بينما تتواصل الجهود الدولية لاحتواء التداعيات الناجمة عن «جائحة كورونا»، التي قادت إلى وجود ما يوصف بـ«عالم أكثر تفاوتاً»، مازالت العديد من البلدان منخفضة الدخل، في مختلف أنحاء العالم، تسجل تراجعات حادة في مكاسب التنمية، وفق ما أظهرت مناقشات منتدى التمويل من أجل التنمية، في نسخته السادسة، التي عقدت بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة من 12 إلى 15 أبريل الجاري، جرت فعالياتها افتراضياً عبر تقنيات التواصل الإلكتروني.

وفي كلمتها أمام الجلسة الختامية للمنتدى، أكدت أمينة محمد، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، أن المناقشات التي جرت على مدار 4 أيام، سلطت الضوء على التداعيات الناجمة عن «جائحة كورونا»، وعبرت عن تلك التداعيات بقولها: «لقد أدى أسوأ تدهور صحي واقتصادي في حياتنا، إلى الكشف عن نقاط الضعف في اقتصاداتنا ومجتمعاتنا وتفاقمها، مما دفع البعض إلى وصف كوفيد-19 بأنه فيروس عدم المساواة».

وفيما أكدت المناقشات أن البلدان النامية واجهت أعباء ديون متضخمة، وميزانية مالية محدودة، وتكاليف اقتراض مرتفعة، في ظل قدرة محدودة على الاستجابة للجائحة، أوضحت نائب الأمين العام أن «العالم المتشعب الذي نتجه نحوه، هو كارثة لنا جميعاً»، وأكدت على ضرورة العمل على مساعدة البلدان النامية من أجل التغلب على هذه الأزمة، كما شددت على ضرورة التصدي لخطر آخر يتمثل في «إهدار عقد كامل»، يعول عليه العالم كثيراً من أجل التقدم على طريق التنمية.

كما تطرق منتدى التمويل من أجل التنمية إلى الجهود الدولية للتصدي لـ«جائحة كورونا»، حيث أظهرت المناقشات أن الوصول السريع إلى اللقاحات لجميع مواطني العالم، يمثل أولوية قصوى، إلا أن نائب الأمين العام أشارت إلى أن متوسط نسبة الأشخاص الذين تلقوا اللقاحات في أفريقيا، لا تزال أقل من واحد في المائة، ووصفت الأمر بأنه «بلاء أخلاقي على المجتمع الدولي».

ودعت «أمينة محمد» الحكومات وشركاء التنمية والجهات الفاعلة في القطاع الخاص، إلى تمويل التطعيم العادل للجميع، كمسألة ملحة للغاية، وأضافت أنه من المهم أيضاً، تخفيف ضغوط الديون والسيولة، من خلال مواصلة وتوسيع مبادرة تعليق الديون، لتشمل البلدان الضعيفة ذات الدخل المتوسط، والدول الجزرية الصغيرة النامية، خاصةً وأن العالم يقترب من «كارثة مناخية».

كما تحدث مشاركون في المنتدى عن أن «جائحة كورونا» أظهرت أهمية الاستثمارات الأولية في تدابير الحماية الاجتماعية، للحماية من الصدمات المستقبلية، وهو ما عبرت عنه نائب الأمين العام للأمم المتحدة، بقولها إنه يتعين على الحكومات إعطاء الأولوية لرفاهية سكانها، بما في ذلك من خلال الاستثمار بشكل كبير في التعليم المجاني، والرعاية الصحية الشاملة، وأكدت أيضاً على أهمية فصل «سبل العيش» عن تقلبات الاقتصاد العالمي، وتأمين مصادر دخل مضمونة.

وأقرت المسؤولة الأممية بأن التحديات التي نواجهها اليوم تتجاوز «كوفيد-19»، لتشمل أزمة المناخ والجفاف والجوع وانعدام الأمن المتزايد، وكلها تحديات تزداد تفاقماً، بسبب الآثار الاقتصادية طويلة المدى لـ«فيروس عدم المساواة»، وقالت في هذا الصدد إن جهود التعافي يجب أن تتصدى لكل هذه التحديات وجهاً لوجه، وحثت جميع المشاركين على اتخاذ إجراءات فورية من أجل استجابة عالمية مناسبة، وفي الوقت المناسب، من شأنها أن تعيدنا إلى المسار الصحيح، وتنفيذ جدول أعمال 2030.