دول الجنوب تعتبر الاتفاق «إهانة» لجهود مكافحة أزمة المناخ.. و«غوتيريش»: يوفر أساساً للبناء عليه

اختتمت الدورة الـ29 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP 29»، أعمالها في العاصمة الأذربيجانية باكو، في وقت مبكر من صباح الأحد، باتفاق تعهدت فيه الدول الغنية بتقديم استثمارات بقيمة 300 مليار دولار على الأقل سنوياً، لمكافحة تغير المناخ، بحلول عام 2035، وهو الاتفاق الذي وصفته الدول النامية، التي كانت تسعى للتوصل إلى اتفاق يتضمن تمويلا بأكثر من تريليون دولار، بأنه «إهانة» لجهود العمل المناخي، كما اعتبرت بأنه «فشل جديد» في توفير الدعم الضروري لمحاربة أزمة المناخ.

وعبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن خيبة أمله من نتائج مؤتمر المناخ، وقال إنه كان يأمل في أن يخرج المؤتمر باتفاق أكثر طموحاً، بشأن التمويل، وتخفيف آثار تغير المناخ، «ليرتقي إلى نطاق التحدي الذي نواجهه»، إلا أنه قال إن «الاتفاق الحالي يوفر أساساً للبناء عليه»، مشيراً إلى أن المؤتمر عُقد في نهاية عام قاس، شهد أرقاماً قياسية في درجات الحرارة، وكوارث مناخية، فيما يتواصل انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وشدد على أن «الدول النامية الغارقة في الديون، والتي ضربتها الكوارث، وتخلفت عن ثورة الطاقة المتجددة، في حاجة ماسة للتمويل».

وأقر «غوتيريش» بأن «المفاوضات التي جرت في المؤتمر، كانت معقدة، في ظل مشهد جيوسياسى غير واضح ومنقسم»، وأكد على عدة نقاط أولها يجب على البلدان تقديم خطط عمل مناخية وطنية جديدة على مستوى الاقتصاد، تتوافق مع حد ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة، قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثلاثين العام المقبل، وشدد على ضرورة أن تتولى مجموعة العشرين، التي تمثل أكبر الدول المسببة للانبعاثات، زمام القيادة، وقال إن هذه الخطط الجديدة يجب أن تغطي جميع الانبعاثات والاقتصاد بأكمله، وتُعجل بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وأضاف في هذا الصدد أن «نهاية عصر الوقود الأحفوري حتمية اقتصادية، يجب أن تعمل الخطط الوطنية الجديدة على تسريع التحول، والمساعدة في ضمان أن يتحقق ذلك بعدالة».

كما شدد الأمين العام للأمم المتحدة على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة للوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها في «ميثاق المستقبل»، خاصةً فيما يتعلق بالعمل الفعال بشأن الديون، وزيادة التمويل الميسر وقدرة الإقراض للبنوك الإنمائية متعددة الأطراف، بشكل كبير، وأنهى كلمته موجها حديثه إلى المندوبين والشباب وممثلي المجتمع المدني، الذين جاءوا إلى باكو لدفع أطراف الاتفاقية إلى تحقيق أقصى قدر من الطموح والعدالة، قائلاً لهم: «استمروا في العمل، الأمم المتحدة معكم، وكفاحنا مستمر، ولن نستسلم أبداً».

من جانبه، قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، في ختام مؤتمر الأطراف «COP 29»، إن «هذا الهدف المالي الجديد هو بمثابة بوليصة تأمين للبشرية، وسط تفاقم التأثيرات المناخية التي تضرب كل البلدان، ولكن مثل أي بوليصة تأمين، يمكن استعمالها فقط، إذا تم دفع الأقساط بالكامل، وفي الوقت المناسب، لذا  يجب الوفاء بالوعود لحماية أرواح المليارات»، وأضاف أن هذه الصفقة ستحافظ على دعم ازدهار الطاقة النظيفة، مما يساعد جميع البلدان على الاستفادة من فوائدها الجمة، والتي تتضمن المزيد من الوظائف، والنمو، وطاقة أرخص وأنظف للجميع.

وعن نتائج المؤتمر، قال «ستيل» إنه في مؤتمر الأطراف السابق «COP 28»، الذي عقد العام الماضي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وافق العالم على زيادة مصادر الطاقة المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف، وفي مؤتمر الأطراف «COP 29»، تم زيادة التمويل المناخي بمقدار ثلاثة أضعاف، مشيراً إلى أن هناك اتفاق بين كافة الأطراف على حشد المزيد، وأضاف: «في مؤتمر COP 28، وافق العالم على تعزيز المرونة المناخية، وسيساعد مؤتمر COP 29 في توفير التمويل الحقيقي اللازم لحماية من هم على الخطوط الأمامية، وخاصة الأكثر ضعفاً»، كما توصل مؤتمر «COP 29» إلى اتفاق عالمي بشأن أسواق الكربون، بعد ما يقرب من عقد من العمل الشاق.

كما أعربت منظمة «غرينبيس» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن قلقها البالغ إزاء ذلك الاتفاق الذي وصفته بأنه «مخيب للآمال للغاية»، ولا يرتقي إلى مستوى معالجة الحاجة الملحة للأزمة المناخية، مما يترك الدول المستضعفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وغيرها من دول الجنوب العالمي، تتصارع مع أزمة مناخية متصاعدة، في حين تعجز الدول المتقدمة الغنية عن تحمل مسؤولياتها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة، غوي نكت، في بيان حصلت «جسور 2030» على نسخة منه: «تمثل هذه النتيجة خيبة أمل عميقة للملايين، الذين يعيشون على الخطوط الأمامية لتأثيرات المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول الجنوب العالمي، ورغم أهمية وعود تمويل المناخ، فإن الالتزامات الضعيفة في مؤتمر المناخ 29 لا تلبي الاحتياجات الفورية أو طويلة الأجل لمجتمعاتنا»، وأضافت أن «الهدف المعلن بتوفير 300 مليار دولار سنوياً، بحلول عام 2035، بعيد جداً عما هو مطلوب، وخاصةً عند احتساب قيمة التضخم، كما يفتقر الهدف الى الوضوح فيما يتعلّق بنوعية التمويل المقترح، مما يثير مخاوف من احتمال الاعتماد على القروض بدلاً من المنح، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على الدول المستضعفة».

وتابعت «نكت» بقولها: «تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبئاً مزدوجاً، يتمثل في تفاقم آثار المناخ، وندرة الموارد اللازمة للتكيف وتعزيز القدرة على الصمود»، وأكدت أن مؤتمر الأطراف 29 أظهر مرة أخرى أن أولويات دول الشمال العالمي لا تتماشى مع الاحتياجات الملحة لدول الجنوب، واعتبرت أن «هذا ليس مجرد عجز مالي، بل هو فشل أخلاقي»، واختتمت البيان بقولها إن «عدم إعطاء الأولوية للعدالة والمساواة، يترك منطقتنا تتحمل تبعات أزمة لم تكن سبباً فيها».