دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى إبرام «ميثاق سلام» مع الطبيعة، بهدف تحسين حياة البشر على كوكب الأرض، سواء للأجيال الحالية أو المستقبلية، وذلك في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (COP15)، الذي بدأت أعماله اليوم الأربعاء في مدينة مونتريال بكندا.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة: «أمامنا مهمة ملحة لصنع السلام مع الطبيعة، لأننا اليوم غير متناغمين مع مقومات حياتنا على كوكب الأرض»، وأضاف أنه «يجب علينا أن نورث أطفالنا عالماً أفضل وأكثر اخضراراً وأكثر زرقة واستدامة»، مشيراً إلى أن مشكلات مثل إزالة الغابات والتصحر يؤديان إلى خلق أراض قاحلة من نظم إيكولوجية كانت مزدهرة في السابق.

ويضع مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، الذي يُعقد في مونتريال خلال الفترة من 7 إلى 19 ديسمبر الجاري، هدفاً رئيسياً على جدول أعماله يتمثل في اعتماد إطار عالمي للتنوع البيولوجي حتى عام 2030، بهدف توفير رؤية استراتيجية وخارطة طريق عالمية للحفظ والحماية والاستعادة والإدارة المستدامة للتنوع البيولوجي، والنظم الإيكولوجية للعقد القادم.

وأوضح جوتيريش أن مؤتمر (COP15) يمثل فرصة لتحقيق الانسجام مع الطبيعة، مشيراً إلى أن هناك 3 إجراءات ملموسة في سبيل إبرام ميثاق سلام مع الطبيعة، يتمثل الإجراء الأول في أنه يجب على الحكومات وضع خطط عمل وطنية جريئة عبر جميع الوزارات، من المالية والغذاء إلى الطاقة والبنية التحتية، بحيث تعيد هذه الخطط تقديم الإعانات والإعفاءات الضريبية، بعيداً عن الأنشطة المدمرة للطبيعة نحو حلول خضراء مثل الطاقة المتجددة، والحد من البلاستيك، وإنتاج الغذاء الصديق للطبيعة، واستخراج الموارد المستدامة.

يتمثل الإجراء الثاني في أنه يجب على القطاع الخاص أن يدرك أن الربح والحماية ينبغي أن يسيرا جنباً إلى جنب، خاصةً وأنه في ظل الاقتصاد العالمي، تعتمد الشركات والمستثمرون على الموارد الطبيعية في مختلف أنحاء العالم، ومن مصلحتها وضع الحماية أولاً، وهذا يعني أن الصناعة الغذائية والزراعية تتجه نحو الإنتاج المستدام والوسائل الطبيعية للتلقيح ومكافحة الآفات والتسميد، ويجب أن تكون الشركات والمستثمرون حلفاء للطبيعة وليسوا أعداء لها.

أما الإجراء الثالث فيتضمن دعوة الدول المتقدمة إلى أن تقدم دعماً مالياً جريئاً لبلدان الجنوب العالمي، باعتبارها أكبر مصادر الحماية للثروة الطبيعية، خاصةً وأن البلدان النامية لا يمكنها أن تتحمل العبء بمفردها، ويجب على المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف مواءمة محافظها مع حفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام.

وجاء في بيان مشترك عن مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والبيئة، ديفيد بويد، والمقرر المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ، إيان فراي، والمقرر المعني بحقوق الشعوب الأصلية، فرانسيسكو كالي تزاي، أن التنوع البيولوجي والنظم البيئية أساس الحياة، وجوهر التمتع بحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة والغذاء والماء والثقافة والبيئة الصحية.

وأشار البيان إلى أن الشعوب الأصلية، وغيرها من الشعوب التي تقوم ثقافاتها على الصلة الوثيقة مع الطبيعة، ومسؤوليات الإشراف البيئي، قد تضررت بشكل غير متناسب من ممارسات الحفظ الإقصائية، التي تهدد سبل العيش التقليدية، وممارسات إدارة الطبيعة، بينما تؤدي إلى الإضرار بالأمن الغذائي، والفرص التعليمية، وإمكانية الوصول إلى الأدوية التقليدية، ومياه الشرب المأمونة، والقدرة على الوصول إلى التراث الثقافي والروحي ونقله.

ونظراً لانتهاء العمل بالإطار العالمي للتنوع البيولوجي للفترة بين 2011 و2020، أعلنت سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي المسودة الرسمية الأولى للإطار العالمي الجديد حتى 2030، وكان من المقرر أن يتم اعتماده خلال مؤتمر (COP-15) في الصين، في أكتوبر 2021، إلا أنه تم تأجيل إقرار الإطار العالمي الجديد للجزء الثاني من مؤتمر الأطراف في مونتريال بدولة كندا.

مؤتمر (COP-15) كان من المفترض عقده في «كونمينج»، عاصمة مقاطعة «يونان» بالصين، في عام 2020، ولكن تم تأجيله عدة مرات بسبب تفشي جائحة كورونا، إلى أن تم تقسيم المؤتمر لاحقاً إلى جزأين، عُقد الأول في «كونمينج»، خلال أكتوبر 2021، بحيث يتم عقد الجزء الثاني في مونتريال، وبالفعل تم الإعلان عن عقده في المدينة الكندية خلال الفتر