31 رسالة لاستعادة سلامة الكوكب وصحة البشر دون تأخير

تضمن التقرير السادس لتوقعات البيئة العالمية تحذيراً من أن الوضع البيئي على الصعيد العالمي، بشكل عام، آخذ في التدهور، كما تضمن التقرير، الذي تم إصدار نسخته العربية بالقاهرة مؤخراً، عدداً من الرسائل العملية، من أجل الحفاظ على كوكب الأرض سليماً، مع الدعوة إلى اتخاذ إجراءات متكاملة، وإلى سرعة التحرك دون تأخير لاستعادة سلامة الكوكب وصحة البشر.

وأطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة النسخة العربية من تقرير توقعات البيئة العالمية السادس، من مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، خلال فعالية مشتركة بالتعاون مع مركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا «سيداري»، شهدت كلمة مسجلة للمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنجر أندرسن، ووزيرة البيئة المصرية، الدكتورة ياسمين فؤاد.

وأكد الدكتور محمود فتح الله، مدير إدارة شؤون البيئة والأرصاد بجامعة الدول العربية، أن إطلاق النسخة العربية من التقرير السادس لتوقعات البيئة العالمية يأتي في إطار التعاون المستمر بين جامعة الدول العربية وشركائها من برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومركز «سيداري»، ضمن جهود كافة الشركاء لإتاحة الفرصة أمام متخذي القرار والباحثين، كما يمثل فرصة لتلبية حاجات المهتمين بالشأن البيئي في المنطقة.

ويؤكد التقرير السادس لتوقعات البيئة العالمية على ضرورة التصدي للتدهور البيئي الذي يشهده العالم حاليا، من خلال اتباع سياسات تقضي على الأسباب الجذرية للأضرار البيئية، وتساعد على تنفيذ تحولات في أنظمة الطاقة والغذاء والنفايات العالمية بحلول عام 2050، لافتا إلى أنه إذا تم تنفيذ ذلك بطريقة مدروسة ومسؤولة فستعود بالعديد من المنافع البيئية والاقتصادية والاجتماعية على المنطقة.

ويتضمن التقرير مجموعة من الرسائل الرئيسية، تصل إلى 31 رسالة، من أجل العمل على استعادة سلامة كوكب الأرض دون تأخير وقبل فوات الأوان، بالإضافة إلى العمل على حماية صحة البشر.

كوكب سليم وأناس أصحاء.. حان وقت العمل

1- تقرير توقعات البيئة العالمية السادس، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، هو التقرير الأكثر شمولاً عن البيئة العالمية منذ عام 2012، ويظهر التقرير أن الوضع البيئي بشكل عام على الصعيد العالمي آخذ في التدهور، وأن نافذة العمل آخذة في الانغلاق.

2- ويبين تقرير توقعات البيئة العالمية السادس أن وجود بيئة صحيحة هو شرط وأساس لتحقيق الازدهار الاقتصادي والصحة والرفاه البشريين، وهو يتناول التحدي الرئيسي لخطة التنمية المستدامة لعام 2030: عدم ترك أي أحد خلف الركب، وأن الجميع ينبغي أن يعيش حياة صحية وممتعة بما يحقق الخير للجميع، الأجيال الحالية والمقبلة.

3- إن أنماط واتجاهات الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة وعدم المساواة، عندما تقترن بالزيادات في استخدام الموارد بفعل النمو السكاني، تعرض للخطر الكوكب السليم الضروري لتحقيق التنمية المستدامة، هذه الاتجاهات تؤدي إلى تدهور سلامة الكوكب بمعدلات لم يسبق لها مثيل، مع حدوث عواقب وخيمة بشكل متزايد، لاسيما على الناس والمناطق الأشد فقراً.

4- علاوة على ذلك، فإن العالم لا يسير على المسار الصحيح لتحقيق البعد البيئي لأهداف التنمية المستدامة، أو الأهداف البيئية الأخرى المتفق عليها دولياً بحلول عام 2030؛ وهو أيضاً لا يسير على المسار الصحيح لتحقيق الاستدامة الطويلة الأجل بحلول عام 2050، وهناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة وتعزيز التعاون الدولي لعكس مسار تلك الاتجاهات السلبية، واستعادة سلامة الكوكب والصحة البشرية.

5- لقد أدخلت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الماضي والحاضر العالم بالفعل في فترة طويلة من تغير المناخ، نتجت عنها مخاطر متعددة ومتزايدة في مجال البيئة، وعلى نطاق المجتمع.

6- ومن المتوقع أن تستمر الآثار السلبية على الصحة جراء تلوث الهواء، الذي يتسبب حالياً فيما يتراوح من 6 إلى 7 ملايين حالة وفاة مبكرة سنوياً، وأن يظل هذا التلوث يتسبب فيما بين 4.5 و7 ملايين حالة وفاة مبكرة سنوياً بحلول منتصف القرن.

