تعتبر زراعة الأسماك في حقول الأرز أحد أفضل الطرق العلمية لتعظيم الاستفادة من استخدام الأرض الزراعية، إذ إنها تسهم في حل مشكلة النقص في إنتاج البروتين الحيواني وبأسعار رخيصة، خاصة أن مزارع الأرز تتميز بالمساحات الكبيرة، تصل في مصر إلى حوالي مليون و100 ألف فدان سنوياً، مما يعظم من قيم الإنتاج السمكي، إلا أن إنتاج الأسماك في حقول الأرز في مصر لا يمثل إلا حوالي 2.4% فقط من إجمالي إنتاج الأسماك من المصادر المختلفة.

الدكتور أحمد عبدالمنعم المزين، أحد خبراء الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، أكد أن تربية الأسماك في حقول الأرز أحد أفضل الطرق العلمية لتعظيم استخدامات الأرض الزراعية، خاصةً في الدول الفقيرة، حيث أن هذه الطريقة تسهم في حل مشكلة نقص إنتاج البروتين الحيواني، وتعتبر تربية الأسماك بهذا الأسلوب طريقة قديمة يرجع العمل بها إلى بداية زراعة الأرز في مصر، التي تتميز بالمساحات الكبيرة، مما يساعد فى تعظيم قيمة الإنتاج السمكي، خاصةً وأن مزارع الأرز عادةً ما تكون بعيدة عن البحار والبحيرات ومراكز الصيد، ولفت إلى أن من أهم أنواع الأسماك التي يمكن زراعتها وسط حقول الأرز بمنطقة الشرق الأوسط، تتمثل فى أسماك «المبروك والبلطي».

وأوضح «المزين» أن هناك العديد من المزايا العديدة والمنافع المتبادلة لتربية الأسماك في حقول الأرز، حيث تتغذى الأسماك على بعض الحشرات والطحالب والديدان الضارة بمحصول الأرز، كما أنها تسهم في القضاء على ظاهرة تكّون «الريم» في حقول الأرز، التي تؤثر سلباً على إنتاجية المحصول، نظراً لأنها تمنع نفاذ الهواء إلى النباتات الصغيرة «البادرات»، كما أن فضلات الأسماك تعد من الأسمدة العضوية، التي تعمل على تحسين خواص التربة، مما يزيد إنتاجية الفدان بنسبة تتراوح بين 10 و12%، الأمر الذي يترتب عليه زيادة العائد النقدي للمزارع، بزيادة محصول الأرز والأسماك معاً.

إلا أن المسؤول السابق بهيئة تنمية الثروة السمكية أشار إلى أن تربية الأسماك بهذه الطريقة تنتابها العديد من العيوب، كارتفاع نسبة الفقد في المنتج من السمك، يتراوح ما بين 40 و60% للإصبعيات، وبين 20 و30% لسمك المائدة، بسبب الحيوانات المفترسة، أو الطيور مثل «أبو قردان»، التي تتغذى على الأسماك، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، خاصةً في حالات الماء الضحل، الذي يتسم بقلة الأكسجين الذائب، كما أن الأسماك في بعض مراحل نموها تحتاج إلى ماء عميق، قد لا يتحمله الأرز ويضر بإنتاجية المحصول، فضلاً عن أن وجود أسماك في حقول الأرز يمنع استخدام الوسائل الزراعية الحديثة، من ميكنة وأسمدة كيماوية ومبيدات حشرية، إلا أنه أشار إلى أنه يمكن التغلب على هذه العيوب بالزراعة المتناوبة بين السمك والأرز.

أما الدكتورة أمل محمد، باحثة بالمعمل المركزي لبحوث الثروة السمكية، فقالت إن استزراع الأسماك في حقول الأرز له مردود اقتصادي على الفلاح، فبدلاً من أن يحصل على محصول واحد من أرضه، يصبح لديه محصولان، أحدهما نباتي والآخر حيواني، إلا أنها أشارت كذلك إلى أن هناك بعض المشكلات التي تواجه الاستزراع السمكي في حقول الأرز، منها عدم وجود حقول إرشادية تكون نموذجاً يسترشد بها المزارع، وعدم توفر الزريعة بالأعداد الكافية، نظراً لقلة المفرخات ومحدودية إنتاجها، مما يؤدي إلى انخفاض أعداد الزريعة التي يتم تسليمها للمزارعين فعلياً، حيث تحتوي أكياس الزريعة على أعداد أقل من الكميات المفترض تسليمها، دون تعريف المزارعين بذلك، مما يقلل من ثقتهم في المشروع، بخلاف فقد إصبعيات الأسماك، بسبب نقلها لمسافات طويلة، وتفريغها في الحقل بطريقة خاطئة، مما يؤدي إلى فقدها في مياه الصرف أو خروجها من مصدر الري، وكذلك تسرب بعض الأسماك المفترسة، التي تتغذى على تلك الإصبعيات.

وأوضحت باحثة الثروة السمكية أن تلوث مياه الري بالمبيدات له تأثير سلبي على تربية الأسماك بهذه الطريقة، نتيجة رش الأرز أو المحاصيل المجاورة بالمبيدات، حيث يوافق موسم تربية الأسماك في حقول الأرز موسم مكافحة دودة القطن، مما يتسبب في فقدان نسبة كبيرة من الإصبعيات، تختلف باختلاف درجة التلوث، مشيرةً إلى أنه يوصى بزراعة أصناف معينة من الأرز، مثل «جيزة 177، وجيزة 178، وسخا 101، وسخا 102»، وذلك لمقاومتها لمرض «اللفحة»، وبالتالي عدم استخدام المبيدات الفطرية للأرز، وهي من الأصناف متوافقة مع سياسة ترشيد المياه، التي تنتهجها الدولة، حيث أن مدة مكوثها في الأرض تصل إلى 120 يوماً، وتوفر مياه الري بنسبة من 25 إلى 30%، مقارنة بالأصناف القديمة الأخرى.