كشف تقرير حديث للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية عن أن تسعة من كل عشرة أشخاص في مختلف أنحاء العالم، يستنشقون هواءً ملوثاً، وذكرت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لنقاوة الهواء، الذي يوافق السابع من سبتمبر في كل عام، أن تغير المناخ غير المنضبط، وحرائق الغابات، وتلوث الهواء، يواصل تأثيره السلبي المتصاعد على الصحة والنظم الإيكولوجية والزراعة.

وبينما أكد التقرير أن ملايين الوفيات حول العالم ترجع إلى أسباب تتعلق بتلوث الهواء، قال لورينزو لابرادور، المسؤول العلمي لدى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «يتنفس كل شخص تقريباً على وجه الأرض، أي تسعة من كل عشرة أشخاص، هواءً غير صالح، وهذا يعني الهواء الذي يتجاوز حدود إرشادات منظمة الصحة العالمية، ويحتوي على مستويات مرتفعة من الملوثات»، وأضاف أن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل هي الأكثر تضرراً.

جاء الكشف عن هذه النتائج المثيرة للقلق ضمن أحدث تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية حول جودة الهواء والمناخ، والذي يسلط الضوء على أن الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024 لم تشهد أي تراجع في فترات الحرارة الشديدة والجفاف المستمر في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى زيادة خطر حرائق الغابات وتلوث الهواء، وبينما حذر التقرير من أن «تغير المناخ يعني أننا نواجه هذا السيناريو بتواتر متزايد»، فقد شدد على أن «العلم والبحث متعدد التخصصات، هو المفتاح لإيجاد الحلول».

ومن جانبها، دعت منظمة الصحة العالمية، في بيان تلقاه موقع «جسور 2030»، إلى اتخاذ إجراءات عالمية لمكافحة ما وصفته بـ«أحد أكبر المخاطر البيئية على الصحة»، والعديد من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، بما في ذلك السكتة الدماغية وأمراض القلب وسرطان الرئة وأمراض الجهاز التنفسي الحادة.

وفي مؤتمر صحفي عقدته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بمناسبة اليوم العالمي لنقاوة الهواء، قال «لابرادور» إن تلوث الهواء المحيط وحده، القادم في الغالب من المركبات والصناعة، يتسبب في أكثر من 4.5 مليون حالة وفاة مبكرة سنوياً، وهذا العدد أكثر من الوفيات الناجمة عن الملاريا والإيدز مجتمعين، لذا فإن «تلوث الهواء هو أكبر خطر بيئي في عصرنا، ولكنه ليس خطراً صحياً في حد ذاته فحسب، بل إنه يؤدي أيضاً إلى تفاقم تغير المناخ».

وبينما أشار التقرير الأممي إلى اتجاه نحو انخفاض التلوث في أوروبا والصين، مقارنةً بأمريكا الشمالية والهند، حيث كانت هناك زيادة في انبعاثات التلوث من الأنشطة البشرية والصناعية، قال المسؤول العلمي لدى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إنه من المرجح أن يكون هذا التحسن نتيجة مباشرة لانخفاض الانبعاثات في تلك البلدان على مر السنين، وكرر «لابرادور» النتائج التي توصلت إليها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عام 2023، بأن هذه الملوثات وغيرها لها تأثير ضار أيضاً على الأمن الغذائي.

وقال: «يمكن أن تؤثر الجسيمات بشدة على إنتاجية المحاصيل الأساسية، مثل الذرة والأرز والقمح، العديد من الجسيمات التي تؤثر على غلة المحاصيل ترجع إلى ممارسات من صنع الإنسان، والتي تشمل ممارسات استخدام الأراضي، مثل الحرث والحصاد، وأيضاً استخدام الأسمدة وحرق القش في نهاية مواسم النمو».

كما أشارت عمليات تحليل البيانات الجديدة حول حرائق الغابات الطبيعية في جميع أنحاء العالم العام الماضي، إلى أن الحريق الذي انتشر عبر كندا عام 2023، كان أقوى من ناحية الانبعاثات، من موسم حرائق الغابات لعام 2021 في سيبيريا، على الرغم من أنه كان قوياً جداً، وفقاً للمسؤول في منظمة الأرصاد الجوية، وقال إن حرائق كندا حطمت الأرقام القياسية، فيما يتعلق بالمساحة المحروقة، على مدى فترة 20 عاماً.

وتزامناً مع اليوم الدولي لنقاوة الهواء، الذي يحتفل به العالم تحت شعار «من أجل سماء زرقاء»، حثت الوكالة الأممية الحكومات على حماية الصحة والبيئة والاقتصاد، نظراً للعواقب المترتبة على تلوث الهواء، وقال «لابرادور» في ختام البيان: «يجب على المدن والبلدان أن تعترف أولاً بوجود مشكلة في جودة الهواء، وأن هناك بيانات كافية حول العالم للاعتراف بشكل أساسي بأنها مشكلة عالمية، وخاصةً في المناطق الحضرية».