7- ويدفع فقدان التنوع البيولوجي نتيجة للتغير في استخدام الأراضي، وتشظي الموائل، والاستغلال المفرط، والاتجار غير المشروع في الأحياء البرية، والأنواع الغازية، والتلوث، وتغير المناخ، باتجاه انقراض جماعي للأنواع، بما في ذلك الأنواع التي تقدم خدمات نظم إيكولوجية بالغة الأهمية، مثل الملقحات، هذا الانقراض الجماعي يعرض للخطر السلامة الإيكولوجية للأرض، وقدرتها على تلبية الاحتياجات البشرية.

8- وتوجد النفايات البلاستيكية البحرية، بما في ذلك الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، في جميع مستويات النظام الإيكولوجي البحري، كما أنها تظهر في الأسماك والأسماك الصدفية بمستويات وتواتر ينذر بالخطر، ولا تعرف حتى الآن الآثار السلبية الطويلة الأجل للجسيمات البلاستيكية البحرية الدقيقة على النظام البحري، مع احتمال حدوث آثار على صحة الإنسان، من خلال استهلاك الأسماك والمنتجات البحرية، ولا تزال هناك حاجة لإجراء المزيد من البحوث بشأن حجم هذه المشكلة.

9- ويشكل تدهور الأراضي تهديداً متزايداً لرفاه البشر والنظم الإيكولوجية، ولاسيما للقاطنين في المناطق الريفية الذين هم الأكثر اعتماداً على الأراضي من أجل الإنتاجية، وتغطي بؤر تدهور الأراضي ما يقارب 29% من الأراضي على الصعيد العالمي، وهي أراض يعيش فيها زهاء 3.2 مليار شخص.

10- وتعاني الموارد الطبيعية، بما في ذلك المياه العذبة والمحيطات، في أغلب الأحيان من الاستغلال المفرط وسوء الإدارة والتلوث، ويموت نحو 1.4 مليون شخص سنوياً من أمراض يمكن الوقاية منها، مثل الإسهال والطفيليات المعوية، التي ترتبط بمياه الشرب الملوثة بمسببات العوامل الممرضة والمرافق الصحية غير الملائمة.

11- ومن المتوقع أن تصبح الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية أحد الأسباب الرئيسية للوفاة على نطاق العالم بحلول عام 2050، ويمكن أن تكون لتكنولوجيا معالجة مياه الصرف الميسورة التكلفة والمتاحة على نطاق واسع لإزالة مخلفات المضادات الحيوية، فوائد جمة لجميع البلدان، وهناك حاجة إلى بذل جهود أكبر لضبط سوء إدارة العقاقير المضادة للبكتيريا من المنبع، سواء في الاستخدام البشري أو الزراعي.

12- ويشكل التأثير الضار لإساءة استخدام مبيدات الآفات والمعادن الثقيلة والمواد البلاستيكية والمواد الأخرى مصدر قلق كبير، نظراً لأن هذه المركبات تظهر بمستويات مرتفعة بشكل خطير في إمداداتنا الغذائية، وهي تؤثر في المقام الأول على أفراد المجتمع الضعفاء، مثل الأطفال الذين يتعرضون لمستويات مرتفعة من المواد الكيميائية، ومن المحتمل أن تعاني العديد من الأجيال من تأثير المواد السامة للأعصاب والمواد الكيميائية المعيقة لعمل الغدد الصماء.

التغيير التحويلي: دعوة لاتخاذ إجراءات سياساتية نظامية ومتكاملة

13 – في كثير من الأحيان تتجاوز التكاليف الاجتماعية والاقتصادية للتقاعس عن العمل، تكاليف العمل، وتكون موزعة بصورة غير متساوية، وتتحملها في كثير من الأحيان الفئات الأشد فقراً والأكثر ضعفاً في المجتمع، بما في ذلك الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، ولاسيما في البلدان النامية.

14- ولا تكفي السياسات البيئية الحالية وحدها للتصدي لهذه التحديات، بل هناك حاجة لاتخاذ إجراءات سياساتية عاجلة شاملة لعدة قطاعات، من خلال نهج يشمل المجتمع كله، من أجل التصدي لتحديات التنمية المستدامة.

15- إن تحقيق الأهداف البيئية المتفق عليها دولياً بشأن مكافحة التلوث وأنشطة التنظيف، وتحسينات الكفاءة، هو أمر بالغ الأهمية، ولكنه لا يكفي وحده لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولابد من إجراء تغيير تحويلي للسماح بوضع سياسات استراتيجية متكاملة طويلة الأجل وتوحيدها، وفي الوقت نفسه بناء ابتكار اجتماعي وثقافي ومؤسسي وتكنولوجي منطلق من القاعدة.

16- وتشمل السمات الرئيسية للسياسات البيئية الفعالة للتنمية المستدامة الأهداف المتكاملة، والأهداف القائمة على العلم، والصكوك الاقتصادية، والأنظمة، والتعاون الدولي الفعال.

17- ويشمل التغيير التحويلي الذي سيمكننا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة وغيرها من الأهداف المتفق عليها دولياً، مضاعفة معدل إزالة الكربون الحالي ثلاث مرات ونحن نتجه نحو عام 2050، وتحقيق زيادة قدرها 50% في إنتاج الغذاء، واعتماد نظم غذائية صحية ومستدامة في جميع مناطق العالم.

