في مشروع طموح لزيادة المسطحات الخضراء في شبه جزيرة سيناء، اعتبر الهولندي فان دير هوفين أن نجاح هذه الفكرة يعتمد بشكل أساسي على الطبيعة الجبلية وتيارات الرياح في منطقة سيناء، التي وصفها بأنها تشبه «مكنسة كهربائية» تجذب الهواء الرطب من البحر المتوسط وتدفعه نحو المحيط الهندي، وهو نفس الوصف الذي يتطابق مع ما يسميه الجغرافيون وخبراء المناخ بـ«التيارات النفاثة».

ففي فبراير من العام الماضي، عرض الشاب الهولندي، البالغ من العمر 41 عاماً، فكرة لإعادة تخضير شبه جزيرة سيناء خلال 20 عاماً، من خلال تغيير أنماط الطقس المحلي في سيناء، وتغيير اتجاه الرياح، لجلب المزيد من الأمطار، مما يعيد الغطاء الأخضر فوق سفوح الجبال وفي الوديان، واعتبر أن الفكرة، في حالة نجاحها، ستغير وجه الحياة، ليس في المنطقة فقط، وإنما في كوكب الأرض بالكامل، وفق ما جاء في مقترح مشروع مقدم إلى محافظة شمال سيناء.

وشرح «هوفين»، وهو أحد مؤسسي مشروع «صناع الطقس»، أو (Weather Makers)، الذي يعتمد على استخدام الهندسة الكيميائية في تغيير أنماط الطقس، أن طبيعة حركة تيارات الهواء في شبه جزيرة سيناء، التي تعمل بنفس فكرة عمل «المكنسة الكهربائية»، تقوم بجذب الهواء المشبع بالرطوبة القادم من الشمال، وتدفع به باتجاه الجنوب نحو البحر الأحمر والمحيط الهندي.

وأضاف أنه في أثناء مرور الكتل الهوائية بين قمم الجبال الباردة في سيناء، تفقد قدراً من الرطوبة، التي تهطل في شكل أمطار بمناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أما في حالة إعادة توجيه تيارات الهواء، فإن نسبة كبيرة من هذه الرطوبة ستتساقط في شكل أمطار على شبه جزيرة سيناء، وبالتالي تعمل على تحويل الصحراء الجافة إلى مناطق غابات رطبة غنية بالنباتات والحيوانات البرية.

وفي رسالتها لنيل درجة الماجستير، أشارت الباحثة زينب حسانين رزق، في قسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة، إلى أن شبه جزيرة سيناء تتميز بطبيعتها الصحراوية «الخشنة»، التي تقطعها الوديان العميقة المارة بين أعلى قمم جبلية، والتي يصل ارتفاع بعضها إلى ما يزيد على 2642 متراً فوق سطح البحر، في إشارة إلى جبل سانت كاترين في جنوب سيناء.

وأضافت الباحثة الجغرافية، في دراستها بعنوان «المناخ وأثاره البيئية في جنوب سيناء»، أن هذه الطبيعة الجبلية لها تأثير واضح على درجة الحرارة وتكون السحب وسقوط الأمطار، فالمناطق الجبلية الشاهقة تكون منخفضة الحرارة، وتتساقط عليها الثلوج في الشتاء، كما أن لهذه الجبال تأثير مباشر على تكون السحب الركامية، وسقوط الأمطار، والعواصف الرعدية.

ويطلق خبراء المناخ على حركة اندفاع الكتل الهوائية في طبقات الجو العليا بسرعات كبيرة، اسم «التيارات النفاثة»، وتختلف أنواع هذه التيارات باختلاف موقعها بالنسبة لمنطقة خط الاستواء، وكذلك باختلاف مستوى ارتفاعها عن سطح الأرض، وعادةً ما يندفع التيار النفاث في كتلة هوائية يمتد طولها إلى عدة آلاف من الكيلومترات، بينما تكون بعرض عدة مئات من الكيلومترات.

وأشارت الباحثة زينب حسانين، في دراستها، إلى أن شبه جزيرة سيناء تتأثر بعدد من التيارات النفاثة، التي تؤثر أيضاً على حالة الطقس في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا، ومنها التيار النفاث شبه المداري، والتيار النفاث القطبي، والتيار النفاث الاستوائي الشرقي، وعادةً ما تتراوح سرعة هذه التيارات بين 150 و300 كيلومتر في الساعة، وعلى ارتفاع بين 10 و12 كيلومتراً من سطح الأرض.