أكثر من 150 مليوناً، هو عدد الفتيات اللواتي يمكن أن يصبحن أطفالاً أمهات بحلول عام 2030، إذا لم يتصرف العالم بشكل حاسم لإنهاء زواج الأطفال، وفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي أشار في تقرير أصدره مؤخراً، إلى أنه يتم تزويج عشرات الآلاف من الفتيات كل يوم، في انتهاك واضح لحقوقهن، بالإضافة إلى تعرضهن للعنف المحتمل، مما يهدد صحتهن وحياتهن.

وأوضح الصندوق الأممي أن البرامج التي أطلقها بهدف إنهاء زواج الأطفال، باتت تحدث فرقاً، حيث أنها أسهمت في منع زواج القاصرات إلى حد كبير، كما ساعدت في تحرر الأطفال من الروابط غير المرغوب فيها، مشيراً إلى أن «المستقبل قد يبدو مختلفاً جداً، إذا تم تسريع هذه الجهود».

وفي يوم الاحتفال بـ«عيد الحب» في 14 فبراير من كل عام، عادةً ما يلجأ صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى استكشاف ما يحدث عندما يتم تشجيع الفتيات على قول «لا لزواج الأطفال»، حيث تشارك الفتيات والنساء في جميع أنحاء العالم قصصهن وتجاربهن حول مشاهدة، أو التعرض، وحتى رفض زواج الأطفال، وكيف غيرت تلك القرارات مصائرهن إلى الأبد.

وبحسب الصندوق الأممي فإن زواج الأطفال هو «المنتج السام للفقر وعدم المساواة بين الجنسين»، إذ تعتقد العديد من العائلات أن الزواج سيضمن مستقبل بناتهن، ولكن في الواقع، فإنه في كثير من الأحيان يعرقل فرصهن، ويخرجهن من المدرسة، ويصبحن أمهات دون السن القانونية، واعتبر الصندوق أن زواج الأطفال ظاهرة عالمية، تؤثر على الفتيات عبر مختلف المجتمعات والأديان، ويزيد حمل المراهقات من خطر مضاعفات الحمل، فيما تتحطم أحلام العديد من الفتيات بسبب الزواج المبكر.

وعن تجربتها مع الزواج المبكر، أورد التقرير عن «فرح فايزة» من بنغلاديش، وتعمل حالياً موظفة بالأمم المتحدة، قولها: «تزوجت أمي في وقت مبكر من عمرها، ورغم أنها أكملت تعليمها العالي، لم يُسمح لها بالعمل بعد الزواج، لقد ترك هذا تأثيراً طويل الأمد على صحتها العقلية والجسدية»، وأضافت أنها لم تكن لتحصل على فرصة عملها في المنظمة لو أنها سارت على خطى أمها، وتزوجت في سن مبكرة.

أما «تشينارا كوجيفا»، من جورجيا، فحكت قصتها حول خطبتها بدون رغبتها وهي في سن 15 عاماً، بقولها: «لقد اتصلت بالشرطة، وفي وقت لاحق وعدني والدي بأنهما سيسمحان لي بتلقي التعليم وعدم تزويجي قبل بلوغ سن الـ18»، ولكن بعد عامين، حاولا مرة أخرى إرغامها على الزواج، فبكت كثيراً دون أن يستمع لها أحد، مشيرةً إلى أنها أخبرت السلطات، التي ساعدتها على الانتقال إلى ملجأ حيث بدأت «حياة جديدة» هناك، حسب وصفها.

ووفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان فإن زواج الأطفال يترك الفتيات ضعيفات للغاية، وغالباً ما يتزوجن من أزواج أكبر سناً، وبالتالي يصبحن أقل قدرة على الدفاع عن احتياجاتهن وحقوقهن، وقد يواجهن حتى العنف، مشيراً إلى أن دعم وتمكين الفتيات يمكنهن من تجنب هذه الظروف الصعبة.

ولفت الصندوق إلى أن كثيراً من الفتيات غير المتزوجات، اللواتي يجدن أنفسهن حوامل، غالباً ما يتعرضن للضغوط للزواج مبكراً، وضرب مثالاً على ذلك بتجربة «بوني هيلين»، من جنوب السودان، والتي قالت: «أراد والداي تزويجي عندما كنت حاملاً في سن الـ16، ولكنني تحديتهما، لأنني أردت إنهاء دراستي، ولذلك عملت ودعمت نفسي، وذهبت إلى المدرسة، والآن عمري 23 سنة، وأدرس القانون، في الوقت الذي أقوم فيه بتربية ابني البالغ من العمر 6 سنوات»، وأعربت «هيلين» عن اعتقادها أن فرصة استكمال دراستها لن تكون ممكنة لو أنها تزوجت في سن مبكرة.

وأفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان بأنه في العام الماضي، قام بتزويد نحو 4 ملايين فرد من المجتمعات المحلية في مختلف أنحاء العالم، من بينهم مليون فتاة على الأقل، بمعلومات وخدمات لإنهاء زواج الأطفال، واختتم الصندوق الأممي تقريره بالتأكيد على أن «كل شيء يتغير، عندما تدرك الفتيات أن هناك مستقبلاً أكثر إشراقاً ينتظرهن».