الدعوة لتشكيل لجنة عليا للبحث العلمي الزراعي وتعظيم استخدامات مصادر المياه غير التقليدية

تحسين الأحوال المعيشية للفلاحين وتعزيز منظومة الزراعة الذكية وميكنة الحيازة الزراعية

هيثم اليماني – خاص جسور 2030:

منذ أن عرفت البشرية الزراعة، ويُعد القطاع الزراعي أحد أهم قطاعات الاقتصاد القومي، حيث يلعب دوراً رئيسياً في دعم الدخل القومي، وفي تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير الخامات اللازمة للعديد من الصناعات الهامة، فضلاً عن أن الصادرات الزراعية تسهم بنصيب كبير في تحسين ميزان المدفوعات.

وقد شهدت مصر، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، إطلاق عدد من مشروعات التنمية الزراعية العملاقة، لعل أبرزها مشروع الـ1.5 مليون فدان، ومشروع الـ100 ألف صوبة، وإحياء مشروعات التنمية الزراعية في توشكى وشمال سيناء، فضلاً عن مشروعات تنمية الثروة الحيوانية والاستزراع السمكي، بالإضافة إلى الجهود المبذولة للنهوض بأحوال الفلاح، باعتباره الركيزة الأساسية للقطاع الزراعي.

وفي إطار حرص المنتدى المصري للتنمية المستدامة على دعم الجهود المبذولة لتنمية القطاع الزراعي، عقد المنتدى لقاءً تشاورياً بعنوان «المجتمعات الزراعية المستدامة.. فرص وتحديات»، وذلك ضمن فعاليات النسخة السادسة للأسبوع الوطني للتنمية المستدامة، في الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر الجاري، بمقر نادي الزراعيين في مدينة الجيزة.

وشهد اللقاء التشاوري الوطني، الذي عُقد برئاسة الدكتور عماد الدين عدلي، رئيس مجلس أمناء المنتدى المصري للتنمية المستدامة، حضور عدد كبير من الخبراء والعلماء المتخصصين في المجالات الزراعية المختلفة، وصانعي السياسة في قطاعات الزراعة والتخطيط، بالإضافة إلى مشاركة عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني والإعلاميين.

ضمت قائمة المتحدثين كلاً من الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق وعضو مؤسس المنتدى، والدكتور إسماعيل عبد الجليل، رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، والدكتور عبد الغني الجندي، عميد كلية الزراعات الصحراوية بجامعة سلمان الدولية، والدكتور حسين منصور، رئيس هيئة سلامة وأمن الغذاء، والدكتور مجدي علام، خبير البيئة والأمين العام للمنتدى، والدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع وعضو مؤسس المنتدى.

تضمن اللقاء مجموعة من المحاور، في مقدمتها الاستراتيجية الزراعية وتطورها، ومحدودية الموارد وأثرها على الأمن الغذائي، وإبراز قضية التصحر، ومدى تأثير سلامة الغذاء على الحركة التبادلية بين الأسواق المحلية والعالمية، وسبل التنسيق بين مشروعات استصلاح الأراضي، وأهمية تطوير منظومة الري، وتكامل الأنشطة الزراعية والصناعية، وتوفر التخطيط الذي يراعي الاعتبارات الاجتماعية.

وأكد خبراء المنتدى المصري للتنمية المستدامة، خلال مناقشاتهم في اللقاء التشاوري، على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في تعظيم مساهمته في كل الجهود الوطنية التي تبذل من اجل تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، سعياً لطرح القضايا ذات الأولوية للنقاش، من أجل تكوين رؤية مدنية لتتكامل مع الرؤى والسياسات المطروحة.

وعبر المشاركون عن أن قضية الأمن الغذائي أصبحت أمراً بالغ الخطورة، خاصةً في ظل جائحة كورونا العالمية، والتي ضغطت بشدة على ضرورة الاهتمام بهذه القضية، خاصةً فيما يتعلق بتحسين إنتاجية محاصيل القمح والسلع الاستراتيجية الأخرى، التي تأتي على قائمة الاستيراد الغذائي، في ظل التحديات المائية، وتحديات الأراضي الزراعية، والتكنولوجيات المصاحبة لها.

