منتدى كلية الإعلام يوصي باستخدام الحملات ووسائل الإعلام الرقمي لرفع الوعي البيئ

في إطار جهودها لتحقيق شراكة حقيقية بين وسائل الإعلام وأجهزة الدولة المختلفة، أطلقت كلية الإعلام بجامعة القاهرة منتدى «الإعلام والتنمية المستدامة.. رؤية مصر 2030»، بهدف مساندة خطة الدولة الخاصة بالتنمية المستدامة، وتطوير الأداء الإعلامي الخاص بها، حتى يصبح الإعلام شريكاً فاعلاً في جميع الجهود الرامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وعقد منتدى الإعلام والتنمية المستدامة لقاءه الأول يوم الخميس 18 مارس 2021، تحت رعاية رئيس جامعة القاهرة، الدكتور محمد عثمان الخشت، وبرئاسة عميد كلية الإعلام، الدكتورة هويدا مصطفى، ومقرر المنتدى، الدكتورة ليلى عبد المجيد، أستاذ الصحافة بالكلية، بمشاركة واسعة لعدد من القيادات الصحفية والإعلامية، إلى جانب أساتذة وخبراء الإعلام، ومن المقرر أن يُعقد المنتدى لقاءاته بصورة دورية في الخميس الثالث من كل شهر.

وقالت الدكتورة هويدا مصطفى إن كلية الإعلام تعني بالتنمية المستدامة بمختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والاستثمار في البشر، وشددت على أنه بدون الإعلام لن تتحقق هذه الرؤية ولا خطط التنمية، باعتبار أنه محرك رئيسي يعمل على بناء الوعي وإشراك الجمهور، مشيرةً إلى أن الكلية بصدد إطلاق مجموعة من المبادرات والمسابقات المتعلقة بالإعلام التنموي.

وأضافت عميد كلية الإعلام أن الكلية تحرص على التعرض بالبحث والرؤية الأكاديمية لقضايا المجتمع بصفة عامة والتنمية بصفة خاصة، لتقدم لصانع القرار رؤية منهجية منضبطة تسهم في دعم توجهات الدولة، وفق رؤية 2030،كجزء من استراتيجية جامعة القاهرة والكلية، للتفاعل مع مؤسسات الدولة لتحقيق النهضة المنشودة لبناء مصر الجديدة.

وتناول الإعلامي الدكتور عمرو الليثي، نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، ومقدم برنامج «واحد من الناس»، تغطية الإعلام المرئي لقضايا التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، حيث أشار إلى أهداف التنمية المستدامة المتفق عليها دولياً يبلغ عددها 17 هدفاً،  وأوضح أن النسخة الجديدة من خطة مصر 2030 تتضمن نفس الأهداف، وتشمل أيضاً السلام والأمن، وغيرها من الأهداف، بحيث تكون بمثابة خارطة طريق تعمل على إحياء دور مصر التاريخي في إدارة الإقليم.

وأضاف «الليثي» أن دور الإعلام التنموي يتبلور في تحقيق الربط بين المواطن والدولة، وهو يعمل على تحويل المجتمع من حالة الفقر إلى النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن هذا النوع من الإعلام يتطلب عرض الواقع الاقتصادي والتنموي على المستوى التخطيطي والاقتصادي، ضارباً المثال ببرنامج «واحد من الناس»، الذي بدأ تقديمه منذ عام 2008، والفائز بجائزة «اليونسكو» في الإعلام التنموي، وتطرق إلى عدد من المبادرات التي تبناها البرنامج، منها دفع المصروفات للطلاب المتعسرين، وفك كرب عدد من الغارمات، وتوفير العلاج للمرضى، وإعمار البيوت في القرى الفقيرة.

وتحدث الكاتب الصحفي محمود مسلم، رئيس تحرير صحيفة «الوطن»، ورئيس شبكة قنوات (DMC) ورئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشيوخ، الذي قدم رؤية نقدية لأساليب المعالجة الإعلامية لقضايا التنمية المستدامة، حيث أكد أن الإعلام لم يندرج بقوة في استراتيجية مصر 2030، وشدد على قوله إنه بدون إعلام قوي يكشف مشاكل الناس، ويسلط الضوء عليها ويرصدها، ويقوم بالتوعية الحقيقية للرأي العام، فلن يكون هناك تنمية مستدامة.

