ارتفاع حالات «كورونا» في شرق المتوسط وسط انخفاض معدلات التغطية باللقاحات

 كشفت منظمة الصحة العالمية عن أن الحالات والوفيات الناتجة عن فيروس «كوفيد-19» عاودت الارتفاع في جميع أنحاء العالم، خلال الأسبوع الأخير من شهر يوليو الماضي، ويرجع ذلك في الغالب إلى «متغير دلتا»، الذي يتميز بأنه «شديد العدوى»، والذي تم رصد انتشاره في أكثر من 132 دولة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، خلال مؤتمره الدوري حول تطورات جائحة فيروس كورونا المستجد هذا الأسبوع، إنه تم الإبلاغ عما يقرب من 4 ملايين حالة في جميع أنحاء العالم الأسبوع الماضي إلى منظمة الصحة العالمية.

وتتوقع الوكالة الأممية أن يتجاوز العدد الإجمالي للحالات 200 مليون حالة في الأسبوعين المقبلين، حيث أقر مدير المنظمة بحقيقة أن أعداد الإصابات الحقيقية أعلى بكثير من عدد الحالات التي يتم الإبلاغ عنها، بقوله: «نحن نعلم أن هذا أقل من الواقع».

وانتشرت العدوى بـ«متغير دلتا» الجديد في كل منطقة من مناطق العالم، بل وصلت زيادة بعضها إلى 80% في الشهر الماضي، كما ارتفعت الوفيات في أفريقيا بنسبة 80% خلال نفس الفترة، وفق ما أكد المسؤول الأممي خلال المؤتمر الصحفي.

مكاسب بشق الأنفس معرضة للخطر

وألقى الدكتور تيدروس باللوم في ارتفاع الحالات على زيادة الاختلاط الاجتماعي والتنقل، والاستخدام غير المتسق للصحة العامة والتدابير الاجتماعية، والاستخدام غير المنصف للقاح، وقال إن «المكاسب التي تحققت بشق الأنفس»، معرضة للخطر أو ستضيع، وأن النظم الصحية تعاني بشكل متزايد من الإجهاد.

وجددت منظمة الصحة العالمية تحذيراتها من أن فيروس «كوفيد-19» قد تغير منذ أن تم الإبلاغ عنه لأول مرة، ولا يزال يتغير، وشددت على أنه «حتى الآن، ظهرت أربعة أنواع مختلفة مثيرة للقلق، وسيظهر المزيد من السلالات، طالما استمر الفيروس في الانتشار».

قدرة أعلى على الالتصاق بأجسام البشر

وأوضحت الدكتورة ماريا فان كيرخوف، اخصائية الأوبئة ورئيسة الفريق التقني المعني بـ«كوفيد-19» في منظمة الصحة العالمية، أن «متغير دلتا» يحتوي على طفرات معينة تسمح للفيروس بالالتصاق بالخلايا البشرية بسهولة أكبر، وأن الخبراء يرون أنه لدى الأفراد المصابين أحمال فيروسية أعلى.

ووصفت اخصائية الأوبئة «متغير دلتا» الجديد، بأنه «أكثر الفيروسات خطورة، ومن أكثرها قابلية للانتقال حتى الآن»، مشيرةً إلى أن هناك بعض الدراسات المختبرية، التي تشير إلى أن هناك زيادة في التكرار في بعض أنظمة مجرى الهواء البشري النموذجية.

اللقاحات تقلل فرص انتقال «متغير دلتا»

وعما إذا المتحور الجديد يُعد أكثر فتكاً من السلالات الأخرى، أوضحت الدكتورة فان كيرخوف أنه كانت هناك زيادة في حالات دخول المستشفى في بعض البلدان المتأثرة بالمتغير، «لكننا لم نشهد بعد زيادة في معدل الوفيات»، بحسب قولها.

