تُعتبر مصر من أقل دول العالم إسهاماً في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بنسبة لا تتجاوز 0.6% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وعلى الرغم من ذلك، تُعد من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية، والتي تلقي بتداعياتها على العديد من القطاعات الاقتصادية، بل وعلى الحياة اليومية بشكل عام في مختلف أنحاء مصر، من أسوان جنوباً إلى الإسكندرية شمالاً، ومن العريش شرقاً حتى السلوم غرباً.
يرصد هذا التقرير، الذي يأتي ضمن أنشطة مبادرة «بلدنا تستضيف قمة المناخ الـ27»، أبرز 9 مخاطر تتعرض لها مصر نتيجة التغيرات المناخية، وفق ما ورد في الإبلاغ الوطني الأخير حول حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وبحسب ما جاء في تقرير صدر مؤخراً عن وزارة البيئة، ممثلة في جهاز شؤون البيئة.
وقد وضعت مبادرة «بلدنا تستضيف قمة المناخ الـ27»، التي أطلقتها جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة، برئاسة الدكتور عماد الدين عدلي، استعداداً لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP-27)، في شرم الشيخ، خلال شهر نوفمبر المقبل، هذه المخاطر على رأس أولويات عمل المنصات المحلية للمبادرة، التي جرى تشكيلها في مختلف محافظات مصر، وتتضمن هذه المخاطر:
1- تأثير زيادة أو انخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية على مناحي الحياة في مصر، حيث سجلت العديد من المنظمات الدولية أن عام 2016 هو الأعلى حرارة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
2- ارتفاع منسوب مستوى البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية، حيث أنه من المتوقع زيادة مستوى سطح البحر بمقدار 100 سنتيمتر حتى عام 2100، مما سيؤدى إلى دخول المياه المالحة على الجوفية وتلوثها، وتملح التربة، وتدهور جودة المحاصيل، وفقدان الإنتاجية.
3- زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة، مثل العواصف الترابية، وموجات الحرارة والسيول، وتناقص هطول الأمطار، حيث باتت مصر تشهد ظواهر مناخية أكثر تطرفاً على مدار فصول العام، من حيث موجات الحرارة الشديدة صيفاً، وموجات البرودة والصقيع وكميات الأمطار شتاءً، نتيجة للتغيرات المناخية.
4- زيادة معدلات التصحر، حيث تقع مصر في الإقليم المداري الجاف، فيما عدا الأطراف الشمالية، التي تدخل في المنطقة المعتدلة الدافئة، التي تتمتع بمناخ شبيه بإقليم البحر المتوسط، الذي يتسم بالحرارة والجفاف في اشهر الصيف، وبالاعتدال في الشتاء، مع سقوط أمطار قليلة تتزايد على الساحل.
5- تدهور الإنتاج الزراعى وتأثر الأمن الغذائي، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وقلة معدلات الأمطار إلى موجات طويلة من الجفاف، وتدهور الأراضي الزراعية، كما أن الرياح الشديدة تجرف الكسبان الرملية إلى الأراضي الزراعية والرعوية، الأمر الذي يقضي على الغطاء النباتي، وعلى الكائنات التي تتغذى على هذه النباتات، ويهدد التنوع البيولوجي والتوازن الإيكولوجي.
6- زيادة معدلات شح المياه، حيث تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية، حيث تُعد مصر من أكثر دول العالم معاناة من الشح المائي، نتيجة اتساع الفجوة بين الموارد والاحتياجات المائية، وبينما تُقدر موارد مصر المائية بحوالي 60 مليار متر مكعب سنوياً، معظمها يأتي من مياه نهر النيل، يصل إجمالي الاحتياجات المائية إلى ما يزيد على 114 مليار متر مكعب سنوياً.
7- يؤثر تغير المناخ على نمط الأمطار فى حوض النيل، ومعدلات البخر بالمجاري المائية، وخاصة بالأراضي الرطبة، حيث حذرت دراسة لجامعة أسيوط من أن تغير المناخ سيؤدي إلى احتمال نقص موارد مياه النيل بدرجة قد تصل إلى الخطورة الشديدة، نتيجة اختلال توزيع أحزمة المطر، وارتفاع تركيز الأملاح في مياه الري، مع ارتفاع منسوب المياه الجوفية إلى حد حرجة.
8- تدهور الصحة العامة، حيث تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند حدوث عواصف أو فيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، وبشكل غير مباشر من خلال التغيرات الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات، كما أن مصر معرضة، بسبب ارتفاع درجة حرارتها الزائد عن معدلاتها الطبيعية، لانتشار أمراض النواقل الحشرية، مثل الملاريا، والتهاب الغدد الليمفاوية، وحمى الضنك، وحمى الوادي المتصدع.
9- تدهور السياحة البيئية، حيث من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تآكل السواحل المصرية، وقد تتأثر الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، وتؤدى الضغوط البيئية إلى زيادة ابيضاضها، كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية، التي تمثل أحد المقومات الرئيسية للقطاع السياحي في مصر.