وأوضح «مسلم» أنه في السابق كانت النظرة للإعلام التنموي تحصره في العلاقات العامة والترويج والتسويق، ولكنه مع الوقت اكتسب هيئة أخرى، إذ أصبح ضرورة لكي يستعيد الناس أملهم في بلدهم وفي الحياة الكريمة، لافتا إلى أن الإعلام العالمي يتجه إلى القضايا الإنسانية، التي بدأت تكتسب أهمية أكبر من الأحداث السياسية في بعض الأحيان.

وأضاف رئيس تحرير صحيفة «الوطن» أن الإعلام له دور كبير في استراتيجية التنمية المستدامة، ومنها على سبيل المثال، مشروع تنمية القرية المصرية، إذ له أهمية في نشر الإيجابيات والتعريف بالأحداث والمشروعات، والمساعدة في إدارة الأزمات، مثل أزمة كورونا، والتصدي للشائعات حولها، ومواجهة الإرهاب، والمساعدة على الاستقرار، واختتم بقوله إن هذا لا يعني أن الصورة كاملة، ولكن مع تشكيل الهيئات الثلاثة المشرفة على الإعلام، بدأت تتحسن الأوضاع.

وقدمت الدكتورة نجوى كامل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام، ووكيل الكلية السابق لخدمة المجتمع، ورقة بحثية حول بحوث الإعلام وقضايا رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، أوضحت فيها أن رسائل الماجستير والدكتوراه في قسم الصحافة ركزت بشكل أساسي على الأبعاد السياسية للإعلام، كإدارة الأزمات ومواجهة الإرهاب، والعلاقات الدولية وغيرها، حتى بدأت في السنوات الخمس الأخيرة، وعبر 15 دراسة، في التماس بشكل مباشر أو غير مباشر، مع أهداف رؤية مصر 2030، وتناولت بعض القضايا التنموية مثل القضية السكانية، والعشوائيات، والفقراء، وأطفال الشوارع، مشيرةً إلى أن رسالة واحدة فقط تضمنت في عنوانها عبارة «رؤية مصر 2030»، بينما لم تستند الدراسات الأخرى إليها كإطار مرجعي أو معرفي.

وأوضحت أستاذ الصحافة أن هناك دراسات تناولت الإصلاح الاقتصادي، ورأس المال الاجتماعي، ومجتمع المعرفة، وغيرها من القضايا، كما ركزت بعض الدراسات على دور الإعلام في التوعية البيئية، مشيرةً إلى أن أغلب الدراسات أكدت أن معرفة الجمهور بخطة التنمية المستدامة محدودة للغاية، فالجمهور قد يعرف مشروعاً مثل «قناة السويس الجديدة»، ولكنه لا يعرف الرؤية العامة لهذا المشروع ضمن استراتيجية التنمية، ولفتت إلى أن أغلب المعالجات الإعلامية لهذه المشروعات تأتي بأسلوب خبري، ولا تتعمق إلى الأشكال الاستقصائية، مع غياب الفروق بين القنوات والصحف القومية والخاصة.

وأضافت «كامل» أن الدراسات غاب عنها وضع الخطط والنماذج ذات الأهداف المحددة لتفعيل دور الإعلام في تحقيق التنمية، وإن تضمنت بعد المقترحات الفردية، ومنها وضع شعار «استراتيجية مصر 2030» على كافة المضامين الإعلامية، منوهةً إلى إشكالية السقوط في الدعاية خلال العمل في الإعلام التنموي الذي يجب أن يقوم على الحقائق والتوازن، مع أهمية توسيع قاعدة الفاعلين، بما في ذلك الإعلام الرقمي الجديد والمجتمع المدني، وإتاحة البيانات والمعلومات الكاملة ليقوم الإعلام بدوره.

