فؤاد: التناغم مع الطبيعة ضرورة للحفاظ على الكوكب.. وديماسي: التحديات البيئية كبيرة

تنطلق أعمال الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة والبيئة على مدار يومي 22 و23 فبراير الجاري، وهي أعلى هيئة لصنع القرار البيئي في العالم، تحت شعار «تعزيز الإجراءات من أجل الطبيعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة»، بمشاركة عدد كبير من قادة الحكومات والشركات والمجتمع المدني والمهتمين والناشطين في مختلف قطاعات العمل البيئي والتنمية المستدامة.

وتوفر الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة القيادة والتحفيز والإجراءات الحكومية الدولية بشأن البيئة، وتساهم في تنفيذ خطة التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة، حيث جرى التحضير لاجتماع الدورة الخامسة عبر الإنترنت، في اجتماع مفتوح العضوية للجنة الممثلين الدائمين، على مدار يومي 15 و16 فبراير 2021، أي قبل أسبوع من موعد الاجتماع.

وفي ضوء جائحة «كوفيد-»19، واستناداً إلى مشاورات واسعة مع الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة، قرر مكتب جمعية الأمم المتحدة للبيئة في 8 أكتوبر 2020، أن الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة يجب أن تتم في نهج من خطوتين، حيث تُعقد الاجتماعات في الفترة من 22 إلى 23 فبراير وفق جدول أعمال مبسط، يركز على القرارات العاجلة والإجرائية، بينما يتم تأجيل الأمور الموضوعية، التي تتطلب مفاوضات متعمقة، إلى جلسة مستأنفة بالحضور للدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة في فبراير 2022، بتنسيق يتم تحديده والاتفاق عليه في مرحلة لاحقة.

ويأتي الموضوع العام للدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة هو «تعزيز الإجراءات من أجل الطبيعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة»، ليشكل دعوة عالمية إلى تعزيز العمل لحماية واستعادة الطبيعة، واعتماد الحلول القائمة على الطبيعة، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بأبعادها التكميلية الثلاثة، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

كما توفر الاجتماعات للدول الأعضاء وأصحاب المصلحة منصة لتبادل وتنفيذ النُهج الناجحة التي تساهم في تحقيق البعد البيئي لخطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الأهداف المتعلقة بالقضاء على الفقر وأنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، حيث يوفر برنامج الدورة الخامسة فرصة لأصحاب المصلحة لاتخاذ خطوات طموحة نحو إعادة البناء بشكل أفضل وأكثر مراعاةً للبيئة، من خلال ضمان مساهمة الاستثمارات في الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة «كوفيد-19» في التنمية المستدامة.

مشاركة مصرية

وفي إطار الاجتماعات التحضيرية للدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، شاركت وزيرة البيئة المصرية، الدكتورة ياسمين فؤاد، في الجلسة الختامية لمنتدى الأمم المتحدة للعلوم والسياسات والأعمال حول البيئة، تحت عنوان «العمل البيئي المتعدد الأطراف: العلم والسياسات والابتكار والعمل»،  بمشاركة سفينانج روتفاتن، وزير البيئة النرويجي ورئيس الدورة الخامسة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وإنجر أندرسن، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وجين دارك موجوامرية، وزيرة البيئة بدولة رواندا، وكارلوس مانويل رودريغيز، المدير التنفيذي لمرفق البيئة العالمي،  وماريا إيفانوفا، أستاذ ومديرة مركز الحوكمة والاستدامة في جامعة ماساتشوستس بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية.

تضمن الاجتماع مناقشة أهم الشواغل البيئية العالمية، وأهم التحديات التي تواجه العمل البيئي متعدد الأطراف، وضرورة تجديد الالتزام بالبعد البيئي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من قبل أصحاب المصلحة وشركاء العمل البيئي، الذين يعملون بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وأشارت «فؤاد»، في كلمتها، إلى ضرورة إضافة عنصر الشراكة العالمية والتعاون الدولي للعناصر الثلاثة: السياسات الحكومية، والعلوم، والأعمال على مستوى دول العالم، حيث أن الشراكة هي التي تربط اصحاب المصلحة سوياً، وأكدت على ضرورة ربط احتياجات المجتمعات المحلية بالاحتياجات الوطنية، ومن ثم نقلها للمنظور العالمي، لأن البيئة تواجه تحديات عابرة للحدود، وتشمل هذه التحديات حماية واستعادة النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي، ومواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، والتكيف مع تغير المناخ، وتعزيز قدرتنا على الصمود أمام الكوارث الطبيعية والأمراض المعدية والأوبئة الناشئة.

وأضافت أنه «عند النظر لجائحة كورونا، فمن الضروري النظر للظروف المحلية لهذه المجتمعات، وكيفية تحويل الأنماط غير المستدامة إلى أنماط أكثر استدامة، والمعرفة التامة بالعادات المحلية الموجودة في هذه المجتمعات، على سبيل المثال، وما هي ممارساتهم اليومية، وهل هذه الممارسات تتجه نحو الاستدامة، ويمكنها الحفاظ على مواردنا الطبيعية والتنوع البيولوجي أم لا؟».

كما اكدت وزيرة البيئة على أهمية ربط التحديات التي تواجهنا بكل من التنوع البيولوجي وتغير المناخ والتصحر سوياً، مشيرةً إلى المبادرة التي قدمتها مصر للتكامل بين اتفاقيات ريو الثلاثة الخاصة بتغير المناخ، والتنوع البيولوجي، والتصحر، خلال مؤتمر الأطراف الـ14 لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، والتي تم اعتمادها من قبل المؤتمر، كما شددت على أهمية المبادرة، في ظل عدم كفاية الموارد المالية لمواجهة كافة تلك التحديات معاً، وضرورة التعامل معها بشكل متكامل.

