أظهر تقرير جديد للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا بالأمم المتحدة «الإسكوا» أن الدول العربية الأقل نمواً، مثل السودان والصومال وموريتانيا واليمن، تعاني من تفاقم الأوضاع الاقتصادية بها، وتراجع آفاق النمو خلال العام المالي 2020/ 2021، بسبب جائحة «كوفيد-19»، إضافة إلى الاضطرابات وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها تلك الدول.

وجاء في التقرير الذي أصدرته لجنة الإسكوا، هذا الأسبوع، بالشراكة مع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، تحت عنوان «أقل البلدان العربية نمواً: تحديات وفرص التنمية»، أن الصراعات تسببت في تشريد أعداد كبيرة من السكان، الذين باتوا في حاجة ماسة إلى المساعدة، مما خلق أعباءً أثقلت كاهل هذه البلدان الأقل نمواً بين أعضاء اللجنة الأممية.

وبحسب التقرير، فقد اتسمت معدلات النمو في البلدان الأربعة بانخفاض كبير خلال العقد الماضي، ففي الصومال، انخفض نصيب الفرد من الدخل القومي بشكل مستمر منذ عام 2010، في حين شهدت كل من السودان واليمن انخفاضاً كبيراً جداً منذ منتصف العقد الماضي، كما سجل نمو الناتج المحلي الإجمالي في اليمن انهياراً حاداً، حيث شهد الناتج الحقيقي انكماشاً بنسبة 50% بين عامي 2014 و2020، وكذلك سجل السودان انخفاضاً حاداً في النمو، بسبب الاضطرابات السياسية التي تشهدها الدولة العربية.

وأشار تقرير تحديات وفرص التنمية في أقل البلدان العربية نمواً إلى أنّ المحرك الأساسي للنمو، على ضعفه في جميع هذه البلدان، يتمثل في الاستهلاك الخاص، يليه الاستهلاك الحكومي، بينما لم تلعب عوامل أخرى، مثل الاستثمارات الخاصة، التي من شأنها عادةً أن تفضي إلى تنمية اقتصادية كبيرة، أي دور ذي شأن.

وتعليقاً على ما تضمنه التقرير، دعت الأمينة التنفيذية للجنة الإسكوا، رولا دشتي، إلى تكريس الصلة بين العمل الإنساني والتنمية والسلام، باعتبارها ركيزة لجميع التدخلات، لاسيما في البلدان المتضررة من صراعات مزمنة، وقالت: «المعونة الإنسانية طارئة، لكن يجب تقديمها في إطار مستدام طويل الأجل، يؤدي إلى الاستثمار في التنمية على نحو مباشر وسريع، ويساهم بالتالي في تحقيق السلام».

وأشارت «دشتي»، بحسب بيان تلقته «جسور 2030»، إلى أن الأولوية يجب أن تكون لإنهاء الصراع، وتخفيف معاناة السكان، ووقف تقويض عمل المؤسسات العامة، وتدمير البنى الأساسية، وأضافت أنه يجب عكس الاتجاه المتزايد نحو الاعتماد المفرط على المعونة، والعمل على أن تكون ركائز السلام والإغاثة والتنمية معزّزة ومكمّلة لبعضها البعض قبل السلام وبعده.

من جهته، قال المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، السفير محمد بن سعيد آل جابر، إن الشراكة بين البرنامج ولجنة الإسكوا أثمرت بالعمل سوياً في إصدار تقرير وورقة سياسات عامة بعنوان «أقل البلدان العربية نمواً: تحديات وفرص التنمية»، الذي يسلط الضوء على التقدم المحقق خلال السنوات العشر الماضية، لصالح أقل البلدان نمواً للعقد (2011 – 2020)، للاستفادة من مخرجاته في تطوير عملية إقليمية شاملة وفعّالة، لإخراج هذه الدول من فئة أقل البلدان نمواً في العقد المقبل، ولمساعدة الدول والمنظمات المانحة في الإسهام لتفعيل نهج المقاربة الثلاثية في ظروف الهشاشة والنزاعات من أجل دعم المؤسسات الوطنية وأنظمة الحوكمة للاستجابة للأزمات الإنسانية، وحلها بطرائق تؤسس للتنمية المستدامة وبناء السلام، وتسخير كافة الجهود في شتى المجالات، لدعم هذه الدول، وبالأخص دعم اليمن وشعبه الشقيق.

وأوصي التقرير بضرورة أن تكون التدخلات لدعم البلدان العربية الأقل نمواً ضمن رؤية تهدف إلى الربط ما بين العمل الإنساني المهم والضروري من ناحية، وتحقيق التنمية واستقرار السلام من ناحية أخرى، حيث يشكل التقرير الوثيقة الرئيسية في استعراض إقليمي قادته الإسكوا، لتقييم ما تم تنفيذه من الالتزامات الواردة في خطة العمل التي اعتمدها المؤتمر العالمي الرابع المعنى بأقل البلدان نمواً في عام 2011، وفي العملية التحضيرية للمؤتمر الخامس، المقرر عقده في العاصمة القطرية الدوحة في يناير 2022.

ويأتي هذا التقرير بعد أكثر من عام على توقيع اتفاقية التعاون بين الإسكوا والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، بهدف العمل على دعم أقل البلدان العربية نمواً، من خلال دراسات وبحوث تهدف إلى وضع توصيات للحد من الفقر، وتحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دولياً، وذلك تحسيناً لظروفها المعيشية، عبر إسهامات تنموية فاعلة.

للاطلاع على التقرير كاملاً اضغط هنا