تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي خُمس سكان العالم يعيشون في مناطق تعاني نقصاً شديداً في موارد المياه، الأمر الذي يؤكد أهمية الحاجة المُلحَّة إلى تقنيات حديثة وغير تقليدية لإنتاج مياه نظيفة من مصادر المياه غير الصالحة للشرب، مثل مياه البحار، ومياه الأنهار أو البحيرات، بل وحتى المياه الملوثة، وفي هذا الإطار، كشفت دراسة حديثة عن نجاح فريق من الباحثين في تطوير مولِّد بخار يعتمد على الأخشاب، يمكنه تسخير الطاقة الشمسية في تنقية المياه، بمساعدة مواد نانومترية تنتجها البكتيريا.
تعتمد مولدات البخار على استخدام الطاقة الوفيرة الصادرة عن الشمس في تنقية المياه، من خلال تخليصها من الملوثات والشوائب العالقة بها، عن طريق التبخير، وتم تطوير العديد من الأجيال المختلفة لهذه الأجهزة، بقدرات وكفاءات متباينة، وللوصول إلى تصميم مولد بخار أكثر تطوراً، كان على الباحثين أن يجدوا أفضل الطرق لتحسين القدرة على امتصاص الضوء، والتحكم في عملية التسخين، وتسريع نقل المياه، وتقليل استهلاك الطاقة المستخدمة في عملية التبخر.
وهذا ما دفع شو هونج يو وزملاءه بقسم الكيمياء في جامعة العلوم والتكنولوجيا بالصين، إلى الجمع بين كل هذه التحسينات الأربعة في جهاز واحد، حيث أكد مؤلف الدراسة أن التصميم الجديد هو أول مولِّد بخار شمسي يجمع بين الاستراتيجيات الرئيسية الأربعة مع هيكل هرمي للمحاكاة الحيوية، مشيراً إلى أن الجهاز يتكون من ركيزة خشبية، وشبكة من الألياف البكتيرية النانو سليلوزية، وفقاعات زجاجية، وأنابيب نانو كربونية.
وأوضح أن الركيزة الخشبية توفر الدعم للجهاز، نظراً لما يتميز به الخشب من قدرة على الاستدامة، وتكوينه المسامي، الذي يتيح سرعة نقل المياه من الحوض، أما شبكة الألياف البكتيرية النانو سليلوزية، فتربط بين جميع مكونات الجهاز، وتعمل على نقل المياه، وتساعد في توفير الطاقة المستخدمة لإتمام عملية التبخر، وأضاف أن الفقاعات الزجاجية والأنابيب النانوكربونية تشكل، مع البكتيريا السليلوزية على التوالي، مركبات تعمل كعازل حراري للتحكم في عملية التسخين، وفي امتصاص الضوء.
وتتميز جميع مكونات الجهاز بأنها متعددة الوظائف، ومدمجة عضوياً كما لو كانت ضمن نظام معيشي، وهذا ما يميز مولد البخار الشمسي الجديد عن المولدات الأخرى، كما أن هناك ميزة أخرى للتصميم الجديد، تتمثل في عملية التصنيع، فعلى عكس الأجهزة الأخرى، التي يجري تجميعها بواسطة أشخاص، فإن الجهاز الجديد يتم تصنيعه بواسطة البكتيريا، وينمو داخل خزان التخمير، فضلًا عن أن شبكة النانو ثلاثية الأبعاد يتم تشكيلها من خلال مكونات دقيقة، دون الحاجة إلى معدات معالجة نانومترية متطورة، مما يجعله متاحاً بشكل أكبر للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الفقيرة التي تعاني من نقص المياه.