ميدان «حدائق القبة» يتحول إلى أيقونة ساحرة.. وحملات لتشجير المعاهد برعاية شيخ الأزهر
في مشهد يعكس تحولاً بيئياً وثقافياً غير مسبوق، بدأت القاهرة تتزين بوجه جديد ينبض بالحياة الخضراء، من خلال مشروعات رائدة أطلقتها منظمات المجتمع المدني، بدعم من برنامج المنح الصغيرة، التابع لمرفق البيئة العالمية (GEF/SGP)، فبينما تنبثق زهور «الجاكرندا» البنفسجية في ميدان «حدائق القبة»، وتغمره بروعة بصرية تأسر الأنظار، تمتد جذور المبادرات البيئية إلى المدارس والمعاهد الأزهرية والمكتبات، لتشكل معاً ملحمة حضارية نحو مستقبل أكثر استدامة وجمالاً.
فمن قلب العاصمة، وتحديداً من ميدان «حدائق القبة»، أطلقت مؤسسة «ازرع شجرة للتنمية الاجتماعية» مشروعها الواعد «ميادين خضراء»، كخطوة أولى نحو تحويل الميادين إلى أيقونات بيئية تنبض بالحياة، حيث يجسد المشروع نموذجاً متكاملاً لإعادة إحياء المساحات العامة، عبر تشجيرها بأشجار «الجاكرندا» ذات الزهور الساحرة، وقد اختير ميدان «حدائق القبة» ليكون نقطة الانطلاق، لما يمثله من قيمة تاريخية وجغرافية، إذ يجاور قصر القبة الرئاسي، ويُعد أحد أبرز معالم حي حدائق القبة.
وبفضل زراعة المئات من أشجار «الجاكرندا»، التي لا تضيف فقط بُعداً جمالياً رائعاً، بل تسهم في تحسين جودة الهواء، أصبح الميدان رمزاً للتوازن بين البيئة والتنمية الحضرية، وبحسب نبيل محروس، رئيس مجلس أمناء مؤسسة «ازرع شجرة»، فإن مشروع «ميادين خضراء» يسعى إلى أكثر من مجرد تشجير، بل يعمل على تعزيز صمود النظم البيئية الحضرية، ونشر ثقافة «المدينة الخضراء» بين فئات المجتمع، مشيراً إلى أنه يجري العمل على توسيع نطاق المشروع، ليشمل مناطق جديدة، مع التركيز على زراعة أنواع من الأشجار ذات قدرة عالية على فلترة الهواء ومقاومة التلوث، بما يعكس رؤية عميقة لأهمية التشجير في مواجهة التغيرات المناخية.
وفي إطار موازٍ من الجهد البيئي، تواصل جمعية «شباب مصر للتنمية والبيئة» تنفيذ مشروعها الرائد «القاهرة خضراء»، الذي يهدف إلى نشر الرقعة الخضراء في المؤسسات التعليمية والثقافية، حيث شهدت مكتبة مصر العامة، فرع الزيتون، نشاطاً لافتاً ضمن هذا المشروع، حيث تم زراعة 250 متراً مربعاً من المسطحات الخضراء، إضافة إلى عشر أشجار فاكهة متنوعة، بمشاركة عدد من شباب المنطقة، ونقابة الزراعيين، ليشكلوا معاً لوحة من التفاعل المجتمعي، تؤكد أن التنمية المستدامة تبدأ بخطوة صغيرة، لكنها تمتد بعمق في وعي الأجيال.
ولأن غرس القيم البيئية يجب أن يبدأ من مراحل التعليم الأولى، أطلقت الجمعية حملة تشجير جديدة برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تشمل عدداً من المعاهد الأزهرية، وكانت البداية من معهد «البشير» الابتدائي والإعدادي، بمنطقة «الزاوية الحمراء»، حيث بدأت المبادرة بزراعة الأشجار وتحويل الساحات الترابية إلى حدائق صغيرة، تبث في التلاميذ روح الانتماء والحفاظ على البيئة.
تجتمع مشروعات «ميادين خضراء» و«القاهرة خضراء» في رؤى متناغمة تستند إلى أهداف التنمية المستدامة، لاسيما الهدف 11 الخاص بجعل المدن والمجتمعات شاملة وآمنة ومستدامة، والهدف 13 المعني باتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تغير المناخ، ويعكس هذا التكامل بين الجهات الممولة ومنظمات المجتمع المدني، إرادة جماعية لوضع البيئة في قلب عملية التطوير الحضري، وجعل الجمال جزءاً لا يتجزأ من حياة المواطنين اليومية