18- وستكون التغييرات التحويلية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة أنجح عندما تكون عادلة وتراعي المساواة بين الجنسين، وتقر بأنه ستكون هناك آثار مختلفة على الرجال والنساء والأطفال والمسنين، وتأخذ في الاعتبار المخاطر المتأصلة في المجتمع.

19- ويمكن أن يفوق مجموع الفوائد الصحية المشتركة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وملوثات الهواء، بما في ذلك ملوثات المناخ القصيرة العمر، تكاليف التخفيف، مع تحقيق أهداف تتعلق بالمناخ ونوعية الهواء، وزيادة الإنتاج الزراعي والحد من فقدان التنوع البيولوجي، ويمكن للحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي أن يوفر فوائد بيئية وصحية مشتركة.

20- ويمكن تحقيق نتائج مستدامة على أفضل وجه من خلال الجمع بين أهداف الكفاءة في استخدام الموارد، والإدارة القائمة على النظم الإيكولوجية وتحسين صحة الإنسان، بالاستفادة من المعارف العلمية والأصلية والمحلية.

إدارة الابتكارات: الابتكارات في مجال الإدارة

21- الغذاء والطاقة ونظم النقل والتخطيط الحضري وإنتاج المواد الكيميائية، هي من الأمثلة الأساسية على نظم الإنتاج والاستهلاك التي تحتاج إلى سياسات مبتكرة فعالة ومتكاملة.

22- وتشكل الابتكارات جزءاً من الحل، ولكنها يمكن أن تسبب أيضاً مخاطر جديدة، وأن تنطوي على آثار بيئية سلبية، وعندما تكون الأدلة العلمية ذات الصلة غير كافية لتوجيه عملية صنع القرار، يمكن للنهج التحوطية أن تقلل من مخاطر حدوث ضرر جسيم أو ضرر يتعذر إصلاحه.

23- ومن شأن الابتكار في مجال التكنولوجيا ونشرها للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وزيادة كفاءة الموارد، أن يعزز الأداء الاقتصادي للمنشآت والبلديات والبلدان وأصحاب المصلحة الآخرين.

24- ويمكن تعزيز الاتفاق بشأن المسارات المرجوة للتغيير التحويلي في ظروف عدم اليقين، من خلال تحالفات بين الحكومات والأعمال التجارية والباحثين والمجتمع المدني.

25- وتتحقق التنمية المستدامة على الأرجح من خلال طرائق جديدة للحوكمة والإدارة التكيفية، التي تعطي أولوية أكبر للبعد البيئي لأهداف التنمية المستدامة، مع تعزيز المساواة بين الجنسين، والتثقيف من أجل الإنتاج والاستهلاك المستدامين.

مع وقت الحصاد: المعرفة من أجل الاستدامة

26- لابد أن تكفل نماذج إدارة الاستدامة الجديدة هذه أيضاً الاستثمار الملائم في النظم المعرفية، مثل البيانات والمؤشرات والتقييمات وتقييم السياسات وتبادل المنابر، والعمل على الإشارات المبكرة المتفق عليها دولياً من العلم والمجتمع، لتفادي الآثار والتكاليف البيئية غير الضرورية.

27- ويمكن للبيانات المستمدة من الأقمار الصناعية (السواتل)، بالاقتران مع الرصد على أرض الواقع، أن تتيح اتخاذ إجراءات أسرع على نطاق العالم، استجابة لظواهر جوية قصوى، على سبيل المثال، وسيمكن توسيع نطاق الوصول إلى البيانات والمعلومات والمعارف، وتحسين الهياكل الأساسية، والقدرة على تسخير هذه المعارف من استخدام هذه البيانات الاستخدام الأكثر فعالية.

28- وسيؤدي المزيد من الاستثمار في المؤشرات التي تدمج مختلف مصادر البيانات، وتحدد بوضوح الجوانب الجنسانية وجوانب اللامساواة، إلى تيسير تدخلات سياساتية أفضل تصميماً وتقييمها.

29- وهناك حاجة إلى عمليات تطوير إضافية في محاسبة الموارد البيئية والطبيعية، لضمان استيعاب التكاليف البيئية في عملية صنع القرار الاقتصادي من أجل تحقيق الاستدامة.

30- ومن شأن تسخير ثورة البيانات والمعارف الجارية والتأكد من صحة وصلاحية هذه البيانات لدعم التنمية المستدامة، إلى جانب التعاون الدولي، أن يحول القدرات نحو التصدي للتحديات، وأن يسرع التقدم نحو تحقيق التنمية المستدامة.

31- والأهم من ذلك كله هو ضرورة اتخاذ إجراءات جريئة وعاجلة ومستدامة وشاملة وتحويلية تجمع الأنشطة البيئية والاقتصادية والاجتماعية، من أجل وضع المجتمع على مسارات تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف والأهداف البيئية المتفق عليها دولياً والغايات الأخرى القائمة على العلم.