تُعتبر النفايات البحرية تحدياً مجتمعياً جسيماً في زمننا هذا، نظراً لما يترتب عليها من آثار بيئية واقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية بالغة، وتتأثر المملكة المغربية، كغيرها من دول البحر المتوسط، من مشكلة النفايات البحرية وآثارها السلبية، التي تمتد لتطال النظم البيئية الساحلية والبحرية وسبل الحياة المعيشية وسلامة ورفاه الشعوب.

وتندرج الأسباب الجذرية للنفايات البحرية في منطقة المتوسط، وفي غيرها من مناطق العالم، من مزيج من أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة، والسلوكيات غير المسؤولة للأفراد والقطاعات الاقتصادية، فضلاً عن عدم الفهم والإلمام الكافي بأبعاد المشكلة، الناتج عن عدم توفر البيانات القائمة على الاحتياجات، وعدم كفاية الأطر السياسية والتشريعية الفاعلة والملائمة، وسوء تطبيق الأطر القائمة، إضافةً إلى ضعف الممارسات الخاصة بإدارة النفايات الصلبة والمفاهيم الخاطئة للحلول الممكنة.

وفي إطار السعي لمعالجة هذه القضايا، بدأ تنفيذ مشروع دعم المياه والبيئة الإقليمي (WES)، الذي يموله الاتحاد الأوروبي، في دعم تنفيذ الالتزامات والتدابير ذات الصلة في الخطة الإقليمية لإدارة النفايات البحرية في البحر الأبيض المتوسط، وتنفيذ البرنامج المتكامل للرصد والتقييم في اتفاقية برشلونة.

ولفت الدكتور مايكل سكولوس، رئيس فريق مشروع دعم المياه والبيئة، إلى زيادة كميات النفايات البحرية عشرة أضعافها خلال العقود الماضية، بحيث أصبحت تُشكل قضية حرجة، تتطلب العمل على معالجتها.

وأوضح رئيس فريق مشروع (WES)، خلال اجتماع افتراضي عقده المشروع هذا الأسبوع، بالتعاون مع وزارة البيئة وبعثة الاتحاد الأوروبي في المملكة المغربية، لإطلاق هذا المشروع، أن الدولة العربية قامت بالفعل باتخاذ العديد من الإجراءات لمكافحة النفايات البحرية.

وتابع بقوله: «يسرنا أن نقدم الدعم للمغرب في تقييم كميات ومصادر النفايات البحرية، وفي وضع برنامج وآلية للرصد والمراقبة»، كما أشار إلى إمكانية المساعدة من خلال المراقبة الشاملة، في تيسير عملية اتخاذ القرار المناسب.

ومن جانبه، أعرب رشيد فريدي، مدير التعاون والشراكة والاتصال في مديرية البيئة بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، خلال الاجتماع، عن شكره وامتنانه للاتحاد الأوروبي على دعمه لهذا المشروع، وأضاف: «لدينا شراكة طويلة الأمد مع الاتحاد الأوروبي».

وتابع بقوله: «لقد اختتمنا بنجاح خلال الأسابيع الماضية، محادثات الشراكة، حيث شملت المحادثات هذا الموضوع، الذي يحتل أعلى أولوياتنا، والذي قمنا بتخصيص غاياته وأهدافه المحددة».

كما أفاد المسؤول المغربي بقيام المملكة فعلياً بالعمل الجاد والدؤوب لمكافحة النفايات البحرية، مشيراً إلى وجود قانون خاص بالمناطق الساحلية، يتم من خلاله العمل على الوفاء بالتزامات المملكة، وفقاً لاتفاقية برشلونة، مؤكداً على ضرورة تضمين أنشطة مشروع دعم المياه والبيئة في البرنامج الذي يتم تنفيذه في هذا المجال.

كما أكد توماس فالتشوجياني، الخبير في مكتب معلومات البحر المتوسط للبيئية والثقافة والاستدامة، والعضو في ائتلاف شركاء دعم المياه والبيئة، المسؤول عن قيادة هذا النشاط، أن المشروع سيدعم في نهاية المطاف جهود المغرب في الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في الخطة الإقليمية لإدارة النفايات البحرية، وبرنامج الرصد والتقييم الشامل لاتفاقية برشلونة.

وأضاف أن ذلك سيؤدي إلى توفير بيانات تخدم الغرض فيما يتعلق بكميات وأنواع وتركيبة ومكونات ومصادر النفايات البحرية، التي تتراكم على سطح وقاع البحر، كما ستفيد هذه البيانات في تحديد تدابير وإجراءات تخفيف النفايات البحرية، وترتيب أولوياتها، ليتم تضمينها في خطة الإدارة المغربية للحد من النفايات البحرية.

ويهدف مشروع دعم المياه والبيئة (WES) في منطقة الجوار الجنوبي، بمشاركة الشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد)، إلى حماية البيئة، وتحسين إدارة الموارد المائية الشحيحة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، ويعمل المشروع على معالجة المشاكل المتعلقة بمنع التلوث وكفاءة استخدام المياه.