يستنشق نحو 90 في المائة من الناس، خلال حياتهم اليومية، هواءً ملوثاً يضر بصحتهم، وقد وصفت الأمم المتحدة تلوث الهواء بأنه أهم قضية صحية في عصرنا الحالي، وبمناسبة الاحتفال باليوم الدولي الأول لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، الذي يتم إحياؤه في 7 سبتمبر، يقدم موقع «جسور 2030» شرحاً لمدى سوء تلوث الهواء، وما الذي ينبغي فعله لمعالجة هذه الأزمة، وفق ما جاء على موقع أخبار الأمم المتحدة.

(1) تلوث الهواء يقتل الملايين ويضر بالبيئة

رغم أن تلوث الهواء لم يعد يحظى باهتمام كبير، خلال الأشهر الأخيرة، لكنه لا يزال يشكل خطراً مميتا بالنسبة للكثيرين، فهو يتسبب في حالات مثل أمراض القلب وأمراض الرئة وسرطان الرئة والسكتات الدماغية، ويُقدر أنه يتسبب في وفاة واحد من بين كل تسعة من المواليد الخدج، أي حوالي سبعة ملايين حالة وفاة سنوياً.

يضر تلوث الهواء أيضاً ببيئتنا الطبيعية، فهو يقلل من إمداد الأكسجين في محيطاتنا، ويصعب عملية نمو النباتات، ويساهم في تغير المناخ، ولكن على الرغم من الأضرار التي يسببها تلوث الهواء، هناك علامات مقلقة على أن العديد من البلدان لا تنظر إليه على أنه أولوية، فقد كشف أول تقييم من نوعه، على الإطلاق، أجراه برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بشأن قوانين جودة الهواء، مطلع سبتمبر الجاري، عن أن حوالي 43 في المائة من البلدان تفتقر إلى تعريف قانوني لتلوث الهواء، ونحو ثلث البلدان لم تعتمد بعد معايير جودة الهواء الخارجي التي يفرضها القانون.

(2) الأسباب الرئيسية لتلوث الهواء

هناك خمسة أنواع من النشاط البشري مسؤولة عن معظم تلوث الهواء: وهي الزراعة، وسائل النقل، الصناعة، النفايات، والمنازل، فالعمليات الزراعية والماشية تنتج غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة القوية للغاية، ويسبب الربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، ويُعد الميثان أيضاً منتجاً ثانوياً لحرق النفايات، والتي تنبعث منه سموم ملوثة أخرى، تنتهي بدخول السلسلة الغذائية، وفي الوقت عينه، تطلق الصناعات كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون والمواد الهيدروكربونية والجسيمات الثقيلة الضارة والمواد الكيميائية.

ولا تزال وسائل النقل مسؤولة عن حدوث الوفيات المبكرة لمئات الآلاف من الأشخاص، على الرغم من التخلص التدريجي العالمي من الوقود المحتوي على الرصاص الخطير في نهاية شهر أغسطس الماضي، وقد أشاد كبار مسؤولي الأمم المتحدة بهذا الإنجاز البارز، بمن فيهم الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، الذي قال إن الخطوة ستحول دون حدوث حوالي مليون حالة وفاة مبكرة كل عام، ولكن مع ذلك، تستمر المركبات في بث الجسيمات الدقيقة الضارة وغاز الأوزون والكربون الأسود وثاني أكسيد النيتروجين في الغلاف الجوي، وتشير التقديرات إلى أن معالجة الحالات الصحية الناجمة عن تلوث الهواء تكلف حوالي 1 تريليون دولار سنوياً على مستوى العالم.

الأنشطة المنزلية الضارة بالصحة والبيئة مسؤولة عن حوالي 4.3 مليون حالة وفاة كل عام، وذلك لأن العديد من الأسر توقد النيران بصورة مكشوفة، وتستخدم مواقد غير فعالة داخل المنازل، مما يؤدي إلى قذف الجسيمات السامة وأول أكسيد الكربون والرصاص والزئبق.

(3) قضية ملحة بيئية وصحية في آن واحد

ويكمن السبب في دق الأمم المتحدة أجراس الإنذار حول هذه القضية الآن، في أن الأدلة على آثار تلوث الهواء على البشر آخذة في التزايد، ففي السنوات الأخيرة، وُجد أن التعرض لتلوث الهواء يساهم في زيادة مخاطر الإصابة بمرض السكري والخرف وضعف النمو المعرفي وانخفاض مستويات الذكاء، وعلاوة على ذلك، فقد ثبت، منذ سنوات، أن تلوث الهواء مرتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.

ويتوافق القلق بشأن تلوث الهواء مع الإجراءات العالمية المتزايدة لمعالجة أزمة المناخ، لأن تلوث الهواء يعد قضية بيئية وصحية في آن واحد، والإجراءات التي يتم اتخاذها بهدف تنظيف السماء ستسهم في قطع أشواط طويلة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

(4) تحسين جودة الهواء مسؤولية الحكومة والقطاع الخاص

في اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، تدعو الأمم المتحدة الحكومات إلى بذل المزيد من الجهد للحد من تلوث الهواء وتحسين جودته، وتشمل الإجراءات المحددة التي يمكن أن تتخذها الحكومات تنفيذ سياسات متكاملة بشأن جودة الهواء وتغير المناخ، والتخلص التدريجي من السيارات التي يتم تشغيلها بالبنزين والديزل، والالتزام بخفض الانبعاثات الناتجة من قطاع النفايات.

ويمكن للشركات أيضاً أن تحدث فرقاً، من خلال التعهد بتقليل النفايات والقضاء عليها في نهاية المطاف، والتحول إلى استخدام المركبات منخفضة الانبعاثات أو المركبات الكهربائية في أساطيل النقل الخاصة بها، وإيجاد طرق لخفض انبعاثات ملوثات الهواء من منشآتها وسلاسل إمدادها.

(5) تحسين جودة الهواء مسؤوليتنا أيضاً

على المستوى الفردي، وكما تظهر التكلفة الضارة للأنشطة المنزلية، يمكن تحقيق الكثير إذا غيرنا سلوكنا، ويمكن أن تشمل الإجراءات البسيطة استخدام وسائل النقل العام أو ركوب الدراجات أو المشي، تقليل النفايات المنزلية والتسميد، تناول كميات أقل من اللحوم عن طريق التحول إلى نظام غذائي نباتي، والحفاظ على الطاقة.

يحتوي الموقع الإلكتروني الخاص باليوم الدولي الأول لنقاوة الهواء على المزيد من الأفكار حول الإجراءات التي يمكننا اتخاذها، وكيف يمكننا تشجيع مجتمعاتنا ومدننا على إجراء تغييرات من شأنها أن تسهم في جعل الأجواء أكثر نظافة، وتشمل هذه الأنشطة تنظيم أنشطة غرس الأشجار، وزيادة الوعي بالفعاليات والمعارض، والالتزام بتوسيع المساحات الخضراء المفتوحة.