وكذلك قدمت الدكتورة أمل السيد، وكيل كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، ورقة بحثية حول نظرية الإعلام التنموي كمدخل لتطوير الأداء الإعلامي لقضايا التنمية المستدامة، أشارت فيها إلى أنها كلفت مجموعة من الطلاب بوضع خطة لتطبيق «استراتيجية مصر 2030» في التغطيات الإعلامية، وفوجئت بتصورات متميزة لديهم في هذا الصدد، ولفتت إلى أن التنمية لا تتم عبر المنح والقروض، وإنما عبر التوعية المجتمعية، وحشد الجهود الشعبية، مشيرةً إلى أن التنمية هدفها الرئيسي إعادة تشكيل الصورة القومية للدولة، وهو ما لا يمكن حدوثه إلا باستخدام وسائل الإعلام المختلفة.

وأوضحت أن الرؤية العربية لنظريات الإعلام التنموي تشمل التركيز على الأحداث المهمة، وتيسير اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي، والحفاظ على تماسك المجتمع، ومواجهة الغزو الثقافي، إلا أنها نددت بمستوى اللغة المنحدرة المستخدمة في وسائل الإعلام المصرية، وخصوصاً الإذاعة المصرية، وهو مغاير لما يتم تدريسه أو تقنينه، وتعمل على ضياع اللغة العربية، حتى لو كانت مسموعة ولها جمهورها.

وأكدت «السيد» أن «تعزيز الهوية الوطنية» يُعد أحد المرتكزات الأساسية في تحقيق التنمية المستدامة، والارتقاء بالذوق العام، والمنظومة الثقافية، مشددةً على ضرورة ضبط «البوصلة» الإعلامية والفنية، وإلا سنفقد الطريق كأفراد وجماعات، بالإضافة إلى أهمية التخطيط لإدارة الأزمات إعلامياً، بما لا يخل بالمصداقية، مع تكامل جهود وسائل الإعلام والصحافة، لتقديم صورة صحيحة لمصر.

وتناولت الدكتورة ليلى عبد المجيد، مقرر المنتدى، في ورقتها البحثية أمام المنتدى، الدور المنشود للإعلام التقليدي والرقمي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، حيث أكدت أن أهم فعاليات المنتدى هي استضافة خبراء ومتخصصين وممارسين إعلاميين، لطرح ومناقشة القضايا ذات الصلة بدور الإعلام التنموي في مساندة رؤية مصر 2030، والمناقشة النقدية للبحوث الإعلامية التي تتناول ذلك، إلى جانب تنظيم مناظرات حول بعض تلك القضايا.

وأضافت أن المنتدى يتضمن إقامة حلقات نقاشية وورش عمل حول بعض الآليات والأدوات والأساليب المتطورة والإبداعية لمعالجة هذه القضايا، بأسلوب جذاب ومؤثر، وإقامة مهرجانات ومسابقات، فضلاً عن عروض لبعض المشروعات القومية في إطار رؤية مصر 2030، ومبادرات الدولة، ومنظمات المجتمع المدني، والأفراد، الخاصة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وأشارت مقرر المنتدى إلى أن اللقاء الأول يوصي باستخدام المداخل الإيجابية، وصحافة الخدمات، وصحافة الحلول في معالجة قضايا التنمية، وتوظيف صحافة وعروض البيانات «الإنفوجرافيك»، للمساعدة في التحليل والتقييم والفهم، وتتبع تطور مؤشرات البيانات، بالإضافة إلى مناقشة القضايا، بما يساعد على تشكيل الوعي والرؤى، وتفسير الوقائع والأحداث المتصلة بالتنمية، واستخدام الحملات الإعلامية لرفع الوعي البيئي والمجتمعي، والاستفادة من وسائل الإعلام الرقمي الجديد، وتوظيفها توظيفاً رشيداً لخدمة القضايا المجتمعية.

وفي ختام فعاليات اللقاء الأول لمنتدى «الإعلام والتنمية المستدامة.. رؤية مصر 2030»، قالت الدكتورة هويدا مصطفى، عميد كلية الإعلام، إن المنتدى يتضمن الإعلان عن مسابقة سنوية حول أفضل الأعمال الإعلامية الخاصة بقضايا التنمية المستدامة، سواء مطبوعة أو مسموعة أو مرئية أو إلكترونية، وكذلك مشروعات طلاب الإعلام في الجامعات المصرية، إضافة إلى أفضل رسالة دكتوراه ورسالة ماجستير حول التنمية المستدامة.