وذكرت خبيرة منظمة الصحة العالمية أنه على الرغم من وجود بعض البيانات التي تشير إلى أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم يمكن أن يصابوا وينقلوا المتغير، فإن الاحتمالية تقل كثيراً بعد إعطاء الجرعة الثانية ووصولها إلى الفعالية الكاملة.

وأوضحت أن «متغير دلتا» لا يستهدف اليافعين على وجه التحديد، كما أشارت بعض التقارير، لكنها حذرت من أنه طالما تنتشر المتغيرات، فإنها ستصيب أي شخص لا يتخذ الاحتياطات المناسبة.

تغير مستمر لزيادة الانتقال

وبحسب رئيسة الفريق التقني المعني بـ«كوفيد-19» في منظمة الصحة العالمية، فإنه من مصلحة الفيروس أن يتطور بصورة مستمرة، وأوضحت أن الفيروسات ليست على قيد الحياة، وليس لديها دماغ للتفكير في هذا الأمر، لكنها تصبح أفضل كلما زاد انتشارها، لذلك من المحتمل أن يصبح الفيروس أكثر قابلية للانتقال، لأن هذا هو ما تفعله الفيروسات.

وأضافت: «علينا أن نفعل ما في وسعنا لخفض انتشاره»، وأعادت التأكيد على أن الصحة العامة والتدابير الاجتماعية تعمل ضد «متغير دلتا»، وأن اللقاحات تمنع الإصابة بالمرض والوفاة.

ومن جانبه، قال الدكتور مايكل راين، المدير التنفيذي لحالات الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، إنه حتى مع زيادة سرعة الفيروس وتطوره، فإن «خطة اللعب لا تتغير، ولكن يجب تنفيذها بشكل أكثر كفاءة»، وأوضح أن «متغير دلتا هو تحذير من أن هذا الفيروس يتطور، لكنه أيضاً دعوة للعمل قبل ظهور متغيرات أكثر خطورة».

«متغير دلتا» يجتاح دول شرق المتوسط

وبالنسبة لوضع «متغير دلتا» في إقليم شرق المتوسط، أكد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أن انتشار السلالة الجديدة تسبب في زيادة حالات الإصابة، وكذلك في أعداد الوفيات الناجمة عنه، في عدد متزايد من دول الإقليم، حيث تم الإبلاغ عن ظهور «متغير دلتا» في 15 من أصل 22 بلداً في الإقليم.

وسجل إقليم شرق المتوسط ارتفاعاً كبيراً في عدد حالات الإصابة بـ«كوفيد-19» والوفيات الناجمة عنه خلال الشهر الماضي، خاصةً في كل من إيران والعراق وتونس وليبيا، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 310 آلاف إصابة، و3500 وفاة جديدة أسبوعياً في المتوسط، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 55% في أعداد الإصابات، و15% في أعداد الوفيات، مقارنةً بالشهر السابق.

الموجة الرابعة قد تكون الأخيرة

وقال الدكتور أحمد بن سالم المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، إن «الانتشار السريع لمتحور دلتا يدعو إلى القلق البالغ»، مشيراً إلى أن معظم حالات الإصابة الجديدة والمرضى المحتجزين في المستشفيات من غير الحاصلين على اللقاح.

وتابع بقوله: «ونحن الآن في الموجة الرابعة من جائحة كوفيد-19، سنحرص على أن تكون هذه هي الموجة الأخيرة، من خلال التطبيق الفعال لجميع التدابير الصحية العامة والاجتماعية».

وسجل إقليم شرق المتوسط، منذ الموجة الأولى للجائحة وحتى الآن، أكثر من 12.3 مليون حالة إصابة بفيروس «كوفيد-19»، ونحو 233 ألف و88 حالة وفاة.

وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن زيادة قدرة السلالات الجديدة على الانتقال، وزيادة الاختلاط، وضعف إنفاذ تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية والالتزام بها، وعدم الإنصاف في توزيع اللقاحات، كل ذلك يسمح لـ«كوفيد-19» بمواصلة الانتشار بين الناس، وحصد المزيد من الأرواح.