كشفت دراسة حديثة أصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن العالم ينفق مبلغاً مذهلاً يقدر بحوالي 423 بليون دولار أمريكي سنويًا على دعم استهلاك أنواع الوقود الأحفوري من نفط وكهرباء، يتم توليدها عن طريق حرق أنواع أخرى من الوقود الأحفوري، مثل الغاز والفحم، ويساوي ذلك المبلغ أربعة أضعاف المبلغ المطلوب لمساعدة البلدان الفقيرة على مواجهة أزمة المناخ، وهو الأمر الذي يمثل إحدى النقاط الشائكة قبل المؤتمر العالمي حول المناخ (COP-26) الذي يُعقد هذا الأسبوع في غلاسكو بالمملكة المتحدة.

هذا المبلغ الذي ينفق بشكل مباشر على دعم الوقود الأحفوري، يمكن الاستفادة منه لتوفير لقاحات «كوفيد-19» لكل شخص في العالم، أو لتغطية التكلفة السنوية المقدرة للقضاء على الفقر المدقع في العالم كله ثلاث مرات، وإذا ما أخذنا في الحسبان التكاليف غير المباشرة لهذا الدعم، بما في ذلك الآثار السلبية على البيئة، يناهز المبلغ الإجمالي 6 تريليون دولار أمريكي، وفقًا للبيانات التي نشرها مؤخراً صندوق النقد الدولي.

ويسلط تحليل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي تلقى موقع «جسور 2030» نسخة منه، الضوء على أن هذه الأموال، التي يتحملها دافعو الضرائب، تؤدي في نهاية المطاف إلى تعميق أوجه عدم المساواة وإعاقة العمل المطلوب لمواجهة تغير المناخ.

أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قال إن «جائحة كوفيد-19» كشفت عن جوانب في الاقتصاد العالمي يجب أن يتجاوزها الزمن، مثل استمرار إنفاق مليارات الدولارات على دعم الوقود الأحفوري، في الوقت ذاته يعيش مئات الملايين من الناس في فقر، وتتسارع أزمة المناخ، وأضاف أنه «في هذا الصدد علينا أن نسأل أنفسنا: هل يمثل دعم الوقود الأحفوري إنفاقاً رشيداً للمال العام؟»

ويُعد دعم الوقود الأحفوري غير فعال وغير عادل، ففي جميع البلدان النامية، وفقاً لصندوق النقد الدولي، تستأثر الشريحة التي تمثل أغنى 20% من السكان، بحوالي نصف مقدار الموارد العامة التي يتم إنفاقها على دعم استهلاك الوقود الأحفوري.

وقال جورج غراي مولينا، كبير الاقتصاديين في مكتب دعم السياسات والبرامج ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمؤلف المشارك للدراسة، إن إصلاح دعم الوقود الأحفوري يمثل قضية شائكة سياسياً، لكن الحقائق تظهر أن الإصلاح ضروري، وإذا ما تم تطبيقه بشكل صحيح، فمن شأنه أن يدعم الفقراء، وأن يخلق فرصاً للعمل وأن يحمي الكوكب، وأضاف: «نأمل أن تحفز هذه الدراسة نقاشاً جاداً حول الدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه الإصلاح في دفع التحولات الخضراء والعادلة في جميع البلدان».

جاءت هذه الدراسة في سياق إقرار العديد من الاقتصاديين وصانعي السياسات وكذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بضرورة إصلاح دعم الوقود الأحفوري، وهو ما سبق ودعا إليه كذلك وبقوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش