كشفت منظمة العمل الدولية عن فجوة صادمة في توزيع الدخل بين سكان العالم، تتمثل في حصول 10% من مجموع العاملين في كافة دول العالم على دخل لا يتجاوز 22 دولاراً شهرياً، بينما يتقاضى حوالي 1.6 مليار شخص، أي نصف مجموع عمال العالم، رواتب لا تتعدى 200 دولار في الشهر، فيما يتلقى حوالي 300 مليون شخص رواتب تصل إلى  7500 دولار شهرياَ.

وفي ضوء بيانات تم جمعها من نحو 189 دولة، اعتبر خبراء اقتصاديون بمنظمة العمل الدولية، وهي إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، أن أصحاب الدخول الأعلى في كل أنحاء العالم، شهدوا زيادة في نصيبهم من الدخل القومي لبلدانهم، خلال الـ15 عاما الماضية، بينما في المقابل، تقلصت حزم رواتب جميع العاملين من الفئات الأقل دخلاً.

وضمن تعليق له على تلك الفجوة الصادمة في توزيع الدخول، قال الخبير الاقتصادي بالمنظمة، روجر غوميس، إن «المنتمين لفئة الأقل أجراً يحتاجون إلى العمل لمدة 28 سنة متواصلة، ليحصلوا على نفس ما يحصل عليه المنتمون إلى فئة ذوي الدخول الأعلى في شهر واحد»، واعتبر أن الزيادة بنسبة 1% في الأجور الصافية، التي يربحها أصحاب الدخول الأعلى في العالم اليوم، أسفرت بالمقابل عن انخفاض كبير بالنسبة لأي شخص آخر، خصوصاً أصحاب الدخل الأدنى، الذين يعانون تراجعاً بنسبة تصل إلى 1.6% في نصيبهم من دخل العمل.

وعلى العكس من هذا التبادل السلبي، أكد الخبير الاقتصادي أنه عندما ترتفع أجور العمال من فئة ذوي الدخل المتوسط​، فإن حصة غيرهم من الأجور ترتفع أيضاً، باستثناء فئة أصحاب الدخول الأعلى، الأمر الذي يشكل دلالة على أن دخل العمل النسبي للغالبية العظمى من العاملين، حوالي 90%، يتكامل مع دخول غيرهم، فعلى سبيل المثال، عندما يزداد دخل فئة، فإن دخل الأخرى يزداد أيضاً، وبحسب «غوميس» فإن الزيادات في أعلى هرم الدخول يتم تقاسمها على نطاق ضيق جداً بين أصحاب الدخل الأعلى فقط.

ومن النتائج التي كشفت عنها بيانات منظمة العمل الدولية، التي تغطي العاملين بأجر ومن يعملون لحسابهم، يتبين أن الدخول تتوزع بصورة غير متكافئة بين العاملين في البلدان الأكثر فقراً، مقارنةً بمن يعملون في البلدان الغنية، حيث أظهرت البيانات أن رواتب فئة أصحاب الدخول الأعلى في الدول الغنية لا تمثل سوى 30% فقط من الدخل القومي الإجمالي لاقتصاداتها الوطنية، بينما تمثل حصة أصحاب الدخول الأعلى في الدول النامية 70% من مجمل الدخل القومي.

ووفقا للمنظمة، فقد شملت البلدان التي تلقى فيها أصحاب الدخول الأعلى ارتفاعا بنسبة 1% في حصتهم، خلال الفترة التي تغطيها الدراسة، كلاً من ألمانيا وإندونيسيا وإيطاليا وباكستان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتشير البيانات الصادرة عن المنظمة إلى أن حصة الـ20% من العاملين الأعلى دخلاً في العالم ارتفعت من 51.3% إلى 53.5%، خلال فترة الدراسة، بينما انخفضت الحصة بالنسبة لنحو 60% من أصحاب المنطقة الوسطى من الدخل، من 44.8% إلى 43% خلال نفس الفترة.

ورغم أن هذه البيانات توضح أن عدم المساواة في توزيع الدخل قد انخفض منذ بداية تلك الفترة على المستوى العالمي، إلا أن «غوميس» أرجع السبب في ذلك إلى ما تشهده الاقتصادات الكبيرة الناشئة، وفي مقدمتها الصين والهند، من ازدهار، وليس بسبب انخفاض في فجوات الدخول في بلدان العالم، وقال إن غالبية القوى العاملة العالمية ترزح تحت سقف رواتب منخفضة بشكل ملحوظ، وبالنسبة للكثيرين من بينهم، فإن حيازة المرء لوظيفة لا يعني توفير ما يكفي من مال للعيش.