25 مليون شاب يواجهون «المجهول» خارج دائرة العمل.. وحرمان 32 مليون «مسن» من فرص الرعاية

«الإسكوا»: 87 مليون شخص يعانون نقص مياه الشرب بينهم 74 مليون يفتقدون مرافق غسل اليدين

رغم أن تداعيات «جائحة كورونا» طالت الجميع في مختلف أنحاء العالم، بما فيها المنطقة العربية، إلا أن هذه التداعيات كانت أكثر حدة لفئتين أساسيتين من شعوب دول المنطقة، الفئة الأولى، وهي فئة الشباب، تسجل أساساً أعلى مستوى بطالة وأكثرها تزايداً في العالم، بنسبة تناهز 23%، وتواجه تحديات بالغة في العودة إلى سوق العمل نتيجة إجراءات الإغلاق، أما الفئة الثانية فهم كبار السن، الذين تسببت الجائحة في مضاعفة المخاطر على ما يقرب من 32 مليون منهم، نتيجة حرمانهم من فرص الرعاية.

ولتقييم تأثيرات أزمة «كوفيد-19» على هاتين الفئتين تحديداً، باعتبارهما أكثر الفئات تضرراً بي سكان المنطقة العربية، أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا الإسكوا دراستين منفصلتين، الأولى حول أثر جائحة كورونا على الشباب، بينما تناولت الدراسة الثانية، والتي تم إعدادها بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، أثر الجائحة على كبار السن، وتضمنت الدراستان عدة اقتراحات لمساعدة الحكومات على حماية هاتين الفئتين، سواء في هذه المرحلة الحرجة، أو فيما بعدها.

وجاء إصدار هاتين الدراستين من قبل لجنة «الإسكوا»، بعد أيام على صدور دراسة مماثلة، تضمنت أثار «جائحة كورونا» على فئة سكانية أخرى، وهي النساء والفتيات، كجزء من سلسلة دراسات تجريها اللجنة الأممية لتقييم تداعيات الأزمة على شعوب المنطقة، بهدف مساعدة حكومات الدول العربية في جهودها المشتركة للتخفيف من وقع الوباء العالمي.

وبحسب الدراسة حول «آثار جائحة كوفيد-19 على الشباب في المنطقة العربيّة»، فإن سوق العمل سيتطلب، في فترة التعافي وما بعدها، مجموعة جديدة من المهارات قد لا يتمتع بها معظم الشباب، لاسيما الملايين ممن ينخرطون في القطاع غير النظامي، وهم الأغلبية الساحقة، إذ تصل نسبتهم إلى 85% من إجمالي الشباب في كافة الدول العربية، حيث يجد ملايين الشباب أنفسهم على شفير السقوط في براثن الفقر، خصوصاً من يعيش منهم في المناطق الريفية وذوو الإعاقة.

وكشفت الدراسة عن أن ما يقرب من 100 مليون طالب حالياً خارج المدرسة، كما أن جودة الاتصال بشبكة الإنترنت، التي لا تتوفر خدماتها لأكثر من 52% من الأسر العربية خارج بلدان مجلس التعاون الخليجي، تطرح تحديات بالغة أمام فرص التعلم عن بعد، رغم الجهود المبذولة في هذا المجال، فضلاً عن عودة نحو 480 ألف طالب ممن كانوا يدرسون في الخارج إلى بلدانهم، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم المشكلة، مع بقاء أكثر من 25 مليون شاب وفتاة خارج دائرة العمل والتعليم والتدريب.

وفي إطار توصياتها للتغلب على هذه التحديات، تضمنت الدراسة اقتراحاً من الأمين التنفيذي لـ«الإسكوا»، الدكتورة رولا دشتي، دعت من خلاله حكومات كافة الدول العربية إلى إعادة النظر في الاستراتيجيات الوطنية للشباب، لزيادة فرص إدماجهم ومشاركتهم، ووضع الخطط اللازمة للاستثمار في مشاريع الشباب لريادة الأعمال، كما دعت أيضاً إلى العمل على زيادة النفاذ الرقمي، كماً ونوعاً، وتخفيض تكاليف خدمات الإنترنت، وتيسير وصولها في جميع أنحاء المنطقة.

