تستعرض مصر تقريرها الطوعي الثالث أمام المنتدى السياسي رفيع المستوى من أجل التنمية المستدامة لعام 2021، في حوالي الساعة 11:30 من صباح الاثنين 12 يوليو، بتوقيت مدينة نيويورك على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، ويتضمن التقرير مجموعة من الرسائل التي حرصت الحكومة المصرية على توجيهها إلى المنتدى العالمي، من أبرز هذه الرسائل:

تعد مصر من بين 10 دول في جميع أنحاء العالم تقدم تقرير التقييم الوطني الثالث هذا العام، حيث تم تقديم التقرير الأول عام 2016 ، بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، وشهد التقرير الثاني المقدم في عام 2018 التنفيذ الناجح لبرنامج الاستقرار والإصلاح الاقتصادي، في حين يستعرض التقرير الوطني الطوعي الثالث، أمام المجتمع الدولي، الجهود والخطوات الواسعة التي تتخذها مصر، لوضع الأسس لاقتصاد أكثر مرونة، ومجتمع قادر على تحمل الصدمات السلبية غير المتوقعة، مثل جائحة «كوفيد-19».

 قبل اندلاع جائحة «كوفيد-19»، كانت مصر تسير على مسار متفائل لتحقيق أهدافها التنموية، ولسوء الحظ، اجتاحت جائحة «كوفيد-19» وآثارها الاجتماعية والاقتصادية العالم بأسره، مما أدى إلى ركود عالمي غير مسبوق، وعلى الرغم من الصدمة السلبية التي تعرض لها الاقتصاد المصري، إلا أن التنفيذ الناجح لبرنامج الإصلاح والاستقرار الاقتصادي الذي عزز من مرونة الاقتصاد، أدى إلى إضعاف تأثير الوباء، مما جعل الاقتصاد المصري من بين الدول القليلة جداَ، بل والوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي سجلت نمواً إيجابياً.

إن الحكومة المصرية مقتنعة بأنه على الرغم من ويلات الوباء، إلا أنه يمكن اعتباره حافزاً للإسراع في تنفيذ الإصلاحات، وبالتالي، أطلقت الحكومة المصرية المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام 2021، بهدف تبسيط هيكل الاقتصاد المصري، ورفع قدرته التنافسية، من خلال استهداف القطاعات التي تمر بمراحل صعبة أو تواجه تحديات متزايدة.

عملت الحكومة المصرية مع جميع أصحاب المصلحة، للتعامل مع التحديات التي تم تحديدها في التقرير الوطني الطوعي الثاني لمصر في عام 2018، من حيث التمويل مقابل التنمية ، وشهد عام 2020 إصدار أول سند أخضر في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذا الإصدار، الذي كان ناجحا للغاية، لا يضيف فقط إلى تنوع أدوات التمويل الموجودة تحت تصرف الحكومة المصرية، بل سيدفع أيضا أجندة «تخضير» المشاريع العامة، بالإضافة إلى ذلك، ستطلق الحكومة المصرية، بالتعاون مع جامعة الدول العربية والأمم المتحدة هذا العام، أول تقرير وطني شامل على الإطلاق، عن التمويل مقابل التنمية، لإعطاء تصنيف موضوعي لتمويل التنمية في مصر.

أما بالنسبة لمسألة النمو السكاني، فقد شرعت الحكومة المصرية في تنفيذ المشروع الوطني لتنمية الأسرة، حيث تتعاون الوزارات ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، ليس فقط للحد من النمو السكاني، ولكن على نفس القدر من الأهمية لتحسين خصائص رأس المال البشري، كما بذلت الحكومة المصرية جهوداً كبيرة لتحسين موقف الحوكمة في مصر، والذي تم تحديده على أنه تحد رئيسي آخر، وفي هذا الصدد، اعتمدت الحكومة المصرية النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والنزاهة في الوحدات الحكومية وتعزيز العدالة السريعة، بالإضافة إلى ذلك، وبغرض تعزيز الإدارة المالية العامة، تم إطلاق نظام المدفوعات الحكومية الإلكترونية ونظام المشتريات والتعاقدات الحكومية الإلكترونية، وتساعد هذه الأنظمة في تبسيط وتعزيز شفافية إجراءات التعاقد، وكذلك نظام تحصيل الإيرادات وتحسين قاعدة المنافسة.

لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز مفهوم «عدم ترك أحد خلف الركب»، نجحت مصر في الحد من الفقر الذي ظل يتصاعد منذ ما يقرب من 20 عاماً، بمساعدة برامج الحماية الاجتماعية الموجهة بشكل أفضل، وعلى نفس المنوال، وفي سعيها لإعطاء الأولوية لتوطين التنمية المستدامة، أصدرت الحكومة المصرية، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، تقارير توطين لجميع المحافظات المصرية، والتي تصور القيم الحالية وأهداف مؤشرات أهداف التنمية المستدامة في جميع المحافظات، من أجل استهداف بعض الثغرات في برامج التنمية المحلية.

ومن المبادرات الرائدة الأخرى، إنشاء أول مؤشر للتنافسية على مستوى المحافظات، بالتعاون مع المجتمع المدني في مصر ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا»، ولتتويج هذه الجهود، أطلقت الحكومة المصرية مبادرة «حياة كريمة»، بهدف تحسين حياة الملايين من الفقراء في المناطق الريفية في جميع أنحاء مصر، من خلال توفير خدمات حكومية عالية الجودة، لسكان أكثر 1500 قرية فقراً، في المرحلة الأولى للمبادرة.

تلتزم مصر دائماً بنهج شامل وتشاركي، وقد اشتمل تحديد القضايا، بالإضافة إلى محتوى التقرير الوطني الطوعي الثالث، على سلسلة من المشاورات مع الهيئات الحكومية والقطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني، وكذلك غيرهم من شركاء التنمية.