنتدى في كل دورة من دوراته السنوية على موضوع محدد، بالإضافة إلى ستة أهداف للتنمية المستدامة، وتركز دورته لهذا العام على “التحول إلى مجتمعات مستدامة وقادرة على التكيف”، وتتضمن الأهداف الستة، التي سوف يتم مراجعتها بشكل تفصيلي الهدف السادس حول “ضمان توفر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع.”