حذر الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، البروفيسور سيليست ساولو، من أن العام 2024 الجاري قد يكون الأكثر احتراراً، ليتجاوز العام السابق 2023، حينما وصل متوسط درجة الحرارة العالمية في شهر يوليو 2023، إلى أعلى مستوى تم تسجيله على الإطلاق، فيما تشير الأدلة إلى أنه كان الأكثر احتراراً منذ 120 ألف سنة على الأقل.
يأتي ذلك مع استبدال ظاهرة «لانينيا» الباردة بظاهرة «النينيو» الدافئة في منتصف العام الماضي، والتي عادةً ما يكون لها أكبر تأثير على درجات الحرارة العالمية بعد ذروتها، وتُعد ظاهرة «النينيو – التذبذب الجنوبي» (ENSO)، هي سلسلة من أحداث الاحترار والتبريد التي تحدث على طول خط الاستواء في المحيط الهادئ، وتحدث عندما يكون هناك انخفاض في كمية المياه الباردة، التي ترتفع إلى سطح البحر بالقرب من أمريكا الجنوبية.
ويؤدي ذلك إلى زيادة درجات حرارة سطح البحر عبر المحيط الهادئ، مما يؤدي بعد ذلك إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي فوق المحيط، أما جزء التبريد، فيطلق عليه اسم «لانينيا» (La Niña)، وله تأثير معاكس، وتحدث ظواهر «النينيو» و«لانينيا» كل سنتين إلى سبع سنوات، وتستمر عادة لمدة من 9 إلى 12 شهراً، ولكنها قد تدوم لعدة سنوات في كل مرة.
وأوضح «ساولو» أنه «بينما تحدث ظاهرة النينيو بشكل طبيعي، وتأتي وتذهب من عام إلى آخر، فإن تغير المناخ على المدى الطويل يتصاعد، وهذا بشكل لا لبس فيه بسبب الأنشطة البشرية»، مشيراً إلى أنه في كل شهر بين يونيو وديسمبر، يتم تسجيل أرقام قياسية جديدة، مما دفع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى القول إن شهري يوليو وأغسطس كانا الشهرين الأكثر حرارة على الإطلاق.
ورغم أن حد الارتفاع في درجات الحرارة، المنصوص عليه بوضوح في اتفاق باريس لعام 2015 بشأن تغير المناخ، يجب ألا يتجاوز 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، فإن هذا الحد يشير إلى متوسط زيادة درجات الحرارة على المدى الطويل على مدى عقود، وليس سنة فردية مثل عام 2023.
وقال الأمين العام لمنظمة (WMO)، أثناء عرض نتائج تقرير صدر مؤخراً، إن «تغير المناخ هو التحدي الأكبر الذي تواجهه البشرية، إنه يؤثر علينا جميعاً، وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً»، وتابع قائلاً: «لا يمكننا أن ننتظر أكثر من ذلك، لقد اتخذنا إجراءات بالفعل، ولكن يتعين علينا أن نفعل المزيد، وعلينا أن نفعل ذلك بسرعة»، وأوضح البروفيسور ساولو أنه لتحقيق ذلك، هناك حاجة إلى تخفيضات جذرية في انبعاثات الغازات الدفيئة، وتسريع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وتشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أنه منذ ثمانينيات القرن الماضي، كان كل عقد أكثر دفئاً من العقد السابق، وكانت السنوات التسع الماضية هي الأكثر دفئًا على الإطلاق، كما تظهر البيانات المستمدة من مجموعات البيانات الست، أن متوسط الزيادة في درجة الحرارة لمدة عشر سنوات في الفترة من 2014 إلى 2023، بلغ حوالي 1.2 درجة مئوية.
وفي تعليق له على أحدث البيانات بشأن ارتفاع مستويات الاحترار العالمي، والتي تشير إلى أن العالم قد أصبح على حافة الهاوية، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن «تصرفات الإنسانية تحرق الأرض، لقد كان عام 2023 مجرد معاينة للمستقبل الكارثي الذي ينتظرنا إذا لم نتحرك الآن»، وأضاف: «يجب أن نرد على الارتفاعات القياسية في درجات الحرارة بإجراءات رائدة»، قبل أن يختتم تصريحه بقوله: «لا يزال بإمكاننا تجنب أسوأ كارثة مناخية، ولكن فقط إذا تحركنا الآن بالطموح المطلوب للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، وتحقيق العدالة المناخية».
وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن مراقبة درجات الحرارة العالمية، على المدى الطويل، هي مجرد مؤشر واحد لكيفية تغير المناخ، وتشمل المؤشرات الرئيسية الأخرى تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وحرارة المحيطات وتحمضها، ومستوى سطح البحر، ومدى الجليد البحري، وتوازن الكتلة الجليدية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، ويظهر تقرير المنظمة المؤقت عن حالة المناخ العالمي في عام 2023، أن الأرقام القياسية قد تحطمت في جميع المؤشرات.