وفي دراسة أخرى حول «آثار جائحة كوفيد-19 على كبار السن في المنطقة العربيّة»، حذرت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا من أن كبار السن، من النساء على وجه الخصوص، وذوات الإعاقات الشديدة إلى المتوسطة، هنّ أكثر عرضة للمخاطر بسبب الجائحة، ويبلغ عددهن نحو 4 ملايين، من أصل 7 ملايين من كبار السن في المنطقة، ممن يعانون إعاقات مختلفة، كما أظهرت الدراسة أن ارتفاع معدلات الأمية وعدم الإلمام بالتكنولوجيا، من العوامل التي تؤدي إلى الحد من قدرة كبار السن على الاطلاع على تدابير الوقاية من الجائحة، أو قدرتهم على الاتصال بالآخرين لطلب المساعدة، أو التخفيف من الشعور بالعزلة، وأضافت أن ذلك الوضع يمكن أن يتفاقم أيضاً، بفعل محدودية التغطية الصحية الشاملة، وعدم كفاية خدمات الحماية الاجتماعية لكبار السن في كثير من دول المنطقة.

وفي تعقيبها على نتائج الدراسة، أوصت «دشتي» بدعوة حكومات الدول العربية إلى زيادة تغطية نظم الحماية الاجتماعية، لضمان حصول جميع كبار السن على خدمات صحية يمكنهم تحمل تكاليفها، وتوفير مرافق الرعاية الصحية لهم، والمعلومات الأساسية التي تمكنهم من أن يكونوا على اطلاع دائم على مستجدات الأزمة، وأكدت على أهمية رصد حالات الإهمال والعنف التي قد يتعرضون لها، والعمل على معالجتها على الفور، كما لفتت إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه أفراد الأسرة والجيران والأصدقاء في التخفيف من وطأة الجائحة على كبار السن، عن طريق البقاء على تواصل معهم، للحد من شعورهم بالعزلة.

وكشفت دراسة سابقة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا عن «نتيجة صادمة»، عندما أشارت إلى أنه في الوقت الذي يتوافق فيه العالم على أن غسل اليدين بالماء والصابون أفضل وسيلة للوقاية من انتقال فيروس «كورونا»، فإن هذه الممارسة البسيطة قد تشكل أحد التحديات البالغة في المنطقة العربية، حيث يفتقر نحو 87 مليون شخص إلى إمدادات مياه الشرب النقية في أماكن إقامتهم، من ضمنهم 74 مليون شخص يفتقدون مرافق غسل اليدين، مما يفاقم خطر إصابتهم بفيروس «كورونا»، بسبب اضطرارهم إلى جلب المياه من المصادر العامة، وعادةً تكون النساء والفتيات في المجتمعات الريفية وضواحي المدن والأحياء العشوائية التي لا تصل إليها شبكات إمدادات المياه، هن الأكثر تعرضاً لخطر الإصابة، حيث تقع مهمة جلب المياه غالباً على عاتقهن.

وتوقعت «الإسكوا» زيادة الطلب على المياه في المنطقة العربية، التي تعاني في الأصل عجزاً في الموارد المائية، بمقدار يتراوح بين 9 و12 لتراً للفرد في اليوم الواحد، للوفاء بمتطلبات غسل اليدين والنظافة الشخصية، وذلك دون احتساب الاحتياجات الأخرى من المياه لغسل الملابس والتنظيف وإعداد الطعام، حيث أشارت الدراسة إلى أن الزيادة المتوقعة في الطلب المنزلي على المياه في المنطقة العربية، ستتراوح بين 4 و5 ملايين متر مكعب يومياً، إلا أنها اعتبرت أن ما يزيد الوضع سوءاً، عدم كفاية إمدادات المياه المنقولة للمنازل عبر شبكات الأنابيب، في 10 بلدان على الأقل، من أصل 22 دولة عربية.