ما يقرب من 90% من المواقع المعلنة ضمن قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” للتراث العالمي، الواقعة على طول البحر المتوسط، أصبحت على وشك الغرق، نتيجة المخاطر الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر، وفقاً لتحذير جديد أطلقته إحدى الدراسات العلمية، شارك في إعدادها فريق من الباحثين بألمانيا وبريطانيا.
وجاء في الدراسة، التي نشرتها مجلة “نيتشر” في عددها لهذا الشهر، أن 49 موقعاً للتراث العالمي تقع على الشواطئ المنخفضة للبحر المتوسط، وأن 37 منها معرض لخطر الفيضانات، و42 لتآكل السواحل، وقد يزداد خطر الفيضانات بنسبة 50%، والتآكل بنسبة 13% على امتداد البحر المتوسط، مع مخاطر أكثر ارتفاعاً في بعض المواقع.
وحلّل باحثون في ألمانيا والمملكة المتحدة مؤشرات المخاطر التي تتضمن تواتُر العواصف الموجية وارتفاعها، وعمق الفيضان، ومدى تعرُّض كل موقع لخطر الفيضان، كما جرى قياس المسافة الفاصلة بين مواقع التراث العالمي والساحل، والخصائص الساحلية، وحساسية كل موقع للتآكل.
ومن بين المواقع، تبين أن ثلاثة منها في تونس معرضة لخطر طوفان البحر والتعرية، وهي مدينة “كركوان” الفينيقية القديمة ومدفنها، في شمال شرق تونس، والموقع الأثري لمدينة قرطاج التجارية القديمة على خليج تونس، والذي شُيّد في القرن التاسع قبل الميلاد، ومدينة سوسة الشرقية، الميناء العسكري والتجاري التاريخي.
كما تضمنت الدراسة 6 مواقع أخرى في كل من الجزائر ولبنان وليبيا، تواجه مخاطر تتراوح بين منخفضة ومتوسطة الشدة، نتيجة لفيضانات محتملة في البحر المتوسط، بسبب ارتفاع منسوب المياه، كما تواجه خطر التعرض للتلف نتيجة عوامل التآكل والتعرية، بحلول عام 2100.
وبينما اعتبرت “جينا دبلداي”، من وحدة التراث العالمي في اليونسكو، ومسؤولة المشروع، أن تحسين الاستعداد للمخاطر في هذه المواقع سيشكّل الأساس لبقائها، فقد حذرت من المخاطر الوشيكة بقولها: “مستقبل العديد من مواقع التراث العالمي يبدو قاتماً، إذا كان التصدي الفعال لانبعاثات الكربون غير ممكناً”، حيث تُعتبر الانبعاثات الكربونية أحد الأسباب الرئيسية للتغيرات المناخية.
وأشارت الدراسة إلى أن حركات المد والجزر ومنحدرات الشواطئ في المناطق الساحلية أتاحت الفرصة لقيام وازدهار العديد من الحضارات الإنسانية على الواجهة البحرية للمتوسط قديماً وحديثاً، ولكنها نبهت إلى أن هذه المناطق، بما تحتضنه من مواقع تاريخية للتراث العالمي، أصبحت أكثر عرضة للضرر، بسبب ارتفاع سطح البحر نتيجة التغيرات المناخية.