انطلقت قبل قليل فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نمواً، الذي يُعد فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة كل 10 سنوات، لتسريع التنمية المستدامة في المناطق الأكثر حاجة إلى المساعدة الدولية، والاستفادة من الإمكانات الكاملة لأقل البلدان نمواً، على نحو يساعدها على التقدم نحو الازدهار.

يجمع المؤتمر، الذي تستضيفه العاصمة القطرية الدوحة، في الفترة بين 5 و9 مارس 2023، العديد من قادة العالم مع ممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني والبرلمانيين والشباب، لطرح أفكار جديدة، والحصول على تعهدات جديدة بالدعم، وتحفيز الوفاء بالالتزامات المتفق عليها من خلال «برنامج عمل الدوحة»، الذي تم اعتماده في مارس من العام الماضي.

وفي كلمته الافتتاحية، أعلن أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عن تقديم مساهمة مالية بإجمالي 60 مليون دولار، يتم تخصيص مبلغ 10 ملايين دولار لدعم تنفيذ أنشطة برنامج عمل الدوحة لصالح أقل البلدان نمواً، ومبلغ 50 مليون دولار لدعم النتائج المرجوة من تنفيذ البرنامج، وبناء القدرة على الصمود في أقل البلدان نمواً.

وقال أمير قطر إن الدورة الخامسة من مؤتمر الأمم المتحدة لأقل البلدان نمواً، تحت شعار «من الإمكانات إلى الازدهار»، تأتي في ظل تحديات خطيرة يشهدها العالم، بسبب النزاعات الدولية الجديدة، مؤكداً أن هناك مسؤولية عالمية مشتركة في مواجهة تحديات الأمن الغذائي، والتغير المناخي، وأزمة الطاقة، وأن هناك مسؤولية أخلاقية واجبة على الدولة الغنية والمتقدمة، في أن تسهم في مساعدة الدول الأقل نمواُ.

وبينما دعا الشيخ تميم إلى «استحضار التحديات التي يشهدها العالم في الوقت الراهن، والتخطيط لمستقبل مشترك لشعوبنا»، فقد لفت إلى أنه سيتم عقد اجتماع خاص مع تركيا وسوريا، اللتين ما زالتا تعانيان من آثار الزلزال المدمر في 6 فبراير الماضي، وشدد على أنه «ليس هناك طريق لبناء عالم جديد أكثر أمناً وعدلاً وحرية لليوم والغد، سوى سبيل التضامن الدولي الإنساني».

من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، إلى ضرورة أن تعزز الدول المتقدمة دعمها للدول الأقل نمواً، لتساعدها على الصمود في وجه التغيرات المناخية، وشدد على ضرورة جعل الدول الأقل نمواً في صلب الاهتمام والأولويات، معتبراً أنها «عالقة في الفوضى المناخية، وغير قادرة على اللحاق بالتطور التكنولوجي»، مشيراً إلى أن نسبة الفائدة في الدول الأقل نمواً تفوق 8 مرات النسبة بالدول المتقدمة، نتيجة لما وصفه بـ«النظام المالي العالمي المنحاز»، كما أن 25 من اقتصادات الدول النامية تنفق أكثر من 20% لتوفير وتحمل تكاليف الديون.

وشدد «غوتيرش» على أن الدول الأقل نمواً بحاجة للدعم لتحقيق النمو، وإعطاء المرأة مكاناً في صنع القرار، بالإضافة إلى تطوير التعليم، داعياً إلى ضرورة إحداث ثورة في الدعم المقدم للبلدان الأقل نمواً في 3 مجالات، تشمل تقديم مساعدات فورية لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة، مع تقديم حزمة حوافز لأهداف التنمية المستدامة، مؤكداً أنه قد «آن الأوان أن تنفذ الدول المتقدمة التزاماتها باتجاه الدول الأقل نمواً، وإنهاء زمن الوعود الفارغة».

وكانت الممثلة السامية للأمم المتحدة لأقل البلدان نمواً والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية، رباب فاطمة، قد أكدت، في بيان تلقته «جسور 2030»، قبل قليل من انطلاق أعمال المؤتمر، الذي يستمر على مدار 5 أيام، أن «الكيفية التي نساعد بها الدول الأعضاء الأكثر ضعفاً خلال فترة الخطر، تمثل اختباراً أساسيا لفكرة ضمان عدم تخلف أحد عن ركب التقدم، ولالتزامنا العالمي بالتضامن والتعاون».

كما كشفت المندوبة الدائمة لجمهورية ملاوي لدى الأمم المتحدة ورئيسة مجموعة البلدان الأقل نمواً، أغنيس شيمبيري مولاندي، إن مؤتمر قطر سيشهد اقتراح عقد شراكات، وتعهدات بتنفيذ برنامج عمل الدوحة، الذي وصفته بأنه «يمثل خارجة طريق للمجتمع الدولي بأسره، لمساعدة أقل البلدان نمواً، على تحقيق التعافي المرن من الأزمات الحالية، وتسريع تقدمنا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة».

ويبلغ عدد البلدان الأقل نمواً 46 دولة، تضم نحو 14% من إجمالي سكان العالم، وتشارك بأقل من 1.3% من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي، ويعاني نحو نصف سكان هذه البلدان من عدم وجود إمدادات الطاقة الكهربائية، فيما يتمتع أقل من خمس السكان بإمكانية الوصول إلى الإنترنت، ووفق تقديرات الأمم المتحدة فإن هناك 16 دولة في طريقها للخروج من فئة البلدان الأقل نمواً، والاندماج في الاقتصاد العالمي بشكل كامل، كما تعتبر أن البلدان الأقل نمواً تشكل سوقاً متنامية ومراكز للتصنيع والخدمات.