وشدد خبراء المنتدى والمشاركون في اللقاء على أن إجراء تحديث للاستراتيجية الزراعية المصرية 2030، في ظل التوجيهات العليا، يستدعي ضرورة وضع برامج محددة قدر المستطاع من الاكتفاء الذاتي، والفصل في إشكالية المناطق المناخية الأولى بالتطوير.

وخرج اللقاء التشاوري بمجموعة من التوصيات، في مقدمتها التأكيد على تعظيم استخدامات مصادر المياه غير التقليدية، وتوطيد تكنولوجيا التقنيات الحديثة لاستدامتها، بالإضافة إلى أهمية تشكيل لجنة عليا للبحث العلمي الزراعي، تكون تحت إشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، تساهم في ترجمة رؤية الدولة المصرية لتطوير قطاع الزراعة، والتنسيق بين المراكز البحثية الزراعية والجامعات المصرية، والمهتمين بالقطاع الزراعي، ومنظمات المجتمع المدني.

كما تضمنت التوصيات التركيز على أهمية سلامة وأمن الغذاء، من خلال تفعيل الآليات تجاه ضبط سوق المبيدات والأسمدة، وتشديد إجراءات المراقبة، مع الاهتمام بإيجاد آلية محددة المسؤولية على توطيد الممارسات الجيدة، للتأكد من إنتاج منتجات آمنة.

ودعا المشاركون في اللقاء إلى تعظيم دور الإرشاد الزراعي، مع الأخذ في الاعتبار أن يكون دوره ليس فقط محصوراً في الإرشاد الزراعي، بل في الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، مع اقتراح ان تكون هناك مبادرات رئاسية يتم من خلالها توحيد جهود المتخصصين نحو مكافحة التصحر في مساحة الأراضي الزراعية الحالية.

وشملت التوصيات الواردة في البيان التأكيد على تفعيل منظومة الري الحقلي، مع تكثيف محاولات معالجة المياه ثلاثياً على مستوى جميع محطات المعالجة، والعمل على حساب العائد على استخدام وحدات المياه عند تخطيط استراتيجيات الزراعة والتطوير، والتوسع في إنشاء مراكز الخدمات الزراعية الإلكترونية، وتنفيذ منظومة ميكنة الحيازة الزراعية، ودعم الفلاح بالمعلومات الإرشادية والبيانات الدقيقة.

وبينما تضمنت التوصيات المطالبة بتفعيل دور نقابة الزراعيين، بما لها من أدوات وإمكانيات للتواصل مع الأطراف ذات الصلة، خاصةً منظمات المجتمع المدني، واقتراح البرامج والمشروعات والسعي لإيجاد فرص تمويلية من شركاء التنمية، فقد شددت كذلك على ضرورة الاهتمام بتحسين الأحوال المعيشية للفلاح، باعتباره محور تنمية القطاع الزراعي، مع الاهتمام بتعزيز قدرته على التعامل مع منظومات الزراعة الذكية، مع الحرص على وضع نظام للزراعة التعاقدية، يهدف إلى حماية المزارعين ودمجهم في سياسات التنمية الزراعية المستدامة.

وفي المكون الخاص بأهمية الترويج وإبراز أهمية الحوار المجتمعي، أكد المشاركون على أهمية أن يتولى المنتدى المصري للتنمية المستدامة تنظيم سلسلة من اللقاءات التشاورية، للتعريف ببرامج ومشروعات الاستراتيجية الزراعية المستحدثة 2030، والتنسيق مع كلية الزراعات الصحراوية بجامعة سلمان الدولية، بغرض تنظيم لقاء يستهدف المعنيين بتنمية سيناء، لاقتراح المحاور الرئيسية لتنمية سيناء.

واختتم اللقاء بالتأكيد على أنه لابد أن يكون التصور النهائي للمجتمعات الزراعية هو تصور شامل، يضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبالتالي تحديد الهدف الاستراتيجي من إيجاد هذه المجتمعات، مع أهمية التنسيق بين الجهات الرئيسية المعنية بتطوير المجتمعات الزراعية.