تُعد قضايا ندرة المياه والتصحر وتدهور الأراضى، وانخفاض كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، من أكبر التحديات البيئية الملحة بالمنطقة العربية، وتزداد تفاقماً بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني، وموجة الصراعات والاضطرابات السياسية التي تواجه عدداً من بلدان المنطقة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أعداد اللاجئين والمشردين، وبالتالي زيادة الضغط على الموارد الطبيعية في المناطق النازحين إليها.

ونظراً لأن القضايا البيئية من المحاور المطروحة بقوة على أجندة المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة لعام 2018، المقرر عقده في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من 9 إلى 18 يوليو، تستضيف جامعة الدول العربية اجتماعاً إقليمياً حول البيئة والموارد الطبيعية يومي 11 و12 أبريل، تنظمه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والأمانة العامة للجامعة العربية في القاهرة.

ويأتي الاجتماع تماشياً مع قرار مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة، بشأن تنظيم اجتماعات تحضيرية لمناقشة القضايا والأولويات البيئية والموارد الطبيعية في المنطقة العربية، لإعداد مساهمات المجلس في كل من المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2018، المقرر عقده في العاصمة اللبنانية بيروت، خلال الفترة من 24 إلى 26 أبريل، وفي المنتدى السياسي رفيع المستوى بنيويورك، الذي يُعقد تحت عنوان “التحول نحو مجتمعات مستدامة وأكثر قدرة على الصمود”، بما يكفل توفير الخدمات الإيكولوجية، التي تسهم بدورها في زيادة الدخل، والتخفيف من وطأة الفقر.

ويعكس الاجتماع موضوعات المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2018، ليشمل أهداف التنمية المستدامة الرئيسية الثلاثة المتصلة بالبيئة، وهي الأهداف أرقام 11 و12 و15، من خلال ثلاثة محاور رئيسية، يتضمن المحور الأول المدن المستدامة والتلوث، والثاني الاستهلاك والإنتاج المستدامين، بينما يناقش المحور الثالث مكافحة التصحر وتعزيز التنوع البيولوجي.

وفيما يتعلق بالمحور الأول الخاص بالمدن المستدامة والتلوث، فقد شهد العالم خلال العقود الأخيرة، نمواً حضريا غير مسبوق، أدى إلى تحديات هائلة، بما في ذلك تلوث الهواء والماء الناتج عن النفايات الصلبة، بالإضافة الى عدم توافر الخدمات الأساسية والبنى التحتية الأساسية، حيث تمثل المعالجة والإدارة الآمنة لمياه الصرف الصحي المنزلية والصناعية، والنفايات الصلبة، مع التخطيط السليم لاستخدام الأراضي، والتركيز على التصميم المتناغم مع البيئة، مساهمات حيوية للمدن المستدامة.

كما أن تلوث الهواء الناجم عن قطاع النقل غير المستدام، والأنشطة الصناعية غير الخاضعة للرقابة، يمكن أن يؤدي إلى مخاطر صحية وبيئية جسيمة، واستنادا إلى النتائج التي توصل إليها برنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة في المدن، سيناقش الاجتماع الخيارات والفرص وقصص النجاح نحو التنمية الحضرية المستدامة بالمنطقة، بما يتماشى مع خطة عام 2030، وخطط التنمية الحضرية.

وبالنسبة للمحور الثاني المتعلق بالاستهلاك والإنتاج المستدامين، فقد أشارت التقييمات الأخيرة إلى أن عدداً محدوداً من البلدان العربية تمكنت من تحقيق أداء قوي ومتوازن، عبر مجموعة واسعة من المؤشرات الاجتماعية والبيئية، ومؤشرات الاستهلاك والانتاج المستدامين، وتسير على الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف المرجوة لعام 2030، مع الوضع في الاعتبار أن سبعة بلدان عربية على الأقل، اعتمدت خطط عمل وطنية خاصة بالاستهلاك والانتاج المستدامين.

وعلى المستوى دون الإقليمي، هنالك اختلاف كبير فيما يتعلق بالتقدم والتحديات والأولويات، ففي منطقة المشرق، تم أحراز تقدم جيد في معظم البلدان بشأن المؤشرات الاجتماعية، في حين أحرزت بلدان منطقة المغرب العربي تقدماً قوياً فيما يتعلق بالمؤشرات ذات الصلة بالاستهلاك والانتاج المستدامين، عند مقارنتها بالمناطق العربية الأخرى، كما تشير البيانات إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي حققت نتائج متباينة، أما البلدان الأقل نمواً فقد حققت تقدماً ضعيفاً في المؤشرات المتعلقة بنتائج التنمية الاجتماعية.

واستناداً إلى تقرير “الإسكوا” حول “التقدم المحرز في الاستهلاك والإنتاج المستدامين في المنطقة العربية”، وإلى الاستراتيجية العربية للاستهلاك والإنتاج المستدامين، وإلى توصيات الاجتماع الخامس للمائدة المستديرة العربية بشأن الاستهلاك والإنتاج المستدامين، سيتم خلال الاجتماع تبادل وجهات النظر، ومناقشة سبل تحقيق أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامين، من خلال وضع خطط وطنية متينة، وتأكيد أهمية دمجها في الخطط الوطنية والقطاعية، بالتزامن مع تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والممارسات التجارية المستدامة، والسلوك السليم للمستهلك، بالإضافة إلى التكنولوجيات الخضراء، وفصل النمو الاقتصادي عن استخدام الموارد الطبيعية.

أما المحور الثالث للاجتماع التحضيري بالقاهرة، والخاص بمكافحة التصحر وتعزيز التنوع البيولوجي، فسوف يركز على اعتبار الأراضي والنظم الإيكولوجية السليمة، عناصر أساسية بالنسبة للزراعة المرنة والمنتجة، والتأكيد على أن معظم المنطقة العربية معرضة للجفاف والتصحر وتآكل التربة، وفقدان التنوع البيولوجي، مما يهدد سبل العيش المستدام.

وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 90% من المنطقة العربية يعاني من الجفاف، بالإضافة إلى سوء إدارة الموارد المائية، وقطع الأشجار، والرعي الجائر، وجميعها من العوامل التى أدت تفاقم مشكلات التصحر وفقدان التنوع البيولوجي، الأمر الذي تسبب تدهور التربة لنحو 3.15 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، وانخفاض متوسط الغطاء النباتي كنسبة مئوية من مساحة الأراضي في المنطقة العربية.

ورغم أن الكثير من البلدان العربية تبذل جهوداً حثيثة للحفاظ على تنوعها البيولوجي، من خلال عمل “الفريق العربي المعني بمكافحة التصحر وفقدان التنوع البيولوجي”، وتوسيع المناطق المحمية، إلا أن معدلات التصحر آخذة في الارتفاع بالمنطقة العربية، وسيتم خلال الاجتماع تبادل وجهات النظر، ومناقشة سبل تعزيز الترابط بين نتائج البحوث العلمية ودورها في تعزيز السياسات من أجل الحفاظ على الأراضي بصورة سليمة، والحفاظ على التنوع البيولوجي.

ويهدف الاجتماع التحضيري للمنتدى العربية للتنمية المستدامة والمنتدى السياسي رفيع المستوى، حول قضايا البيئة والموارد الطبيعية، إلى الخروج بوثيقة ختامية حول الرسائل الأساسية والاستنتاجات والتوصيات التي تعكس وجهات نظر المشاركين، لرفعها إلى المنتدى العربي في بيروت، كمساهمة من مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة.