قبل أيام من اجتماعات لجنة التفاوض الحكومية الدولية لإنهاء التلوث بالبلاستيك، والتي من المقرر عقدها في العاصمة الفرنسية باريس، في الفترة من 29 مايو حتى 2 يونيو 2023، أطلقت الأمم المتحدة تقريراً جديداً يقدم حزمة من الحلول المقترحة لمساعدة مختلف الدول في تحقيق هدف التخلص من التلوث بالبلاستيك.

يتضمن التقرير، الذي جاء بعنوان «وقف مصادر التلوث: كيف يمكن للعالم إنهاء التلوث بالبلاستيك»، ما يمكن وصفها «خارطة طريق»، تعول عليها المنظمة الأممية لخفض مستويات التلوث بالبلاستيك بنسبة تصل إلى 80% بحلول عام 2040، إذا ما التزمت دول العالم بتطبيقها بجدية ومسؤولية.

تتمثل الحلول التي يقترحها التقرير في إنشاء اقتصاد دائري في سوق البلاستيك، من خلال إجراء ثلاثة تحولات رئيسية، أولها إعادة استخدام البلاستيك مثل الزجاجات القابلة لإعادة التعبئة، والثاني إعادة التدوير الذي بإمكانه أن يحد من التلوث البلاستيكي بنسبة 20%، إذا تحول إلى مشروعات مستقرة ورابحة، والثالث هو إعادة التوجيه والتنويع، أي استخدام بدائل متنوعة للبلاستيك، مثل الورق أو المواد القابلة للتسميد.

ووجد التقرير، الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة هذا الأسبوع، أن التحول إلى الاقتصاد الدائري سيؤدي إلى توفير ما يزيد على 1.27 تريليون دولار، كما سيؤدي إلى توفير أكثر من 700 ألف وظيفة إضافية بحلول عام 2040، معظمها في البلدان منخفضة الدخل، مما يؤدي إلى تحسن كبير في حياة ملايين البشر.

تأتي الجولة الثانية للجنة التفاوض الدولية لإنهاء التلوث بالبلاستيك، التي تُعقد في باريس الأسبوع المقبل، في وقت تكتسب فيه جهود القضاء على الملوثات البلاستيكية زخماً عالمياً، بعد تزايد المخاطر الناجمة عن هذه الملوثات، التي بلغت مستويات غير مسبوقة، تنذر بفقدان الكثير من مقومات الحياة على الأرض.

جاء تشكيل هذه اللجنة بموجب قرار صدر عن اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة في فبراير 2022، بالعاصمة الكينية نيروبي، وهو الاجتماع الذي أسفر عن اتفاق تاريخي، يضع صكاً دولياً ملزماً بشأن التلوث بالبلاستيك، متضمنا البيئة البحرية أيضاً، على أن يتم استكمال المفاوضات بنهاية 2024.

حظي الاتفاق بموافقة رؤساء ووزراء ومسؤولون من 175 دولة، على أن تشمل المفاوضات وضع قواعد لتنظيم دورة الحياة الكاملة للمواد البلاستيكية، بما في ذلك إنتاجها وتصميمها بحيث تكون قابلة لإعادة الاستخدام أو التدوير أو التخلص الآمن منها، وتقديم بدائل متنوعة، وتعزيز التعاون الدولي لتسهيل الوصول إلى التكنولوجيا، إضافة إلى بناء القدرات، والتعاون العلمي والتقني.

وعقدت اللجنة الحكومية الدولية أولى جولاتها التفاوضية في ديسمبر من العام الماضي، بمدينة «بونتا دل إيستي» الساحلية في أوروجواي، في اجتماع كان الأول من بين خمس جولات مخططة للجنة، تهدف إلى صياغة أول اتفاق ملزم قانونا بشأن القضاء على التلوث بالبلاستيك، بحلول نهاية عام 2024.

وكان من ضمن أهم نتائج الجولة الأولى التزام الحكومات بتطوير أدوات تنظم دورة الحياة الكاملة للمواد البلاستيكية، وتحمي صحة الإنسان والبيئة، وتراعي احتياجات البلدان الأكثر احتياجاً، على أن تتم تنفيذ التعهدات بطريقتين، الاولى وضع الأهداف وتدابير الرقابة، والثانية بحث وسائل التنفيذ والتمويل.

وفي فبراير الماضي، قدمت اللجنة تقريراً عن وضع المساهمات المقدمة من الدول المختلفة لتقليل التلوث بالبلاستيك، والتي بلغت حوالي 10 ملايين و550 ألف دولار، بينما يبلغ إجمالي التعهدات المالية التي أقرت بها الدول، بموجب الاتفاق، نحو 14 مليون و114 ألف دولار.

وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن العالم ينتج أكثر من 400 مليون طن من جزيئات البلاستيك الدقيقة سنوياً، ينتهي بها الحال في طعامنا وشرابنا والهواء الذي نتنفسه، كما تذهب الملايين منها إلى البحار والأنهار، ويتأثر بها أكثر من 800 نوع بحري من خلال ابتلاعها، أو التشابك معها.

وبحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن 85% من إجمالي النفايات في المحيطات والبحار وغيرها من المسطحات المائية، من مواد بلاستيكية، ويحذر البرنامج من أن كميات النفايات البلاستيكية التي تتدفق إلى البيئة البحرية ستتضاعف ثلاث مرات تقريباً بحلول عام 2040، وأن محيطات العالم قد تستقبل ما بين 23 و37 مليون طن من الملوثات البلاستيكية سنوياً.