أحيت الأمم المتحدة يوم اللغة العربية في 18 ديسمبر الجاري، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة لأكبر منظمة دولية، في عام 1973، قرار إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، ولغات العمل المقررة في المنظمة الأممية ولجانها الرئيسية.

قرار اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للأمم المتحدة لم يأت من فراغ، إذ أدركت الجمعية العامة ما للغة العربية من دور هام في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته، كما أدركت أيضاً أن اللغة العربية هي لغة 19 عضوا من أعضاء الأمم المتحدة، وقت اعتماد القرار.

كما وضعت الجمعية العامة، في الاعتبار، أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية لمنطقة ثقافية مهمة في العالم، وهي إحدى اللغات الثقافية للعديد من الشعوب في آسيا وأفريقيا.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، تُعد اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة.

وأشارت المنظمة إلى أن التطورات التكنولوجية والاستخدام المكثف للغات العالمية، مثل الإنجليزية والفرنسية، أدت إلى العديد من التغييرات في استخدام اللغة العربية، فعلى نحو متزايد، تحل هذه اللغات الأجنبية محل اللغة العربية في التواصل اليومي وفي المجال الأكاديمي.

فضلاً عن ذلك، يتناقص استخدام اللغة العربية الفصحى، حيث يستخدم عدد متزايد  من الناس اللهجات العربية المحلية، ونتيجة لهذا التحول، توجد حاجة ملحة لصون سلامة اللغة العربية الفصحى، من خلال جعلها متوافقة مع متطلبات المشهد اللغوي المتغير اليوم.

ومن خلال اجتماع افتراضي مع أكاديميين ومهنيين في اللغة العربية، عقدت اليونسكو مناقشة عالمية لدراسة دور أكاديميات اللغة وأهميتها، بوصفها مساحة لحماية اللغة العربية وصونها، في احتفالية جرى تنظيمها بالتعاون مع مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ومع الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية بالمنظمة.

ومن خلال النظر في هذه الأسئلة، فقد أتاح اليوم العالمي للغة العربية لعام 2020 فرصة للتأمل ولمناقشة كيفية تمكين أكاديميات اللغة، لتساعد  في إحياء استخدام اللغة العربية الفصحى وتعزيزها، كما أتاح الفرصة للاحتفاء بالثراء والأهمية العالمية للغة العربية في جميع أنحاء العالم.

وكانت الكتابة ولا زالت سجلاً للحضارة الإنسانية، تجلى فيها تاريخها وتطورها، وفي ثنايا هذه الملحمة الإنسانية نشأ الخط العربي، ليتطور ويبلغ مبلغاً من الجمال حاملاً معه حضارة تركت معالمها على أطراف الصين وحتى غرب أفريقيا.

وفي مقدمته الشهيرة، التي ألفها في القرن الـ14 الميلادي، يقول المؤرخ العربي المعروف عبد الرحمن بن خلدون، عن الخط، إنه «صناعةٌ شريفة، يتميز بها الإنسان عن غيره، وبها تتأدى الأغراض، لأنها المرتبة الثانية من الدلالة اللغوية».

ويُعرف الخط العربي بأنه فن وتصميم عملية الكتابة في جميع اللغات التي تستخدم الحروف العربية، وتمتاز الكتابة العربية بكونها متصلة، الأمر الذي يجعل منها عملية قابلة لاكتساب العديد من الأشكال الهندسية، ويكون ذلك من خلال الرجع، والمد، والتشابك، والتزوية، والاستدارة، والتركيب، والتداخل.

ويقترن فن الخط بالزخرفة العربية، إذ يُستخدم لتزيين القصور والمساجد، كما يستخدم في تحلية الكتب والمخطوطات، وتحديداً لنسخ آيات القرآن الكريم.

وقد انحدر إلينا فن الخط العربي بحلته الرائعة والبهية التي اكتسبها بمرور الوقت منذ زمن الخلافة والإمبراطوريات الإسلامية، ليعيش بيننا اليوم رافعاً رأسه مكتسياً حللاً جديدة، يعود الفضل فيها إلى عدد من الفنانين الذين يستخدمونه كوسيلة للتعبير الشعري المتضمن بقوة في الصورة.