أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، نائب رئيس مجلس الوزراء، عن ما يمكن وصفها بأكبر مبادرتين لرسم معالم مستقبل مستدام في المملكة، تتمثل في مبادرة «السعودية الخضراء»، ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، معتبراً أنهما ترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة، ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، وتسهمان بشكل قوي في تحقيق المستهدفات العالمية، وفق تقرير أوردته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أواخر شهر مارس الماضي.
وأكد ولي العهد السعودي، خلال إعلانه عن المبادرتين، أنه «بصفتنا منتجاً عالمياً رائداً للنفط، ندرك تماماً نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة»، معتبراً أن المملكة والمنطقة تواجهان الكثير من التحديات البيئية، مثل التصحر، الأمر الذي يشكل تهديداً اقتصاديا للمنطقة، حيث تشير التقديرات إلى أن المنطقة تفقد حوالي 13 مليار دولار سنوياً، نتيجة العواصف الرملية، كما أن تلوث الهواء بغازات الاحتباس الحراري يُعد سبباً رئيسياً في تقلص متوسط عمر المواطنين بمعدل سنة ونصف.
وأضاف ولي العهد قائلاً: «سنعمل من خلال مبادرة السعودية الخضراء، على رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية»، وبين أنها تتضمن عدداً من المبادرات الطموحة، من أبرزها زراعة 10 مليارات شجرة خلال العقود القادمة، ما يعادل إعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، مما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار حالياً إلى 12 ضعف، تمثل مساهمة المملكة بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي، و1% من المستهدف العالمي لزراعة ترليون شجرة.
كما لفت إلى أن المبادرة ستعمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة أراضيها، التي تقدر بـ600 ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي، بحماية 17% من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية، وأبرز أن مبادرة «السعودية الخضراء» ستعمل كذلك على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4% من المساهمات العالمية، من خلال مشاريع الطاقة المتجددة، التي ستوفر 50% من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة، التي ستمحي أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المدافن إلى 94%.
وأوضح «محمد بن سلمان» أنه بينما لا يزال هناك الكثير الذي يتوجب القيام به، إلا أن المملكة مصممة على إحداث تأثير عالمي دائم، وانطلاقاً من دورها الريادي، ستبدأ العمل على مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، بالشراكة مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط، وتسعى بالشراكة مع الأشقاء لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط، مبينا أن البرنامج يهدف لزراعة 50 مليار شجرة، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، وهو ضعف حجم السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل، ثاني أكبر مبادرة إقليمية من هذا النوع.
وجاء في بيان للسفارة السعودية بالقاهرة أن المملكة، بصفتها واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، تستهدف خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن إنتاج النفط في المنطقة بنسبة 60%، وبالنظر إلى كون حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط لا تتجاوز حدود 7%، فإن المملكة ستعمل مع الدول الشقيقة والصديقة على نقل المعرفة ومشاركة الخبرات، لضمان رفع كفاءة التقنيات المستخدمة في إنتاج النفط، والوصول بمستويات الانبعاثات الكربونية إلى أدنى المعدلات، والمضي قدماً وبخطى متسارعة في تحقيق الأهداف العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي.
وأعلنت السفارة، في بيانها الذي تلقت «جسور 2030» نسخة منه، عن اعتزام المملكة العربية السعودية الدعوة إلى عقد قمة سنوية، تحت عنوان «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، بحضور قادة الدول والوزارات والمختصين في المجال البيئي، لمناقشة تفاصيل المبادرات وآلية تطبيقها، بداية من الربع الأخير من العام الجاري، وتستمر دورياً خلال العقدين المقبلين، كما ستعمل المملكة على إنشاء منظمة غير ربحية، لتنفيذ مقررات القمة، ومتابعة تحقيق مستهدفات هذه المبادرات.