اجتمع أكثر من 300 قائد مناخي من بلدان الجنوب العالمي، يمثلون أكثر من 100 دولة، في النسخة الثالثة من مخيم العدالة المناخية في تنزانيا، للمشاركة في وضع استراتيجيات ومطالب وحلول مبتكرة للعمل المناخي قبيل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 29)، المقرر عقده في العاصمة الأذربيجانية باكو، في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر 2024.
وعلى مدار أسبوع كامل، بين 8 و12 أكتوبر، شارك قادة المجتمعات المحلية من الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي، وجنوب شرق آسيا، وجنوب آسيا، والمحيط الهادئ، في ورش عمل وجلسات استراتيجية، لتعزيز التضامن وممارسة الضغط على الحكومات والشركات، لاتخاذ إجراءات مناخية أكثر جرأة، ولوضع استراتيجيات للتغيير التحويلي، والمطالبة بالاستماع إلى أصوات ومطالب هؤلاء الأكثر تأثراً وتضرراً بتغير المناخ في الدوائر العالمية، لوضع السياسات وصناعة القرارات.
وشهدت النسخة الثالثة من مخيم العدالة المناخية مشاركة عدد من الشباب والفتيات من الدول العربية، شملت كلاً من مصر وتونس والمغرب، الذين عرضوا قصصهم وتجاربهم وخطط عملهم الملهمة مع نظرائهم الشباب من مختلف دول العالم.
أقيم مخيم العدالة المناخية بينما يستعد قادة العالم للاجتماع في مؤتمر الأطراف، وبعد قليل من تحذير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأن «البشرية فتحت أبواب الجحيم»، من خلال السماح لأزمة المناخ بالتفاقم، ما يعزز أهمية الموضوعات التي ناقشها القادة الشباب في المخيم، بما في ذلك النزاعات ونزع السلاح، والتحول في مجال الطاقة، والتكيف مع آثار التغير المناخي، إلى جانب التصدي لتلوث البلاستيك، وحلول لقضايا أخرى، يمكن أن تدفع باتجاه إحداث تغيير سياسي طويل الأجل.
ولم يغفل المخيم إحياء ذكرى كل من لبنان، الذي غُيّب قسرًا بسبب العدوان الإسرائيلي، وإلإبادة الجماعية التي تتكشف في فلسطين، وشهد المخيم فعّاليات ووقفات تضامنية مؤثرة، وكلمات دعم موجهة لكلا البلدين، تأكيداً على أن غياب ممثلين منهما لم يمنع الحاضرين من إيصال صوتهم ومساندتهم في هذه اللحظات الحرجة.
وأبرزت كنزي عزمي، مسؤولة الحملات في «غرينبيس» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أهمية مشاركة شباب من الدول العربية في هذا الحدث، وأشارت إلى أن المخيم أتاح لهؤلاء الشباب فرصة فريدة للتفاعل مع نظرائهم من أنحاء العالم، مما أضاف قوة ودعماً لصوتهم في القضايا المناخية العالمية، كما وفر منصة لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، مما ساعد في تعزيز قدراتهم القيادية وتعميق فهمهم لتحديات المناخ.
وقالت مسؤولة الحملات في منطمة «غرينبيس»، في بيان تلقته «جسور 2030»: «لن نقف مكتوفي الأيدي بينما ينهار المناخ من حولنا، لقد خذلتنا حكوماتنا، لذلك نحن نتولى زمام المبادرة بأنفسنا، أزمة المناخ هي قضية عدالة، ونحن نمكن الشباب للنضال من أجل حقوقهم، والمطالبة بمستقبل قابل للعيش»، ودعت «عزمي» إلى إعلان حالة طوارئ مناخية، واتخاذ إجراءات سريعة للحد من الاحترار العالمي، ووقف جميع المشاريع الجديدة لاستخراج الوقود الأحفوري على الفور، وتأمين التمويل المناخي للمجتمعات في الجنوب العالمي، التي تواجه أسوأ آثار أزمة المناخ.
أما عزيزة فاخر، مشاركة في مخيم العدالة المناخية وناشطة في مجال المناخ والعدالة الاجتماعية من تونس، فقد أكدت على الأثر الإيجابي للمخيم على الشباب في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، مشيرةً إلى أن الشباب لم يكتسبوا فقط المعرفة اللازمة للتعامل مع القضايا المناخية، بل أصبحوا جزءاً من حركة عالمية تهدف إلى تحقيق التغيير الإيجابي العادل، وأضافت أنه من خلال تعزيز التعاون بين الشباب من الجنوب العالمي، تمكن المشاركون من صياغة استراتيجيات شاملة، تهدف إلى مواجهة آثار تغير المناخ، مما يؤكد على دورهم الحيوي كقادة في هذا المجال.
وتابعت الناشطة التونسية أن أصبحت «أزمة المناخ أصبحت جزءاً لا يتجزأ من نضالاتنا في المنطقة، حيث تتأثر حياتنا ومعيشة مجتمعاتنا المحلية بشكل عميق بشح المياه والجفاف والسياسات المناخية والبيئية غير الفعالة، المتجذرة في النظام الرأسمالي»، مشيرةً إلى أن مساحات مثل مخيم العدالة المناخية، تسهم بشكل كبير، في تبادل المعرفة والخبرات بين مجتمعات الجنوب العالمي، لتعزيز التضامن، بهدف دفع جهود العمل المناخي، والمساهمة في بناء مستقبل عادل».
ويُعد مخيم العدالة المناخية أكبر منصة حضورية فريدة من نوعها، تتيح للشباب من الجنوب العالمي الفرصة للتواصل والتعلم والمساهمة الفعالة في النقاشات المناخية العالمية، وعلى مدار النسختين السابقتين، شارك في المخيم ما يقرب من 1000 شاب وفتاة من بلدان الجنوب العالمي، التي تعاني من آثار تغير المناخ، مما أدى إلى إطلاق مبادرات مناخية جديدة في جميع أنحاء العالم، وتعزيز تمثيل الشباب من المناطق المتضررة في مفاوضات الأمم المتحدة لمؤتمرات الأطراف