وأضافت أنه «إذا أردنا تطوير إطار عمل، فنحن في حاجة إلى الطموح، ليس فقط في الأهداف والغايات، ولكن أيضاً في توفير وسائل التنفيذ المالية والتكنولوجية وغيرها، لتحقيق تلك الأهداف، وفي الآليات التي تم وضعها لمراجعة التقدم»، مشيرةً إلى أن مجتمع الأعمال قد تفاعل جيداً مع جميع أصحاب المصلحة، لتسريع هذه العملية، وشددت على أن العمل متعدد الأطراف والعلم والسياسة والابتكار يجب أن يركزوا في السنوات القادمة، على التعامل مع تغير المناخ والتنوع البيولوجي وتدهور الأراضي بشكل متكامل ومترابط.

التناغم مع الطبيعة

وفي كلمتها أمام الحدث الجانبي حول التناغم مع الطبيعة، على هامش اجتماعات الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، أكدت الوزيرة المصرية على أهمية مضاعفة الجهود لمواصلة العمل من أجل رفع الوعى العام بالمخاطر التى تواجه الطبيعة، لمواجهة تأثيراتها السلبية على الكوكب والاقتصاد وحياة الكائنات الحية على سطح الأرض.

ودعت «فؤاد» كافة الأفراد والجهات من الشباب والمرأة ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين والقطاعات المالية والمجتمعات المحلية، للمشاركة فى الحفاظ على الطبيعة، وتنوعها البيولوجي، وتسجيل التزاماتهم وأنشطتهم الداعمة للطبيعة على المنصة الإلكترونية التي أطلقتها مصر والصين، بالتنسيق مع الأمانة العامة لاتفاقية التنوع البيولوجي عام 2018، تحت عنوان «من شرم الشيخ إلى كون مينج من أجل الطبيعة والناس»، والتى بلغ عدد المشاركين بها أكثر من 171 جهة حتى الآن.

وأكدت وزيرة البيئة على أهمية تلك المنصة الإلكترونية، كمبادرة هامة لتحفيز الإجراءات، وعرض الالتزامات والمساهمات الملموسة لصون التنوع البيولوجي، واستخدامه المستدام، من أصحاب المصلحة في جميع القطاعات التنموية، بهدف دعم البلدان لتنفيذ أهداف اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، وإطار عمل ما بعد 2020، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتابعت بقولها: «لا يمكن العمل والتوافق لحماية التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، بمعزل عن مجابهة تغير المناخ والتصحر، فهناك ارتباط وثيق بينهم»، وشددت على «ضرورة العمل على إيجاد نماذج ومداخل تدعم توجهاتنا نحو الحفاظ على الطبيعة، وتغير أنظمتنا الاقتصادية والمالية والغذائية، وإعادة النظر حول علاقتنا مع الطبيعة، لخلق تناغم معها من أجل استدامة الموارد الطبيعية على الكوكب».

تحضير آسيوي

وفي إطار التحضير للدورة الامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، عقد المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بغرب آسيا اجتماعاً رفيع المستوى لكبار المسؤولين من السلطات البيئية والممثلين الدائمين لدى البرنامج وجامعة الدول العربية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والمجموعات الرئيسية والأطراف المعنية، لتحديد أولويات العمل البيئي خلال المرحلة المقبلة.

تم خلال الاجتماع إطلاع الممثلين على الاستراتيجية متوسطة المدى (2022 – 2025) لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وخارطة الطريق لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، حيث ناقشت الدول التحديات البيئية في المنطقة، والإجراءات الإقليمية ذات الأولوية لمواجهتها، على أن يجري توجيه نتائج اجتماع المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، لتتواءم مع برنامج عمله لدعم الأولويات الإقليمية، وأولويات دول المنطقة.

وفي كلمته أمام الاجتماع، أكد سامي ديماسي، المدير الإقليمي وممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، أنه «تم تطوير هذه الاستراتيجية متوسطة المدى، بناءً على أحدث العلوم، التي تؤكد أن تلاقي أزمات المناخ والطبيعة والتلوث ستؤثر على قدرة العالم في القضاء على الفقر، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، واتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، مما يجعل الأجندة البيئية أكثر أهمية من أي وقت مضى».

وتابع بقوله إن «هذه هي المرة الثانية التي يجتمع فيها كبار المسؤولين من دول غرب آسيا والشركاء لمناقشة التحديات البيئية، ومعظمها تحديات مشتركة بين الدول، والإجراءات اللازمة لمواجهة هذه التحديات»، معتبراً أن «النجاح الذي تحقق في الاجتماع الوزاري الأول للبيئة لغرب آسيا، والذي عقد في أغسطس من العام الماضي، بشأن آثار جائحة كوفيد19 على البيئة، يشجعنا على مواصلة عقد اجتماعات مماثلة»، وأضاف أن «مثل هذا التقدم في التعاون الإقليمي بين الحكومات، هو موضع ترحيب، وأنا على ثقة من أننا سنرى المزيد من هذه الاجتماعات والتفاعلات في المستقبل».

وجدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا الالتزام بتفانيه في خدمة الدول الأعضاء، من خلال الاستراتيجية متوسطة المدى، وإحداث تغيير تحولي نحو التنمية المستدامة، وتعزيز المرونة المناخية، والعيش في وئام مع الطبيعة والتطلع إلى كوكب خالٍ من التلوث، والمساهمة في بيئة أكثر اخضراراً، للتعافي من «كوفيد-19».