كشفت تقارير متطابقة لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع مؤشر الفقر للمرة الأولى في مصر منذ عام 1999، ليسجل 29.7% خلال العام المالي 2019/ 2020، مقارنةً بنسبة 32.5% في العام المالي 2017/ 2018، كما تراجع مؤشر الفقر المدقع إلى 4.5%، مقابل 6.2% في 2018، ليعود إلى مستوياته السائدة في العام الماضي 2018/ 2019.
تم إعلان نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2019/ 2020، في مؤتمر صحفي أواخر الأسبوع الماضي، بحضور رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة هالة السعيد، ورئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اللواء خيرت بركات، وعدد من الخبراء وممثلي الهيئات والمنظمات المحلية والدولية.
وقال رئيس جهاز التعبئة والإحصاء إن بحث الإنفاق والدخل، التي أجراها الجهاز، كشف عن تراجع نسبة الفقر في ريف الوجه البحري إلى 22%، بدلاً من 27% في عام 2017/ 2018، كما تراجعت في ريف الوجه القبلي إلى 48%، مقابل 52%، معتبراً أن دعم الغذاء ساعد في تراجع معدلات الفقر بنحو 3%، وأنه لولا هذا الدعم لكانت النسبة 32.5% كما في العام قبل الماضي.
كما أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة هالة السعيد، في بيان أصدرته الوزارة هذا الأسبوع وتلقت «جسور 2030» نسخة منه، أن نسبة الفقر تراجعت في جميع المناطق، وذلك للمرة الأولى منذ نحو 21 عاماً، حيث جاء أكبر تراجع في ريف الوجه البحري بنسبة بلغت حوالي 4.73%، بينما بلغت نسبة التراجع نحو 3.79% في ريف الوجه القبلي.
وأوضحت أن بحث الدخل والإنفاق أظهر ارتفاع متوسط الدخل السنوي للأسرة على مستوى الجمهورية من 60 ألف و400 جنيه عام 2017/ 2018، إلى 69 ألف و100 جنيه في 2019/ 2010، بزيادة 15%، حيث ارتفع متوسط دخل الأسرة في المناطق الحضرية من 69 ألف و600 جنيه، إلى 80 ألف و900 جنيه، بنسبة 16.3%، وفي الريف من 52 ألف و700 جنيه، إلى 59 ألف و700 جنيه، بنسبة 13.3%.
وقالت وزيرة التخطيط إنه «على الرغم من صعوبة الظروف والتحديات التي فرضتها التداعيات غير المسبوقة لجائحة (كوفيد-19)، إلا إننا نشهد اليوم، ومن خلال بحث هذا العام، العديد من المؤشرات الايجابية، والتي تمثل دلائل مهمة، نلمس من خلالها ثمار الجهود التي تبذلها الدولة المصرية في السنوات الاخيرة»، والتي تتمثل في انخفاض معدل الفقر لأول مرة منذ عام 1999.
أما رئيس مجلس الوزراء فقد اعتبر أن أرقام ومؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لها دور كبير فى العملية التنموية، وهو ما برز فى زيارة رئيس الجمهورية، الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى مقر الجهاز مرتين، أثناء بدء التعداد السكاني، وعند إعلان النتائج، وأضاف أن بحث الدخل والإنفاق هو الركن الأساسي الذي ترتكز عليه كل خطط الدولة في حصد ثمار التنمية، وتحسين جودة الحياة.
وبينما لفت «مدبولي» إلى أنه لأول مرة منذ 20 عاماً تشهد مصر انخفاضاً في معدلات الفقر، مؤكداً على أهمية هذه الخطوة، فقد شدد على أن الحكومة لن تكتفى بهذا التراجع، مشيراً إلى أن زيادة معدلات الفقر في بحث عام 2017، كانت نتيجة فورية لتطبيق الاصلاح الاقتصادي، وأضاف أن الحكومة سعت بكل جدية لخفض تلك المعدلات.
ولجأت الحكومة المصرية إلى تطبيق إجراءات إصلاحية قاسية خلال عامي 2016 و2017، منها التحول لضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات، وتحرير سعر الصرف، الذي أفقد العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها، ونتج عنه ارتفاع التضخم لأعلى مستوياته فى ثلاثة عقود.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء أنه رغم ارتفاع أسعار الخدمات والمرافق، مازالت الدولة المصرية تقدم دعماً كبيراً للكهرباء والغذاء، ولولا ذلك الدعم لارتفعت مؤشرات الفقر بنحو 10% عن معدلاتها الحالية، مؤكداً أن زيادة الأجور، خلال الفترة الأخيرة، قابلها تراجع في معدلات التضخم، لذلك شعر المواطن بتحسن حقيقي في الدخل، كما أن حملات الرعاية الصحية ساهمت في خفض إنفاق الأسرة على بند الصحة، بجانب دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير فرص العمل عبر المشروعات القومية الكبرى، التي ساعدت في توفير ما يقرب من 5 ملايين فرصة عمل.
وشدد «مدبولي» على العلاقة الوثيقة بين الفقر والزيادة السكانية، ففي عام 1999 كانت معدلات الفقر 16.7%، لكنها زادت إلى 29.7% في العام الحالي، وهو ما يقوض جميع جهود التنمية، ويقلل فرص الاستفادة من التنمية الحقيقية، ودلل على ذلك بزيادة معدلات الفقر مع ارتفاع أعداد أفراد الأسر، مؤكداً أن الزيادة السكانية قضية محورية، وتعمل الحكومة على إطلاق برنامج كبير لتقليل الزيادة السكانية.