مع اقتراب انعقاد الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، وجّه الأمين العام أنطونيو غوتيريش تحذيراً قوياً من أن التغيرات المناخية باتت «خارج السيطرة»، داعياً قادة العالم إلى التعاون وتغيير المسار قبل فوات الأوان.
وأكد الأمين العام، في مقابلة مع منصة أخبار الأمم المتحدة، أن العالم يواجه أزمة غير مسبوقة، تتشابك فيها الصراعات المسلحة، مع التدهور المناخي، واتساع فجوة عدم المساواة، فضلاً عن المخاطر المتزايدة الناجمة عن التطور التكنولوجي.
وقال «غوتيريش» إن الانقسامات الجيوسياسية تعرقل الجهود الدولية لمعالجة الأزمات المتفاقمة، في وقت تتعرض فيه الدول النامية لضغوط خانقة، بسبب تراكم الديون، وغياب التمويل الميسر اللازم لإنعاش اقتصاداتها، وأضاف أن هذا الوضع يفاقم من حالة «الإفلات من العقاب»، إذ تتصرف بعض الدول وكأنها قادرة على المضي قدماً في سياساتها، بمعزل عن التوافق الدولي، فيما يعاني ملايين البشر من تداعيات الفقر والتهميش.
وشدد الأمين العام على أن التعاون العالمي لم يعد خياراً بل ضرورة ملحة، مؤكداً أن تغير المناخ لم تتم السيطرة عليه بعد، وأن المؤشرات تنذر بصعوبة الحفاظ على الهدف الرئيسي لاتفاق باريس للمناخ، والمتمثل في الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، كما حذر من أن التكنولوجيا، رغم إمكاناتها الكبيرة، قد تصبح أداة لتعزيز الاستقطاب، ونشر خطاب الكراهية، ما لم تخضع لحوكمة تضمن استخدامها من أجل الخير.
وأشار غوتيريش إلى أن القمة الأممية المقبلة يجب أن تخرج بالتزامات واضحة في مجالات خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وإصلاح النظام المالي الدولي، لتحقيق مزيد من العدالة والمساواة، وتعزيز التعددية، بما يعزز قدرة المجتمع الدولي على مواجهة التحديات المشتركة، وحث القادة على تبني إصلاحات شاملة للبنية المالية العالمية، كي لا تظل الدول النامية غارقة في الديون، ومحرومة من فرص التنمية.
وفيما يخص ملفات الأمن والسلام، أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، والأزمة الإنسانية في غزة، سيكونان في صدارة المناقشات، مؤكداً الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، والعودة إلى مسار حل الدولتين، كما لفت الانتباه إلى الصراعات المنسية في السودان ومناطق أخرى، داعياً مجلس الأمن إلى التحرك بشكل موحد لتخفيف المعاناة الإنسانية، ومنع تفاقم الأزمات.
وأكد غوتيريش أن التزامه بالعمل المناخي لم يتراجع رغم العقبات، داعياً جميع الدول الأعضاء إلى تقديم خطط وطنية جديدة لخفض الانبعاثات بشكل ملموس، تجنباً للوصول إلى «مرحلة اللا عودة»، التي تهدد بحدوث كارثة كونية تطال الجميع، مع التركيز على حماية الدول الأكثر هشاشة، مثل الدول الجزرية الصغيرة، والبلدان الأفريقية.